2006/11/26

حرب اهلية .. يقولون


حرب اهلية .. يعني حرب بين "الاهل".. حرب في الداخل وبين عناصر الداخل وهي بالتالي حرب الداخل .. وهذا الوصف وان كان يحمل بعض الصحة ولكنه وصف ناقص.

انظروا الى كل الحروب الاهلية ستجدون دائما ان الخارج موجود في الداخل وفي "حروب الداخل".. من الحرب الاهلية الاسبانية ، الاشهر بين حروب العصر الاهلية ..مرورا بحرب لبنان الاهلية (التي تهدد بالاشتعال مجددا اليوم) .. وانتهاءً بما يحصل في العراق اليوم .. الخارج هو عنصر مهم في هذه الحروب التي لازالت تسمى اهلية.. اي بين الاهل .. بين الداخل .. وهذا لايعني ان الداخل ليس له حصته من المسؤولية .

في "السياسة" الداخل مرتبط بالخارج .. والخارج يؤثر بالداخل .. وهذا ينطبق بشكل اكبر على منطقتنا وعلى عراقنا ..عندنا هشاشة بنيوية مخيفة .. هشاشة نظام مناعتنا الداخلي يسهل من فعالية "الفايروسات" الخارجية .. هشاشة الداخل تضاعف من قوة الخارج والعكس صحيح تقريبا.

ربما سمعتم قبل ايام نصيحة كيسنجر لبوش في ان يدخل في نقاش مع ايران وسوريا من اجل ايجاد حل لما يحصل في العراق .. و تعرفون ان كل مخابرات المنطقة والدول الكبرى تسرح وتمرح في العراق .. ويقولون لنا حربا اهلية .. يريدونها كذلك.


تعبير الحرب الاهلية هو تعبير شائع وهو ككل التعبيرات الشائعة .. بسيط .. من هنا سبب شيوعه .. وهذه البساطة غالبا ما تُغيّب المعقد .. وفهم المعقد هو احد شروط حل مشاكلنا المستفحلة .. فهم المعقد هو احد شروط تحييد الشعارات التي تغتالنا وتغتال العراق.

طغيان الشعارات على "نقاشنا" السياسي هو احد اسباب ازمتنا .. من يحكم بلدا بالشعارات يقتل هذا البلد .. كل مرة شعارات .. وكل مرة موت .. عدم تحررنا من اسلوب الشعارات راجع الى كوننا مسجونين في كلماتنا .. ندافع عن نرجسياتنا ونخسر انفسنا .. ندافع عن الشعارات ونقتل "اطفالنا" .. ندافع عن الهويات الضيقة ونخسر انسانيتنا.

كلما "استهلكنا" كلمات وشعارات الساسة .. كما "سلعهم الاخرى" لانهم تجار جرح .. بدون قراءة "تاريخ صلاحية" سلعهم .. فهناك خطر تسمم ينتظرنا .. الاعراض التي امامنا تشير الى تسمم مخيف "للنفوس".. كلنا نشخص التسمم .. ولا احد يريد الاعتراف بمسؤوليته في ذلك .. لا نفهم اسباب التسمم .. لا نريد مواجهته كتسمم .. لا احد سيعطينا دواء ناجع، ذلك
ان "اطبائنا" دجالون .. اترك لمخيلتكم النتيجة.

2006/11/19

مثلك انت هل يموت ؟




حياة انت هل تموت
تموت الارض ولا تموت
رمز انت لا يموت
عراق انت لا يموت
مثلك انت لا يموت

2006/11/17

Spiritual Voices



الحرب قذرة .. من اول طلقة الى اخر طلقة .. ليس هناك غير الدم والتراب والخوف .. ليس هناك سوى القبح.

هكذا يصف المخرج الروسي الكسندر سوكوروف الحرب .. فلمه "اصوات روحية".. كاميرا تصور فقط .. كاميرا "غير مبالية"..كاميرا فقط .. بلا صراخ وشعارات زائفة .. كاميرا تدور على وجوه جنود روس منسيين على تخوم افغانستان .. كاميرا تصور خلال ستة اشهر عبثية "اللاحياة" العسكرية .. فقط اصوات الجنود المبهمة ككل الجنود .. رتابة وجوههم .. دخان سكائرهم .. صمتهم .. خوفهم اثناء المعركة من عدو بلا وجه .. كاميرا ووجوه فقدت ملامحها .. وجوه بلا هوية تقاتل من اجل سياسات وهويات مفبركة .
الحرب .. جنود بلا اصوات .. ارواح تشكو بصمت.


Spiritual Voices, by Alexander Sokurov

2006/11/12

بغداد التي ارادوها غنيمة .. رامسفيلد والاربعين حرامي


هذه الصورة لـِ رامسفيلد في اول زيارة له بعد الاحتلال.. بالتحديد منتصف الشهر الثاني من الاحتلال .. هي لمن يتمعن في تفاصيلها ذات دلالة عميقة عن العبث الأمريكي بممتلكات العراق .. وعن ما آلت اليه الامور في بغداد التي استباحوا.. وزير الدفاع الامريكي يوقع لجندية امريكية قادمة من ميسوري او اوكلاهوما، سرقت ، قلعا وتدميرا، هذه اللوحة المرورية التي تشير الى بغداد ..ارادوها غنيمة وعاملوها كغنيمة ويحكمونها كغنيمة.. هل يبني لص دارا يسرقها!! نعم هو لص هذا " العلي بابا" الامريكي .. سنسمي هذا الفصل من حكايتنا : رامسفيلد والاربعين حرامي.

جوهر السياسة الامريكية في العراق نجدة في هذة الصورة.. سواء اكان مخطط لها ام لا .. في كلا الحالتين "الامبراطورية" مذنبة .. وقائد حاميتها في العراق، هذا الحرامي، هو مذنب .. هم يلفظوه الان في سلة مهملات التاريخ .. باي باي حرامي .. الى مزبلة التاريخ .. حتى مزبلة التاريخ كثيرة بحقك.

ذهب الحرامي .. وهناك " اربعون" لازالوا يسرقون قوت العجائز والاطفال .. اي عار .. التاريخ سيلفظهم واحدا بعد الاخر.. وستبقى بغداد .. كما فعلت بعد هولاكو .. مدن كبغداد لا تموت .. كالعنقاء الفينيق .. رماد وانبعاث .. ومن هنا جلالها.

2006/11/11

هل"القاعدة" بلا قاعدة في العراق؟

كاريكاتير كلاي بينيت

قبل اسابيع سمعنا عن اعلان مشروع امارة سنية في العراق.. قبل ايام نسمع اعلان " تنظيم «القاعدة» تأسيس «وزارة الاعلام» لدولة العراق الاسلامية" .. لا تعرف هل تضحك ام تبكي!!


بعض المعلقين الغربيين والعراقيين يعتقدون ان منظمة القاعدة لاتمتلك قاعدة في العراق.. هم يستندون في ذلك الى كون سنة العراق هم من الحنفية والشافعية .. وبما ان هاتين المدرستين ـ وخصوصا الحنفية ـ تتميزان بتسامح وانفتاح لا يتناسب مع تشدد وانغلاق القاعدة الوهابي .. فليس هناك قاعدة شعبية للقاعدة في العراق.. هناك ايضا ،بالمناسبة ، اعتقاد سائد لدى الشيعة العراقيين مفاده ان تسامح الحنفية راجع الى كون الامام ابو حنيفة كان قد اخذ دروسا على يد الامام جعفر الصادق .. لابأس اذا كان هذا الاعتقاد يساعد على تعايش مجتمعي .. ولكنه لايصمد خمس دقائق ونصف امام تحليل سوسيولوجي ـ تاريخي.

كِلا الاعتقادان يتضمن فهم سطحي قائم على منظور فكري بحت للظاهرة.. بمعنى بما ان فكر فلان هو كذا او انه اخذ من فكر الامام فلان .. فاذا تصرفه سيكون ازليا كذا.. هذا الطرح ناقص لانه يغلب الفكر على الواقع ويغيب الاطار التاريخي/الحياتي المعاش الذي انتج الفكر.

الحنفية كفكر منفتح وممارسة متسامحة هي وليدة واقع معين، وظروف تاريخية محددة .. ابو حنيفه عاش في زمن صعود الدولة الاسلامية.. عاش ،درس ، ودرّس ، في العراق الذي كان انذاك بوتقة ثقافية واثنية وفي طريقه لكي يصبح مركز العالم .. فكر ابو حنيفه ( والاهم سوسيولوجيا فكر تلامذته وشُراحه) نما، تأثر، تسامح وحتما تفاوض ضمنيا مع ضرورات دولة كوزموبوليتانية فتحت نصف العالم.


انظر الان لفكر ابن تيمية .. انه فكر ضدي .. لماذا؟ لانه نتاج ظروف الغزو المغولي وسقوط الدولة " الاسلامية.. انه وليد ظروف الهزيمة ، الاحساس بالضعف ، الخوف ، وبالضرورة الرغبة بالثأر والانتقام .. لا غرابة ان التيارات الاسلامية المتشددة المعاصرة تستقي من ابن تيمية اغلب نصوصها.

انا ايضا احب ان اراهن على تسامح الحنفية وانفتاحها الرائع على العصر.. ولكنني اعرف ان السلوك البشري محدد بظرفية تاريخية لا تصمد الافكار تجاهها طويلا .. عندما تقهر انسان فانك ستحولة الى الة انتقام ..عندما يتحول الواقع الحياتي الى "جهنم" .. تصبح الهوية مطاطية : الشيعي اصبح شيوعيا عندما قهره تحالف السيد (ابو عمامة) مع الاقطاعي في خمسينيات القرن الماضي .. والحنفي في الاعظمية قد يتحول الى وهابي عندما يواجه محاولات الاذلال الامريكية والهاونات الشيعية المرسلة من الكريعات.

2006/11/05

وجهة نظر علائقية .. Un point de vue relationnel


عندما تدخل الدبابة قاعة المحكمة : كاريكاتير للسويسري شابات

من يجد انني امارس الارهاب الفكري باستخدامي لمفردة العلائقية .. عليه ان يستمع للمرأة العراقية الشيعية في فيلم الدكتور العراقي عن مستشفى اليرموك التي كانت تصرخ وتتمنى عودة صدام .. ما تقوله هذه المرأة العراقية هو "وجهة نظر علائقية".. لقد تحول صدام في نظرها من دكتاتور الى حاكم يوفرالامن الكافي على الاقل لكي تذهب للسوق وتعود لاولادها بسلام .. تغيُّر تفاصيل الحياة جعلها تُغيّر رأيها في صدام.

فحوى مفهوم العلائقية هو ان الاشياء تأخذ معانيها علاقاتيا .. غيّروا التفاصيل داخل حقل علاقات ما .. الشيء اوالشخص سيأخذ معنى اخر، قيمة اخرى.

تخيلوا ثلاثة رجال يصوبون بنادقهم تجاه شخص اعْزل .. اي عار .. تخيلوا الان فصيل اعدام يصوب بنادقه تجاه بضعة رجال عُزّل .. لا تستطيعون !؟ اذا شاهدوا لوحة "الثالث من ايار" للفنان غويا .. همجية .. حسناً تعالوا الان وتخيلوا شخصا امام دبابة .. كيف ننسى ذلك الجسد النحيل للمتظاهر الصيني امام الدبابة .. ايا من كان امام الدبابة .. نتعاطف دائما مع الجسد النحيل امام دبابة .