2008/12/23

صورة السلطة .. وسلطة الصورة في عولمة لغة الحذاء

صدام حسين في السلطة كانت له "صورة" .. وصورة صدام في السلطة كانت صورة مبالغ فيها لانها صورة سلطة .. صورة مفروضة من قبل سلطة وتحمل تصورات سلطة .. وطابعها المفبرك التي امتازت به ناتج عن كونها بالتحديد صورة سلطة .

بعد احتلال العراق حاول خبراء الحرب النفسية في المخابرات الامريكية ان يطيحوا بـ "صورة" صدام هذه .. فمن اجل انهاء حقبة ما لابد من ضرب "صورة" الحقبة ورمز الحقبة .. من هنا صورة الحفرة المفبركة : صدام بلحيته وشعره "المنفوش" والضابط الامريكي يفحص فمه .. ولكن صورة "السي آي اِي" هذه كانت ايضا "صورة سلطة" .. وطابعها المفبرك كان صارخا .. ومبالغة خبراء "السي آي اِي" في مسرحة الاهانة في تلك الصورة دفعت الكثيرين من معارضي صدام للتعاطف معه كرد فعل ضد مبالغة تلك الصورة .. فالناس يكرهون مبالغات صور السلطة .

لقد اعتقد خبراء الحرب النفسية في "السي آي اِي" ان صورة الحفرة المفبركة ستكون صورة صدام الاخيرة .. الصورة التي سيحفظها التاريخ لصدام .. ولكن الصورة التي تركها صدام للتاريخ هي صورة اعدامه .. لماذا ؟ لانها لم تكن صورة سلطة .. صورة الاعدام كانت صورة غير مفبركة .. وقوتها تكمن هنا .. صلابة صدام امام حبل المشنقة مقابل غوغائية العصابة التي كانت حوله .. "عفوية" التصرفات من جانب وحيوانيتها من جانب اخر هي التي صنعت قوة تلك الصورة .. تلك العفوية منحت صورة الاعدام قيمة وثائقية .. قيمة تاريخية .

صورة منتظر الزيدي راميا فردتي حذاءه على الرئيس الامريكي تنتمي الى هذا الصنف من الصور .. قوتها متأتية من كونها ليست صورة مفبركة ككل صور السلطة .. بمعنى انها صورة لم تُعد وتُدرس مسبقا كما كل صور السلطة .. لقد كانت حركة عفوية بارعة داخل ديكور وشخوص وحركات مدروسة ومعدة مسبقا .. وقيمتها السياسية، وهنا الاهم، متأتية من كونها نقض لطقوس ومراسم سلطة .. ومن ركزوا باجترار سخيف على بعدها الثقافي ( قيمة القندرة في الثقافة العراقية او العربية) لم يفهموا شيئا من البعد السياسي الهائل الكامن في صورة الحذاء .. كونها فض ورفض لطقوس ومراسم سلطة الامبراطورية .. وهذا البعد السياسي هو ما جعل العالم من طوكيو الى كاراكاس يفهم " لغة الحذاء" رغم اختلاف الثقافات .

لقد حاول بوش ان يعطي لنفسة صورة المحارب يوم هبط على حاملة الطائرات الامريكية بلباس الطيار وخلفه عبارة " تم انجاز المهمة" .. ارادها صورة يحفظها له التاريخ .. ولكنها كانت صورة سلطة .. صورة مفبركة .. صورة تمت مسرحتها من قبل فريق الرئيس الاعلامي .. ويشاء القدر ان العراق الذي دمره بوش هو من يعطي بوش صورته التاريخية .. لن يُذكر بوش بعد الان من دون ذكر واقعة القندرة .. صورة الحذاء هي الصورة التي سيحفظها التاريخ لبوش .. نعم "سيادة الرئيس" .. " تم انجاز المهمة" !!

2008/12/17

هاملت عراقي في مسرح فرجة



الحرب صور .. معركة صور ..وخلف الصور ومراسم الصور هناك دائما تصورات يراد فرضها.. وزيارة بوش الأخيرة لبغداد كانت "زيارة صور" .. من اجل "اعطاء صورة" .. بمعنى فرض تصورات فشلت أضخم آلة إعلامية بفرضها في عراق الاحتلال .. أمريكا في العراق قد خسرت معركة الصورة منذ فترة طويلة .. وحذاء منتظر الزيدي ليس الا "الضربة القاضية" في هذا النزال .. في معركة الصور حذاء منتظر هو الـ " كش مات" .. انتهت اللعبة "سيادة" الرئيس ..انتهت المسرحية .. ستارة .. والى كواليس مزبلة التاريخ المظلمة حيث سيلاحقك للأبد شبح القندرة .

نعم انتهت المسرحية .. فالسياسة البوشية لم تكن اكثر من"مسرح فرجة".. وبوش جاء بغداد قبل ايام لكي يقدم "فرجة" أخيرة لكوكب الكوكاكولا .. وفريق الرئيس الإعلامي كالعادة قد اشرف على كل شيء : من ديكور الصالة الممل .. الى توزيع مواقع الكراسي والكاميرات .. وانتهاء بانتقاء "الصحفيين المرافقين" للرئيس على نفس الطائرة ومن يحق له من بينهم بطرح الأسئلة اثناء المؤتمر الصحفي .. اكشن : مصافحة "للمملوك" الذي لم يعلم مسبقا بموعد زيارة سيده .. إيماءة هنا .. ضحكة هناك .. وتعليق ساخر يلتف على السؤال لكي يلغي السؤال ..الخ من اسلحة الغباء الشامل .. كل ذلك بخفة واستخفاف من يعيشون في قصور المناطق الخضراء او الكواكب الأخرى .. فالهدف هو تقديم صورة مغايرة للواقع ..صور وتصورات تخون الواقع .

امام هكذا استخفاف عاهر بالواقع انتفض منتظر.. فحذاء منتظر هو رفض لمسرح الدمى الذي يسمي الاحتلال تحرير ويسمي المقاومة ارهاب ويسمي الدمار تحسن امني ويسمي الانتداب معاهدة امنية .. حذاء منتظر هو رفض لهذا العهر الاعلامي ..وهو تذكير بحقائق الارض والواقع التي يحاول مسرح الفرجه ان يخفيها .. حذاء و خصوصا كلمات منتظر ارادوا تذكير بوش وصحافة الفنادق و"كوكب الكوكاكولا" بالمقبرة الجماعية التي صنعها الفهم "المسرحي" للسياسة .

حذاء وكلمات منتظر ارادوا فرض لغة جدية .. نعم لغة جدية لمواجهة خفة واستخفاف مسرح الفرجة .. منتظر اراد فرض لغة شكسبيرية رصينة امام الماساة العراقية.. فلغة بوش المستخفة امام المأساة هو ما لم يتحمله منتظر .. وكل تحويل لـهذا الفعل الشجاع الى مجرد فعل ساخر اونكته او لعبة انترنيت هو مساهمة في اعادة منظور مسرح الفرجة للماساة العراقية .. ومنتظر ذهب الى اقبية التعذيب من اجل ان لا تختفي الماساة عن الانظار ..من اجل ان يلتفت العالم الى عذابات وجراح الملايين من الايتام والارامل والمشردين .. ومن اجل ان لا تسود لغة "الدمى".