2010/11/20

الفرق بين الماخور والوطن

واحدة من اغرب الميتات في التاريخ هي حادثة موت ملك بورما ماندابايان عام ١٥٩٩ والذي مات من الضحك بعد ان قال له تاجر ايطالي ان فينيسيا هي جمهورية وليس فيها ملك !! لو ذهب شخص من عراق اليوم والتقى توماس جفرسون في قبره وقال له ان العراق ديمقراطية وليس فيها حكومة منذ ما يقرب السنة ..اعتقد ان توماس جيفرسون "سيموت من الضحك" كما نقول بالعراقي .. اي انه سيعتبرها نكتة.

عندما نعود في ذاكرتنا للوراء سنلاحظ ان كل الاتفاقات التي تمت بين ساسة الاحتلال منذ ٢٠٠٣ كانت اتفاقات "مخبوزة" على عجل .. وعندما نعود في ذاكرتنا للوراء سنلاحظ ان كل طرف يمتلك تفسير مغاير لما تم "الاتفاق" عليه .. مما يعني منطقيا انه ليس هناك اتفاق بالمرة .. والاتفاق الاخير لم يشذ عن ثابت الهرج الذي يسمى ديمقراطية.. "الاتفاق" الاخير اثبت من جديد ان "العملية السياسية" لا تعمل الا "بالدفعات" الامريكية !

ثم ما معنى الديمقراطية وانت تجد امامك وبعد ثماني سنوات ان الوجوه هي نفس الوجوه .. قله من المعلقين توقفوا امام هذه الظاهرة.. عبود احمد هو من هذه القلة ..وعبود هو عراقي شيعي من النجف ويعمل "مهندس" كمبيوتر .. هو يقول لـ " لوس انجلوس تايمز" : "لم يتغير شيء ..الرئيس هو نفسه ورئيس الوزراء هو نفسه، الوجوه نفس الوجوه ونحن من يدفع الثمن"

"Nothing was changed: The president is the same, the prime minister is the same," "All these faces are the same and we are always the victims."

انا شخصيا كنت اريد بقاء نفس الوجوه اربع سنوات اخرى .. لانني اراهن على امثال عبود احمد .. كنت اريد نفس الوجوه لاربع سنوات اخرى لانني اراهن على مثل هكذا ردود فعل داخل الاوساط الشيعية .. فماذا يفيد العراق من منظور بعيد المدى ان حصل علاوي او الهاشمي على رئاسة الوزراء او على رئاسة الجمهورية ؟؟ لا شيء .. ماذا يفيد العراق "زوبعي" مرتشي هنا .. و"بطيخ" لايقل عنه في الفساد هناك .. ماذا تعني بضعة مناصب لحفنة من "السنة" المرتشيين لمستقبل العراق.. قبول مثل هولاء المرتشين من تجار السياسة بمناصب بحجة انهم يمثلون السنة سيكون ترسيخا للمحاصصة الطائفية .. مما يعني تحويل العراق الى ماخور سياسي كلبنان .. ساحة لتصفية حسابات القوى الاقليمية والعالمية.

في حين ان بقاء الاسلامجية الشيعة في السلطة اربع سنوات اخرى من الفساد سينتج عدد اكبر من امثال عبود احمد .. وتذمر اكبر داخل الاوساط الشيعية وبالتالي فشل مشروع الاسلامجية الشيعة.. وهذا انفع للعراق على المدى البعيد .. الشيعي العراقي الذي ربته قرون من المظلومية يمتلك سايكولوجية ضدية .. وعلاج هذه السايكولوجية هو ان يعيش الشيعي تحت فساد حاكم شيعي .. والاربع سنوات القادمة هي جزء من الفترة العلاجية التي يحتاجها الشيعة في العراق لكي يستعيدوا توازنهم النفسي ويتجاوزا عقدة المظلومية.

قد يقول قائل انني اراهن على خيول خاسرة لان الشيعة لن ينتخبوا يوما ما سياسي سني كما فعل السنة عندما اختاروا علاوي .. صحيح ان هناك صنف من الشيعة لن يفعلوا ذلك حتى لو ظهر المهدي واثبتت التجربة انه لايستطيع ربط "رجل دجاجة" !! ولكن رهاني ليس على هذا الصنف اللطمي .. رهاني على من اعتقدوا ان فقرهم سببه الحاكم السني .. رهاني على من صدقوا بسذاجة وعود ابناء البيوتات الشيعية الذين بشروهم بسقوط الخير .. فليس باللطم وحده يحيا الانسان .. الفلاسفة اليونان يعلموننا درسا في غاية الاهمية وهو ان البشر اكلي خبز قبل كل شيء .. وعندما سيفهم جمهور الشيعة ان حاكم من نفس مذهبهم لايعني بالضرورة حاكم جيد .. وان فقرهم ومشاكلهم ليست بسبب الحاكم السني .. عندها لن يحتم انتماءهم المذهبي ولاءهم السياسي .. وهنا شرط الوطن.

السنة يعرفون بالتجربة ان حاكم من نفس مذهبهم لايعني بالضرورة حاكم جيد .. لانهم اختبروا تاريخيا واقع الحكم .. اختيارهم لشخص "شيعي" كعلاوي في الانتخابات الاخيرة يبين ان انتماهم المذهبي لايفرض عليها سلوكا سياسيا .. وعندما سيتوصل اكبر عدد من الشيعة الى تلك الحقيقة .. فان الانتماء الشيعي لن يفرض عليهم ولاء سياسيا .. وفساد الاسلامجية الشيعة سيساهم في انضاج هذا المسار .. لن يكون هناك عراق طالما ان الانتماء المذهبي هو المحدد للولاء السياسي .. إما ان ينتج العراقيون ولاءً سياسيا خارج الانتماء المذهبي.. او سيصبح العراق ماخورا سياسيا كلبنان يلعب فيه امراء الطوائف وابناء البيوتات دور العاهرات لمن يدفع اكثر من الدول الاقليمية .. هناك من لايزعجه العيش في ماخور طالما ان حقوق الطائفة محفوظة .. انا شخصيا لا اسمي ماخورا وطني.

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف20 نوفمبر, 2010

    الاخ كريم
    واصل الكتابه فيبدوا ان هناك الكثير من اللطامون الذين يقراؤنها
    لماذا لاتكتب فى المواقع المنتشره على النت فذلك اضمن لوصول الفكره لاكبر قدر من اللطامون علها واقول علها تنير القليل من العقول المضلمه وقد تنتج جيلا يصلح في قادم الايام لبناء البلد
    انه واجب اخلاقي ووطني يقع على كاهلك وامثالك ممن يملكون هذا الاسلوب الراقيفي النقد والمعالجه
    واصل ارجوك وبوتيره اسرع لاني اضنها ستجلب النتائج قريبا

    ردحذف
  2. غير معرف20 نوفمبر, 2010

    الاستاذ كريم دربونة
    فقط للتوضح وهذا لايقلل من اهمية مقالك هذا
    ان السنة انتخبوا علاوي لايمكن ان نقول مثل هكذا جملة من دون احصائيات لان انتخابهم كان للعراقية وهي تتضمن شخوص سنية فلا نعرف من انتخب من .
    عموما طز بالسنة والشيعة كفكر واتمنى ان يكون الانتخاب لم نيضمن حقوقنا كبشر لا كمذاهب او فئات .
    علي شان من مدونة ملحدون عراقيون

    ردحذف