2010/05/31

ماعون گيمر افضل من كل شعر الجواهري .. يا سيدي اطعم فمي

هنا مقال لـ زيد الحلي يتطرق لقصيدة التتويج التي مدح بها الجواهري الملك فيصل الثاني في حفل تتويجه على عرش العراق .. الحلي يقول لنا انه حائر بين موقفين للجواهري ..الاول هو "إن الجواهري كان يعلن بمناسبة وبغير مناسبة امام سامعيه وبحضوري كرهه الشديد لهذه القصيدة" .. والاخر هو انه" كان يردد امامي وامام نجله فرات إن قصيدة "التتويج" محببة اليه! وإنه يحبها كثيرا ويعتز بها، وكان يردد مقاطعها بفرح واضح" .. والحلي يقول لنا انه "لايعرف حتى اليوم سر هذا التناقض العجيب !!"

لا يهمني ما اذا كان الجواهري يحب او يمقت تلك القصيدة .. المزاجية المتقلبة لشاعر هي اخر ما يهمني في هذا العالم .. ما يستوقفني في المقال هي نقطة اهم .. كل من يعرف التاريخ العراقي المعاصر يعرف ان الجواهري بدأ حياته شاعر بلاط .. وهو كشاعر بلاط مدح الملك فيصل كثيرا.. و هو كشاعر مناسبات حسب الطلب قام بمدح الملك فيصل الثاني عند تتويجه .. ولكن الحلي يقول لنا ان الجواهري قال في الجزء الثاني من ذكرياته ص ١٢١ عن قصيدة التتويج "إنها زلة العمر في مديح فيصل الثاني، اقولها زلة وأكثر من زلة لأنني كنت اول العارفين ان هذا الممدوح ربيب الاستعمار الانكليزي ."

انا شخصيا لا اصدق الجواهري عندما يبرر ندمه على قصيدة التتويج بكون الممدوح هو ربيب الاستعمار.. خصوصا اذا كنت اعرف ان شاعرنا هذا سبق له ان شارك في رحلة "ثقافية" الى لندن نظمتها سفارة "الاستعمار الانكليزي" في بغداد في نهاية الاربعينات !! ثم ان هناك حدث اهم واقرب زمانيا يدفعني لعدم تصديق الجواهري.. لنفترض ان فيصل الثاني هو ربيب استعمار وان هذا هو السبب الذي جعل الجواهري يندم على قصيدته .. ولكن الملك حسين ملك الاردن هو ابن عم الملك فيصل الثاني وصديق طفولته وهما قد درسا معا في نفس المدارس الانكليزية.. والاردن كدولة هو مشروع بريطاني.. ومن نفس المنظور فان الملك حسين هو ايضا ربيب استعمار.. ولكن هذا لم يمنع الجواهري من ان يقف امام الملك حسين في عام ١٩٩٢ ويمدحه بـ
قصيدة "يا سيدي اسعف فمي"!! باختصار للتاريخ ثغرات لا تملئها المذكرات.. فما بالك بمذكرات شاعر يستخف بعقول الناس معتقدا ان التاريخ هو حقل مبالغات مفتوح كالقصيدة.. الجواهري بدء حياته شاعر بلاط مدّاح وانهى حياته شاعر بلاط مدّاح !!

ما هو اكيد هو ان جيل انصاف المتعلمين البوقيّ الذي يمثله الجواهري خير تمثيل.. جيل اليسار العراقي الذي حررته الدولة العراقية الحديثة من سياط الشيخ وجهل العمامة.. هذا الجيل الشعاراتي الساذج سياسيا فهم متأخرا جدا ان العهد الملكي هو عصر ذهبي من ناحية الحريات
اذا ما قورن بجمهوريات الاسلاك الشائكة التي قتلت العراق.. ومدح الجواهري للملك حسين في عام ١٩٩٢ كان اعتراف غير مباشر من الجواهري بهذه الحقيقة.. مدح الجواهري للملك حسين هو اعتراف كلب عض اليد التي اطعمته ذات يوم !!  


نكراسوف احد الادباء الروس كان يقول:"ان قطعة جبن هي عندي أفضل من كل اشعار بوشكين".. اريد ان اقول ان ماعون گيمر افضل عندي من كل شعر الجواهري.. ولكن لا.. فمثل هذا القول بعد جملة نكراسوف مباشرة سيكون مديح غير مباشر للجواهري بوضعه قرينا لبوشكين.. فعند بوشكين براءة وانسانية لا نجدهما عند
صاحب قصيدة "تحرك اللحد".. ساقول الاشياء بطريقة اخرى.. ان قندرة لاجئة عراقية في سوريا اضطرتها ظروف الغربة القاسية لبيع جسدها من اجل اطعام اطفالها هي عندي اكثر قيمة من كل شعر الجواهري.


فالجواهري امام الملك حسين يقول وبصوت عال ما تقوله تلك المرأة المضطرة همسا: "ياسيدي اطعم فمي".. ولكن الثقافة التي كرست مقولة "اعذب الشعر اكذبه".. ثقافة الشعراء الردّاحة التي انتجت جمهور ردّاح وذائقة ردحية.. تلك الثقافة تُدين المرأة المضطرة وتعظم الشاعر المدّاح.. رغم ان كلاهما يقول نفس الجملة "للفحل" الذي امامهما.. هذه هي معايير الثقافة العاهرة التي تدعي الشرف.. انا شخصيا امقت هذه "الثقافة".. انا شخصيا ادين الشاعر المدّاح.. الشاعر الشحاذ.

  

2010/05/17

جيولوجيا عالم السراديب

قبل ثلاثة ايام وفي خطبة الجمعة قال رجل دين إيراني بارز "إن التبرج وعدم الالتزام بالزي الشرعي لدى النساء، ربما يكون من دواعي الإصابة بالكوارث والزلازل".. ويبدوا ان احدهم حاجج رجل الدين سائلا : ولكن لماذا تضرب الزلازل ايران وهي بلد "محجبات" ولا تضرب بلدان غربية تتبرج فيها النساء !! فرد رجل الدين على السؤال المعترض قائلا : "أن الله قد يمسك عن إرسال الكوارث الطبيعية إلى الغرب حتى يغرقوا في الخطايا ومن ثم معاقبتهم في الآخرة بالنار !!"

هناك الكثير مما يستحق "الرجم" بالكلمات في هذه الخطبة الفنطازية ولكنني ساتوقف عند ما يبدو لي اسهل وابسط طريقة لهدم هذا المنطق الاسكاتولوجي المستخف بعقول الناس .. لنفترض جدلا ان الزلازل التي كانت تحدث في ايران الشاه كانت رسائل تحذير من الله بسبب انتشار"الرذيلة" آنذاك .. ولكن لماذا حدثت وتحدث الزلازل في ايران الولي الفقيه وهي جمهورية اسلامية وفيها بوليس اداب يتربص خصلات الشعر الهاربة خارج اطار الحجاب ؟ جواب رجل الدين الايراني على هذا السؤال هو ان "الله يريد ان يختبر الأمة.. إذا ارتكب المؤمنون الخطايا، فيرسل لهم المصائب حتى يعودوا منها" كما يقول لنا في نفس الخطبة من دون ان يحدد ما هي خطايا "المؤمنين" في جمهورية ولاية الفقيه .. بمعنى ان الزلازل في الجمهورية الاسلامية هي "ايميلات" تحذيرية من الله لـ"مؤمني" الجمهورية الاسلامية الذين حادوا عن الطريق القويم !! لما لا !!

لنفترض جدلا ان الزلازل المدمرة التي ضربت الجمهورية الاسلامية في العقود الاخيرة هي رسائل تحذير من الله .. ولكن هذا الطرح لا يجيب على سؤال اخر اهم وهو : لماذا تعرضت ايران ما قبل الاسلام الى زلازل .. كما تشير الدلائل التاريخية .. فايران ذلك الزمان لم تكن مسلمة ولم يكن فيها مؤمنين بحاجة الى زلازل لكي يثوبوا .. ورجل الدين الايراني يؤكد لنا ان الله لا يعاقب الكفار في الدنيا بانتظار يوم القيامة كما يفعل اليوم مع الغرب "الكافر"!! فلماذا ارسل الله زلازل تحذيرية الى ايران المجوسية الكافرة ؟؟ اما ان الله قد اخطأ بالعنوان !! او ان صاحبنا الدجال يكذب !!

باختصار .. ايران وفي فترات تاريخية مختلفة وفي ظل انظمة دينية وعقائدية مختلفة تعرضت لزلازل .. ايران المجوسية تعرضت للزلازل .. وايران بعد دخولها الاسلام تعرضت للزلازل ..وايران ولاية الفقيه تعرضت للزلازل .. وتبرج النساء ليس له اية علاقة بالموضوع .. فالسبب من منظور جيولوجي هو لان ايران تقع جغرافيا على شرخ جيولوجي قاري .. ولو كانت الزلازل هي فعلا ايميلات تحذيرية من الله الى المؤمنين لكي يتوبوا لكان الشعب الياباني، الذي يتعرض دوريا الى زلازل، هو شعب الله المختار .

كل خطب مثل هذا الدجال عن مجتمعات فضيلة (المجتمعات الاسلامية) ومجتمعات رذيلة (المجتمعات الغربية) ما هي الا اوراق توت نخفي بها عوراتنا .. ففي سراديب النجف وقم كما في ابراج مكة والمدينة هناك من الفساد والاباحية والرذيلة ما لا يختلف عما يوجد في باريس وسان فرانسيسكو الا في درجة الضوء والعتمة .. لا .. لسنا مجتمعات فضيلة كما نتوهم .. ونحن في ميدان الرذيلة لسنا افضل من المجتمعات الغربية كما نحاول ان نوهم انفسنا.. الاختلاف بيننا وبينهم هو ان رجل الدين الذي يغتصب اطفال عندهم يتم فضحه غالبا ومحاكمته .. اما عندنا وبفضل خطابات الفضيلة والعيب يستمر رجل الدين باغتصاب الاطفال في السراديب بلا ادنى خوف لا من الزلازل في الدنيا ولا من الجحيم في الاخرة .

سمعتم حتما مؤخرا عن ذلك الموظف السعودي في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .. والذي اتضح انه متزوج من ستة نساء .. وعندما قالوا له ان الشرع يجيز اربعة فقط !! قال انه لم يكن يعرف بذلك!! تصورا الفقر الروحي لهذه المخلوقات التي ربتها قرون من "روحانيات" الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .. كل زعيقنا عن الاخلاق والفضيلة والدين لا و لن يمحو دمامل هذا البؤس الجنسي عن وجوه مجتمعاتنا الفاشلة التي لم تستطع انتاج انسان يستطيع الوقوف امام وجه امرأة من دون التفكير بفرجها .. هذه هي الحقيقة التي تصدمك اينما ذهبت في مجتمعات الفضيلة الزائفة .. المجتمعات التي ترمي مسؤولية حدوث الزلازل على النساء المتبرجات!!