2008/10/15

شخابيط بقلم "احمر" باهت


يقال انه "قيادي" شيوعي عمل في الفرات الأوسط ذات عراق .. وهو اليوم ينشر كتاب ليقوم بمراجعة نقدية لتجربته الحزبية .. تستوقفني فقرة في "مراجعة" هذا "الرفيق" جاءت ضمن مقال يستعرض كتابه هذا في الحياة : «لقد أتاحت ثورة الرابع عشر من تموز إمكانات كبيرة أمام الحزب من بينها الدعوة لإشاعة الديمقراطية في البلاد وإنهاء حكم الفرد وحال الطوارئ وإلغاء المحاكم العسكرية في البلاد وجعل هذه المهمة لها الأولوية. وكان هذا بالطبع يتطلب أن تمارس هذه الديمقراطية في صفوف الحزب الشيوعي أولاً وبعد الثورة مباشرة وذلك من طريق عقد مؤتمره وانتخاب قيادته بدلاً من اللجوء إلى أسلوب التقديمات إلى القيادة والتي أثبتت الوقائع بأنها كانت البلاء على الحزب وانعكس تأثيرها السلبي على مسيرة الشعب والحركة الوطنية»" .. انتهى

لا جديد .. نحن هنا امام نفس الاسطوانة المعروفة في "المحكية" الشيوعية العراقية والتي استخدمها حتى من كانوا "قيادات" داخل تلك "القيادات".. بمعنى شخصنة المشكلة بما يؤدي الى ان كل شيوعي يرمي بالمسؤولية على الاخر "الفوقي" .. لم لا.. جيل " نفذ ثم ناقش" يمارس اليوم " النقد والنقد الذاتي" .. خصوصا بعد ان ربط الحزب الشيوعي العراقي "مطرقته ومنجله " بمؤخرة "همر" العم سام !! من "فلتسقط الامبريالية" ايام الاحتلال البريطاني الى "فلتحيا الديمقراطية الامريكية".. الاجترار واحد .. اذهب وحاول ان تقرأ ما بين السطور لماذا كان الاحتلال في السابق "امبريالية" واليوم "ديمقراطية !



ولكن ما "يصفع" الانتباه في جملة "الرفيق" يكمن في مكان اخر .. في جملة "الرفيق" هناك شيئان اسمعهما للمرة لاولى في حياتي .. "المعلومة" الاولى هي ان عراق ما قبل "ثورة" تموز 1958 كان يعيش تحت نظام "حكم الفرد"!! اما "المعلومة" الثانية فهي ان "اشاعة الديمقراطية في البلاد" كانت من بين اولويات الحزب الشيوعي العراقي .. "ماركس ابو دشداشة" معروف بفضفاضية مصطلحاته .. وهو مشهور بقابليته على اجترار المفردات بميكانيكة يحسد عليها .. ولكن "الرفيق" هنا يذهب الى فضاءات ضحالة غير مكتشفة سابقا !! فعبارة "انهاء حكم الفرد" في جملة هذا "الرفيق" تنتمي الى ما يسمى بالمضحك المبكي .. خصوصا اذا علمنا ان "رفيقنا" هذا القادم من الفرات الاوسط لم "يتحرر" من سلطة وسياط الشيخ إلا بفضل قيام الدولة العراقية التي نهض بها رجالات الملكية .. ناهيك عن ان شوارع بغداد لم تعرف قبل الشيوعيين شعارات من مثل " ماكو زعيم إلا كريم !

مذهل ان هذا "الرفيق" ما زال وبعد كل تلك العقود يجتر "هوسات" حزبه .. ومذهل انه ما زال يغط في فهم "شعاراتي" للتاريخ العراقي مما يجعله ينعت نظام الحكم في عراق ما قبل تموز 1958 بـ "حكم الفرد" .. فـ "حكم الفرد" هو نظام انتجته الانظمة التوتاليتارية .. الفاشية منها والشيوعية .. ونموذجه الأكمل هو نظام ستالين .. وشرط الامكانية لمثل هكذا نظام هو جهاز بوليس اخطبوطي .. والعراق الملكي لم يكن يمتلك مؤسسة أمنية بهذا الحجم بسبب حداثة مؤسسات الدولة العراقية وضعف بنيتها انذاك .. ولو كان في العراق الملكي "حكم فرد" لما استطاعت كتيبة جنود احتلال قصر الرحاب وقتل العائلة المالكة !

اما "سالفة" ان الحزب الشيوعي العراقي كان يمكن ان يكون واسطة لإشاعة الديمقراطية في العراق .. فهذه و"رب الكرملين" نكتة .. هي حتى نكتة قادرة على تحريك شوارب ستالين لانه كان سيضحك لو سمعها .. خصوصا اذا علمنا ان الايديولجيا الشيوعية الرسمية انذاك كانت تعتبر الديمقراطية نظام حكم برجوازي يتعارض مع "دكتاتورية البروليتاريا" .. وهذا الرفيق "الكهفي" لا زال يعتقد حتى اليوم ان الحزب الشيوعي العراقي كان يمكن ان يكون "رسول سلام" ينشر الديمقراطية في ربوع البلاد !

مسكينة هي "البلاد" بمثل هكذا "مراجعات نقدية" .. ومساكين هم "العِباد" المبتلين بسماع وقراءة مثل هكذا ضحالات.. هل من يقول لهذا الرفيق " صح النوم" .. هل من يقول له ان كل التجارب الشيوعية في العالم لم تعرف الديمقراطية ولم تنتج غير "حكم الفرد" ..هل من يقول لتلك النرجسيات المتورمة بِذِهان مزمن ان كفى استخفافا بعقول الناس .. هل من يقول للشيوعيين العراقيين ان أفضل شيء حصل لهم هو انهم لم يستلموا السلطة في العراق!! لانهم لو كانوا قد حكموا العراق لاعطونا "ابو شوارب" أخر!! وهل من يقول لهم أخيرا ان التاريخ لا يكتبه حكواتية !

هناك تعليق واحد:

  1. أنا أوافقك في كل ما كتبته، و لكني أقترح أن تكون طريقة كتابتك هي (عرض) للحقائق و أقناع القاريء أكثر منه سخرية أو تسفيه للآخر.. لأن ذلك سيوصل
    الفكرة بشكل أقوى إلى المعسكر المعارض..

    عدا عن ذلك فأني أحييك، و تابع
    إبداعاتك

    ردحذف