2009/10/17

القائمة المفتوحة والطائفة المغلقة


السيستاني الذي تبنى فكرة البيت الشيعي وكان وراء تشكيل القوائم الطائفية المغلقة .. السيستاني صاحب الفتوى التي كرست الانتخابات الطائفية التي اعطتنا دستور الحرب الاهلية .. هذا السيستاني يتدخل اليوم من جديد في الشأن السياسي العراقي مطالبا بنظام القائمة المفتوحة في الانتخابات القادمة .. رغم كل المخلفات الكارثية لفتاوى السيستاني وتوجيهاته السابقة .. ما زال السيد يلعب دور "المرشد الاعمى" .


مطالبة السيستاني بالقائمة المفتوحة ينبغي فهمها ضمن اطار حملة المرجعية من اجل لم شمل الطائفة التي تشرذمت خلال السنوات الاخيرة .. المرجعية تريد من خلال القائمة المفتوحة تجديد وجوه الطائفة .. بعد ان سودت الوجوه الحالية وجه "الطائفة" .. فالمرجعية التي تمتلك اكبر شبكة "جمع خمس" .. تمتلك ايضا شبكة معلومات قوية ..وبالتالي فهي تعرف مشاعر وانتقادات دافعي الخمس .. من هنا فهي تعرف درجة الغليان داخل المرجل الشيعي .. السيستاني يطالب بالقائمة المفتوحة لانه يعرف ان "البيت الشيعي" الذي تحول خلال السنوات الاخيرة الى "مشتملات" متصارعة في طريقه الى التحول الى "دكاكين" متقاتلة.. وخصوصا اذا استمرت نفس "الجيوب" بالاستحواذ على مليارات العراق المسروقة .. وهذا ليس من مصلحة المرجعية التي ترتبط سلطتها بوجود الطائفة.


من هنا ايضا دعوة المرجعية قبل اسابيع الى بقاء الائتلاف الشيعي موحدا.. حين صرح مصدر مقرب من مكتب السيستاني قائلا ان "سماحته يفضل ان يبقى الائتلاف متماسكاً وتشترك فيه جميع الكتل السياسية".. وهو ما اكده علي النجفي نجل المرجع الشيعي بشير النجفي قائلا بلغة ملتوية ان «المرجعية في النجف لاتدعم اي كيان سياسي او فرد في الانتخابات المقبلة على حساب الآخر»، واضاف «لكن المرجعية في الوقت نفسه تؤيد بقاء الائتلاف العراقي متماسكاً»، مشيراً الى «ان الشعب العراقي لا يمكن له ان ينسى انتماءه الديني".


انتباه رجاءً ..المرجعية لا تدعم اي كيان سياسي .. ولكنها تؤيد بقاء الائتلاف الشيعي متماسكا .. انت لا تدعم كيان ما ولكنك تحرص على بقاء ائتلاف طائفتك متماسكا .. كما لو ان تأييد بقاء الائتلاف الشيعي متماسكا ليس دعما .. افتونا يرحمكم اللة !! هذه الدعوة من اجل تماسك الطائفة نفهمها حين نفهم المعنى المختبئ في جملة النجفي حين يبرر تأييد المرجعية بالقول : "لان الشعب العراقي لا يمكن له ان ينسى انتماءه الديني" .. ففي هذه الجملة الاخيرة تنام تقية قرون .. وهي جملة تحتاج الى مترجم لكي يفك رموزها الباطنية.


ترجمة لغة ابن النجفي بلغة واضحة يعطينا هذا التسلسل المنطقي : المرجعية لا تدعم اي كيان سياسي .. ولكن المرجعية تؤيد بقاء الائتلاف الشيعي متماسكا ..لماذا .. لان الشيعة لا يمكن لهم نسيان انتمائهم المذهبي.. فالانتماء الديني في لغة النجفي الباطنية تعني الانتماء المذهبي .. بمعنى اخر على العراقيين الشيعة ان لا ينسوا انهم شيعة قبل ان يكونوا عراقيين .. وهذه الرسالة المشفرة لثقافة اعتادت التقية تطرح التصور الطائفي لرجال الدين الشيعة : التنظيم السياسي يجب ان يستند على الانتماء الطائفي.


باختصار.. المرجعية تطالب بالقوائم المفتوحة ولكنها تدعوا باطنيا الى الطوائف المغلقة .. هنا كما في مواقف كثيرة عبر تاريخ العراق المعاصر تزودنا المرجعية الشيعية بدليل اخر على ان الطائفية في العراق هي اشكالية شيعية .

هناك 3 تعليقات:

  1. كلامك صحيح وينبع من صميم الوقائع.

    فالمرجعية الشيعية لن تفرط بالفرصة الذهبية التي حصلت عليها بعد إسقاط صدام، وبها أصبحت تحكم العراق بتحريك العناوين والأسماء التي تتولى المناصب ظاهريا.
    ولهذا فهي مستعدة لتلبيس الائتلاف ما شاءت من الأردية والأخيلة، ولكن القلب الطائفي القادم من عطن السردايب لا يزال نفسه.

    لا أجد مستقبل العراق القريب يبشر بخير، إذ لا توجد أدنى علامة تدل على ذلك.

    ردحذف
  2. اصبت اخي الفاضل في تشخيصك وتحليلك بارك الله بك

    ردحذف
  3. غير معرف30 أكتوبر, 2009

    أستعراض وتحليل جيد للمعلومات، لكنك وقعت في كارثة عظمى بقولك (هنا كما في مواقف كثيرة عبر تاريخ العراق المعاصر تزودنا المرجعية الشيعية بدليل اخر على ان الطائفية في العراق هي اشكالية شيعية) أي أنك تقول أن مشاكل العراق على طول تاريخه هي بسبب العراقيين الشيعة، فكيف يصح ذلك مع أنهم أستلوا الحكم بعد عام 2003 في ظل ظروف إستثنائية، وهذا ليس دفاعا عنهم، لكنك بهذه العباره تشوه التاريخ وتحرض على العنف والطائفية بأبشع صورها.

    ردحذف