2011/04/17

العالم "ضيعة" صغيرة




لم اعد اذكر بالتحديد عنوان تلك اللعبة التي كنت احبها وانا صغير.."اعثر على الفروقات بين الصورتين" او شيء من هذا  القبيل.. صورتان متطابقتان تماما.. مع بعض الفروقات في التفاصيل الدقيقة.. وعليك ان تجد هذه الفروقات.. كانت لعبة مسلية جدا ومفيدة في تقوية الملاحظة البصرية.. نوع من الشطرنج البصري.. لم العب هذه اللعبة  منذ زمن بعيد.. بالامس فقط تذكرتها.. وانا احاول المقارنة في تفاصيل "صورتين" قادمتين من قرية سورية.

قبل ثلاثة ايام نشر موقع الثورة السورية هذا الفلم المرفق هنا الذي يظهر مشاهد تعذيب لمواطنين سوريين عزّل من قبل قوات النظام السوري.. مكان الحدث هو قرية البيضا قرب بانياس.. والمواطنين هم من ابناء تلك القرية.. كل من عاش في جمهوريات الاسلاك الشائكة يعرف ان هذه المشاهد تحصل كثيرا.. في اقبية السجون غالبا.. وفي الاماكن المفتوحة في حالات استشنائية كحالات الانتفاض على السلطة.

وكالات الانباء تناقلت هذه المشاهد المدمرة رمزيا للنظام السوري.. ولكن الاعلام الرسمي السوري شكك بهذا الفلم وبصحته وبمكان تصويره.. لا بل ان البعض ذهب في هلوستة الى حد القول ان هذا الفلم مصور في العراق وان القوات الامنية التي تظهر في الفلم هي قوات البيشمركة الكردية.. موقع الثورة السورية وردا على تكذيب الاعلام السوري نشر امس فلم اخر يصور احد المواطنين الذين يظهرون في الفلم الاول .. ويبدو انه نفس المواطن الذي ظهر الاقرب للكاميرا في فلم التعذيب.. والاهم من كل ذلك هو ان الفلم الذي نشر يوم امس قد تم تصويره في نفس الساحة التي تم فيها التعذيب في قرية البيضا.

لقد تفحصت الفلمين طويلا ..واعدت مشاهدتهما عدة مرات.. ولكي اقطع الشك باليقين التقطت صورتين لنفس الخلفية من كلا الفلمين.. ووضعتهما جنبا الى جنب.. وبدأت ابحث عن اوجه الشبه والاختلاف.. وهنا تذكرت لعبة الفروقات بين صورتين التي كنت احبها صغيرا.. وتذكرت ان افضل واسرع طريقة في كشف الفروقات هي عدم التركيز على  الكبير الذي غالبا ما يخدع العين والذهاب الى الخلفيات والاشياء الصغيرة.. وهكذا كان.. كل من يقف مطولا امام الفلمين المرفقين سيجد ان المكان هو نفس المكان.. ساحة في قرية البيضا قرب بانياس.. وسيفهم ان الاعلام السوري يكذب.. وان ما يحويه الفلم هو حدث حقيقي.. حدث حصل في سوريا.. قرب مدينة بانياس.. في قرية البيضا.. في ساحة صغيرة في مساحتها.. ولكنها ستصبح كبيرة في رمزيتها .

ابناء تلك المنطقة السورية يسمون القرية "ضيعة".. رائعة تلك التسمية المولودة لغوياَ من جذر "ضاع".. الضيعة هي مكان بعيد.. مكان ضائع.. يصعب العثور عليه.. ولكن ضيعة "البيضا" ما عادت كذلك .. فنحن نعيش في عصر الانترنيت..الذي جعل من العالم قرية صغيرة.. جعل من العالم "ضيعة" صغيرة.. وهذا ما لم يفهمه الاعلام الرسمي السوري.. الملايين اليوم يعرفون اسم "البيضا".. من هنا فهي لم تعد "ضيعة".. النظام السوري هو من ضاع وسيضيع بعد همجية قواته تجاه مواطنين عُزّل .

باختصار.. ما حصل في البيضا يثبت ان النظام السوري لازال يتصرف وكأن المواطنين السوريين هم بهائم.. يربطهم ويضربهم ويركلهم.. لانه يعتقد ان الوطن هو مزرعة خاصة.. لانه يعتقد ان الوطن هو "ضيعة" كبيرة.. لم يفهم بعد ان زمن الاوطان التي تدار كمزارع قد ولى. 

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف24 أبريل, 2011

    ليس للنشر فقط سئوال كيف يمكن ضياع 49 مليار دولار في العراق هل سمعت بهذا الخبر :

    اختفاء 40 مليار دولار فقط في العراق.. والبرلمان يحقق

    الكاتب وطن الثلاثاء, 22 فبراير 2011 21:11




    اعلن رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي الاثنين تشكيل لجنتي تحقيق لمعرفة مصير اربعين مليار دولار سحبت من صندوق التنمية العراقية ومصيرها مجهول.

    وقال النجيفي الذي كشف في مؤتمر صحافي تشكيل عدد من لجان التحقيق لمتابعة ملفات الفساد "شكلنا اليوم لجنتين تحقيقيتين حول مبلغ غائب يقرب من اربعين مليار دولار سحب من صندوق التنمية العراقي ولا نعرف اين ذهب".

    واضاف "لا توجد حسابات ختامية حتى الان يجب ان نعرف بدقة ما مصير هذه الاموال بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية الحكومة ووزارة المالية".

    لكنه استدرك قائلا "بالتاكيد هي مصروفة باتجاه معين لكن لم تظهر لدينا في الحسابات ومجلس النواب سيحقق في قانونية صرف الاموال".
    Read more: اختفاء 40 مليار دولار فقط في العراق.. والبرلمان يحقق | هدهد وطنhttp://www.watan.com/هدهد-وطن/اختفاء-40-مليار-دولار-فقط-في-العراق-والبرلمان-يحقق.html#ixzz1Elc0g5uZ

    ردحذف