2011/02/19

"الشعب" يريد انقاذ النظام !!

يقال ان مقتدى الصدر استلم رسالة استفتائية من اتباعه قبل اسبوع .. فحواها ان المظاهرات تعم العراق وهي بلا قيادة وهم يخشون ان تستغلها بعض الجهات المدعومة من الخارج مما قد يتسبب في ازدياد الوضع العراقي تازما.. مقتدى الصدر رد على اتباعه باسلوب رجال الدين الشيعة المعهود باللف والدوران .. باختصار تظاهروا من اجل حث الحكومة على تقديم الخدمات.. ويبدو لي ان مقتدى قد ندم على الرد المستعجل لان الامور على الواقع بدأت تأخذ ابعاد خطيرة خصوصا بعد ما جرى في الكوت.. من هنا نفي الناطق باسم التيار الصدري صلاح العبيدي يوم امس ان يكون التيار قد دعى للتظاهر .. اما النائب الصدري جواد الحسناوي فقد قال يوم امس ايضا أن «تبني التيار الصدري تظاهرات جماهيرية احتجاجاً على تردي الخدمات لا يعني أن التيار يسعى إلى تقويض حكومة المالكي وإفشالها» .. هذا التضارب في التصريحات يخبرنا ان الشيعيين يرفعون شعار "الشعب" يريد انقاذ النظام !!

تلميح الصدريين من ان تستغل المظاهرات بعض الجهات المدعومة من الخارج (وهم يرمزن هنا للسنة والبعثيين) هو نفس ما قاله المالكي والكثير من الشيعيين مؤخرا.. من اجل ارسال رسالة تخويفية الى شيعة العراق من ان "بني امية" بالمرصاد لـ "فروخ النبي".. اذا من قال ان المظلومية ماتت ؟ من هنا فشعار الشعب يريد اصلاح النظام هو شعار ساذج لايتناسب مع المشكلة العراقية.. اولا لان العراق لايمتلك ما يمكن تسميته نظام .. لا سياسيا ولا امنيا .. وفشل تشكيل حكومة كاملة بعد سنة من الانتخابات هو دليل انعدام مفهوم النظام سياسيا .. وما جرى في الكوت قبل ثلاثة ايام حين هرب المحافظ امام المتظاهرين هو دليل انعدام مفهوم النظام امنيا.. وما حصل في الكوت يمكن ان يحصل في كل محافظة عراقية .. العراق منذ ثماني سنوات هو دولة هشة ليس فيها ما يمكن تسميته بالنظام.

ثانيا، شعار الشعب يريد اصلاح النظام هو شعار ساذج لان المشكلة الحقيقية في العراق ليست الفساد .. المشكلة في العراق تكمن في الطائفية التي نراها هنا في خطاب "الشيعيين" .. المشكلة في محكية المظلومية التي كرست التخندق الطائفي القرووسطوي المخرب للنفوس .. ومن لايفهم ذلك فهو لايفهم اسباب خراب السنوات الثماني الاخيرة .. من هنا فالمشكلة هي مشكلة ثقافة وليس مشكلة اشخاص او احزاب .. يكفي ان تقرأ بعض علمانيو "النص ردن" من الشيعة لكي تفهم ذلك .. هولاء الذين لم يحركوا ساكنا عندما تم كتابة الدستور الطائفي .. تراهم يتظاهرون اليوم من اجل اصلاح النظام لكي يسمح لهم بشراء "بطل عرك" .. حتى في "عركهم" هناك طائفية .. ساذج من يعتقد ان تغيير اشخاص سيحل مشكلة الفساد .. وساذج من يعتقد ان وضع البرادعي محل مبارك ..او جعفر محمد باقر الصدر محل المالكي سيحل مشكلة الفساد ..انا كنت اتمنى ان يحصل جعفر محمد باقر الصدر على رئاسة الوزراء بعد الانتخابات.. لانني اثق بمقولة مارتن لوثر "ان تكون حاكما من دون ان تكون فاسدا هو شيء شبه مستحيل".. وبهذا المعنى اذا اردت فضح شخص ما فامنحه سلطة.

اكبر خطأ ارتكبه معاوية هو انه لم يسمح للحسين باستلام السلطة خلفه .. لان الحسين لو كان قد مارس سلطة لما حصل على هذه الهالة الاسطورية التي تمنحها اياه الثقافة السحرية الشيعية .. الحسين الذي كان ينكح الجواري في المدينة ويقبل هبات وعطايا معاوية .. تذكّر فجأة عندما حاصره جيش يزيد ان هناك "فتوحات" اسلامية طالبا ان يتركوه لكي يذهب للجهاد مع الجيوش الفاتحه .. المؤرخ الالماني فلهاوزن يقول ان الرواية التي تركها لنا ابو مخنف الشيعي الهوى عن مقتل الحسين تبقى قيّمة زمانيا رغم مبالغاتها الهائلة .. انا اعتقد ان هذه المبالغات هي التي قتلتنا وتقتلنا منذ قرون.
قلت سابقا المجد للفساد.. وتمنيت قبل الانتخابات الاخيرة ان تمنح الاصابع البنفسجية اربع سنوات اخرى للاحزاب الشيعية..لانني اعتقد ان ممارسة الشيعة للسلطة هي الوسيلة العلاجية الوحيدة للسايكولوجية الشيعية الباثولوجية .. قرون من الوقوف على حافات التاريخ .. قرون من الهامشية والاستمناء الفكري لنهج البلاغة .. اكسبت الشيعي وهم الضحية .. والاخطر من ذلك انها منحته وهم النقاء.. وحان الوقت لكي يفهم الشيعي واقع السلطة.. حان الوقت لكي يفهم ان مشكلة السلطة لاتكمن في كون الحاكم سني.. حان الوقت لكي يفهم ان الطائفية السياسية هي اشكالية شيعية.

فساد الثماني سنوات الاخيرة قد حيّد الكثيرين من الشيعة طائفيا .. وانت عندما تسمع ما يقوله بعض الشيعة اليوم وتقارنه بما كان سائدا قبل ثماني سنوات .. ستعرف ان نخب الشيعة بدأوا يدفعون ضريبة السلطة .. ولكن محكية المظلومية لم تتلقى بعد الضربة القاصمة .. من هنا فانا شخصيا لا اضم صوتي الى شعار "الشعب يريد اصلاح النظام" .. اولا، لان من فرضه على التظاهرات هم علمانيو "بطل العرك".. وثانيا لان "النحت في خشب متعفن هو شيء مستحيل" كما يقول الحكيم الصيني كونفوشيوس.. وثالثا، لانني اريد للفساد ان يستمر لكي تتلقى محكية المظلومية ضربة قاصمة.. لن يكون هناك عراق بوجود محكية المظلومية المكرسة للتخندق الطائفي القرووسطوي.

باختصار .. الخشب القرووسطوي العفن الذي "يحكم" العراق لا يمكن نحته .. لايمكن اصلاحه.. والعلاج هو تركه اطول فترة ممكنه يبعث روائحه الكريهة .. لكي يزكم الانوف .. علّه يوقظ من لا زالوا ينامون في سقيفة بني ساعدة..لا اثق بعلمانيو "بطل العرك" .. لكنني احتفظ ببعض امل في الشباب القادم .. فنسبة السكان تحت سن الخامسة والعشرين في العراق اليوم تزيد على ٦٠٪ من عدد السكان .. وهي اكبر نسبة في العالم العربي .. واذا ما رفع هذا الشباب ذات يوم شعار : الشعب يريد اسقاط الطائفية .. او اسقاط المظلومية .. عندها فقط سيتنفس العراق هواء نقيا .. وسيحيا من جديد.

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف19 فبراير, 2011

    مرحبا

    هناك مقوله غبيه لا اعرف من قالها بالضبط تقول:لا خير في قوم تقودهم امرأه.

    انا اقول : لا خير في قوم يقوده رجل دين .

    لم انتخب او اشارك في اي انتخابات حدثت في بلدنا السعيد بعلمي المسبق بان لا نتيجه لاي انتخابات في ضل نضام حكم و نظام انتخابات و دستور من اغبى ما شهده تاريخ العراق ,ميسوبيتوميا ,سومر او بابل او اي حضاره ولدت في هذه الارض
    لكن اعترف ايضا ان هناك طائفيون من السنه لا تقل نسبه اجرامهم عن اي من زملائهم المعمعيعين الشيعه .وفكره ان نسبه الشباب اصبحت تكبر باستمرار اعطتني املا جديدا و يا لشده فرحتي باالتضاهرات الاخيره لاني اراها بروفا او تجربه لما هو قادم و مما ممكن ان تحققه هذه النسبه.

    ردحذف
  2. عاشت يداك وسلم قلمك

    ردحذف