2011/06/19

الشخصية العراقية .. في بُرْكة علي الوردي


امام ما يجري في مصر من غوغائية وشيوع سلوكيات البلطجة نشر عزيز الحاج مؤخرا مقال يقول فيه متسائلا :"هل تبدلت الشخصية المصرية فجأة، بعد أن كان المصري معروفا بالاعتدال بالعكس من الشخصية العراقية الموسومة بالعنف؟ أم إن الشخصية المصرية الأصلية كانت راقدة وسنحت لها اليوم فرص وظروف البروز؟" 

شيء ايجابي ان ينتقد عزيز الحاج ما يسميه بالـ"ثورية المنفلتة" في مصر.. هو القيادي الشيوعي الذي ساهم بنشر سلوكيات "ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة" في الشارع العراقي  في نهاية الخمسينات.. وشيء ايجابي ايضا ان ينتقد عزيز الحاج  "شباب الثورة" في مصر الذين يرفعون "في ميدان التحرير وبطريقة غوغائية شعار "لا بديل عن الإعدام" لحسني مبارك.. نعم شيء جيد ان يقول لنا ذلك من ساهم في نصب اعمدة المشانق في شوارع بغداد وكركوك والموصل.. ان يتعلم الناس من اخطاهم السابقة هو شيء جيد.. الى الامام "رفيق".. سر ونحن من وراءك !!

ولكن ما يستوقفني في مقال عزيز الحاج هو قوله ان "الشخصية العراقية موسومة بالعنف" وان الشخصية المصرية معتدلة.. ساضع جانبا مسألة التعميم الاعتباطي لمفردة"الشخصية" على شعب كامل.. واكتفي بملاحظة يعرفها كل طلاب المرحلة الاولى في علم الاجتماع.. وهي ان الشخصية او بالاحرى مكونات الشخصية هي نتاج مجموع الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي يعيش فيها انسان ما.. وسايكولوجية شخص ما هي رهن باشباع او عدم اشباع حاجاته المتنوعة.. بمعنى ان المصري الذي يعيش في حي راقي في القاهرة يختلف في شخصيته عن مصري اخر يعيش في حي شعبي من نفس المدينة.. فما بالك بمن يعيش في العشوائيات او في الارياف.. وهناك بين فرنسي يسكن في حي راقي في باريس وامريكي يسكن في حي راقي في نيويورك مشتركات سلوكية ونفسية اكبر مما هي بين هذا الفرنسي والفرنسي الذي يعيش في اطراف باريس.. وبنفس المنطق هناك بين مصري يسكن في الزمالك وبين عراقي يسكن في حي راقي من بغداد مشتركات شخصية وسلوكية اكبر مما هي بين مصري الزمالك وبين ومصري العشوائيات.

ما الذي يجمع بين شخصية بغدادي وبين شخصية فرد قادم من خلف السدة ؟ لا شيء.. اذا فالقول بان هناك شخصية عراقية هو قول ينتمي الى العصر الحجري سوسيولوجيا.. وفقط سذاجة علي الوردي تسمح له بالكلام عن "شخصية الفرد العراقي" وعن "طبيعة المجتمع العراقي" في وقت كانت الحكومات العراقية تحاول جاهدة توحيد فسيفساء من الاثنيات والمذاهب والعشائر التي لا يجمعها سوى الارض.. ونحن اليوم نكتشف بحساب الواقع وليس بالشعارات عدم وجود هذا المجتمع او بالاحرى عدم تكونه لا فكريا ولا سايكولوجيا.. كل من يعرف المنهجية السوسيولوجية يعرف هذه الهشاشة الاصطلاحية عند علي الوردي.. وفقط مشهد ثقافي عراقي بائس يسود فيه الحكواتية والشعراء الرداحة جعل من علي الوردي صنما فكريا.

الفكرة الكليشة التي يتضمنها مقال عزيز الحاج هي فكرة نجدها عند الكثير ممن يسمونهم عندنا بالمثقفين.. وفحواها ان الشخصية العراقية عنيفة بينما الشخصية المصرية معتدلة والسبب هو ان النيل نهر متزن ولا يسلك سلوكا مفاجئا ويفيض في اوقات محددة.. اما دجلة والفرات فهما يرتفعان بدون انذار سابق وسلوكهما على الدوام مفاجئ.. مما ينتج فيضانات ومجتمع متصارع وبالتالي شخصيات عنيفة.. وهي فكرة استعارها مثقفونا من كليشة ثقافوية سخيفة لعلي الوردي في كتابة "طبيعة المجتمع العراقي".. وهذا الابتذال الثقافي اوصلنا اليوم الى درجة ان احد الفنانين العراقيين يستخدم نفس الفكرة ليفسر للصحافي الامريكي انطوني شديد العنف السائد في عراق الاحتلال.. وفي مقال نشرته الـ نيويورك تايمز قبل سنة تقريبا :

For Egypt, with its reputation for humor and revelry, the Nile was that country’s good fortune, surging waters bringing farms to the desert. The Tigris, an artist once told me, destroyed when it flooded, reckless and unpredictable as it was. It left hard personalities in its wake, delivering Iraqis their well-deserved reputation for toughness


هذا الفنان العراقي ومعه الصحفي الامريكي لا يكلفا نفسيهما عناء التذكير بان اخر فيضان لنهر دجلة  كان في بداية الخمسينات من القرن الماضي.. اي منذ اكثر من نصف قرن.. والاغلبية الساحقة من العراقيين اليوم لم يشاهدوا في حياتهم فيضانا.. فاذا كان صحيحا ان انعدام الفيضانات ينتج شخصيات معتدلة  فكان المفروض ان عراقيوا اليوم هم ملائكة !! هل ترون سخافة الفكرة وتناقضها.

وعزيزالحاج يقف اليوم حائرا امام نفس التناقض.. قال له علي الوردي ان المصري معتدل لان النيل نهر متزن.. ولكن النيل اليوم اكثر "اتزانا" لقلة مناسيبه بسبب السدود الاثيوبية !! في حين ان المصري اصبح عنيفا.. غريب .. حيرة عزيز الحاج كبيرة.. وهزيمته الفكرية اكبر.. فهو بعد ان كان يعتقد بان "الشخصية العراقية هي الشخصية الوحيدة الموسومة بالعنف".. تراه يلجأ اليوم الى تعميم هذه الكليشة على الشخصية المصرية والعربية !!

السوسيولوجيا التاريخية تقول لنا ان العنف مشترك بشري عرفته وتعرفه كل الثقاقات.. وفي ظروف تاريخية متشابهة (غياب السلطة مثلا ) كل الثقافات ارتكبت العنف.. والمصري او الليبي او الجزائري او العراقي لا يختلفون في ذلك عن الفرنسي او الروسي او الصيني او الامريكي .. وكل حديث عن شخصية عراقية او مصرية بطريقة ماهياتية غير تاريخية هو سخف فكري وتحقيري للذات.. واصرار عزيز الحاج على الاعتقاد بان هناك شخصية مصرية اوعربية عنيفة بعد ان كان يعتقد بعنف الشخصية العراقية فقط، هو استمرار بالسباحة في بركة علي الوردي الثقافوية الآسنة .

هناك 8 تعليقات:

  1. علي الوردي توقع قصف ملجأ العامرية قبل ايام ووضع الزهو عليه بعدها
    http://alamriya.blogspot.com

    ردحذف
  2. مداخله على تعليق مستر sahab ,
    عندما يعلق شخص ما ، من المفروض ان يكون تعليقه واضح لكي يفهمه القارئ  الذي يدخل على موقع المدونه , ولكن ان يكون التعليق مبهماً , و سخيفاً , و غير قابل للتفسير فهذه كارثه  .
    لا استطيع أن افهم هذا النوع من البشر  الذي يفضل ان يكون طرطورا يتكلم بالالغاز جبناً على ان يكون شجاعاً و صريحاً و واضحاً و لا يكلفه ذلك شيئاً  لانه في فضاء الحريه .

    ردحذف
  3. صدقت يا فاروق
    أسم على مسمى
    مع العلامة الدكتور على الوردي في ذكراه
    http://alamriya.blogspot.com/2010/10/blog-post_17.html

    ردحذف
  4. القسم الاول
    المتأرينين الجدد في العراق و المنطق الأعوج 
    السيد سحاب صاحب مدونه حسب ما عرفت من الموقع الذي ذكره في تعليقه .
    كان من المفروض ان يكون رده بالحجج والمنطق و بعيداً عن الإيماءات الطائفيه  الحقيرة .
    من المؤسف ان يستعمل السيد سحاب تعابير من المطبخ الايراني المجرثم بالإحقاد التاريخيه و كان واضحاً برده التقيوي المعهود و المبطن :
    صدقت يا فاروق
    أسم على مسمى 
    يعني بالمنطق الايراني أن اسم فاروق يعني جاء من فرق يفرق آلامه و ليس كما هو مفهوم من تراثنا العربي الاسلامي لعمر بن الخطاب  أي العادل او الذي يفرق بين الحق و الباطل .
    هذه فقط ملاحظه صغيرة للسيد سحاب و لكن الأهم من ذلك هو الرابط الذي وضعه   السيد سحاب معتقداً أن  كاتب المقال البحثي السيد بهاء الدين الخاقاني عن الدكتور علي الوردي قد رفع من منزلة الوردي بل على العكس من ذلك حط من منزلته العلميه و شخصيته و هذه مقتطفات من المقال الذي يفتخر به السيد سحاب مما جعله يدنبك له مرتين في تعليقه  و كأنه على وشك  ان يعمل له مزار  على نمط المزارات الشائعة بالعراق فالوردي تنبأ بقصف ملجئ  العامريه وكذلك  قصف بدالة الشمال بالاعظميه كذلك بمعرفة النوايا الامريكيه  و و ووووووووووو بحوثه العلميه عن قحاب طهران.
    كيف يمكننا ان نبرر منطقياً ان الدكتور علي الوردي ( حسب روايه بهاء الدين الخاقاني المقرب اليه و صديقه واحد جلسائه حسبما ذكر) و هوالمفروض عالم اجتماع أن يتعنى للسفر لايران لدراسة علل انحرافات النساء في دور البغاء المسمى (لآله زار) في طهران و كأن القحاب في بغداد في تلك الفتره انقرضوا و اصبحوا عمله نادره  علماً أن مكانهم كان معروف لنا عندما كنا صغار في وسط بغداد و في طريقنا لابتدائية الباروديه و قريب من دكان شناوه  و محلة القراغول  و كان يسمى كوك نزر فهل بالله عليكم سمعتم عن علماء كلاوجيه من هذا النوع يمكننا الوثوق بعلمهم و بحوثهم و رواياتهم  و المرحوم حسب روايته  كان كالديج الهائج مستعد أن يركض كل الطريق و على حسابه  الى لالة زار في طهران لبحوثه العلميه حسبما يدعي  و شايل ع؟؟؟ على كتفه  بينما  هو  يرفض  حتى فكرة  الهجرة لبريطانيا لكي يحظى بفرصة الحصول على جائزة نوبل حسب رواية بهاء الدين الخاقاني .
    فهل سمعتم بعلماء من هذا النوع الذي يفخر به المدون سحاب باغياً  معتمداً على محكيات في جلسات أشبه ما تكون بقصص و روايات عمائم الدجل و الشعوذه عن الحوادث التاريخيه المفبركة عبر الأجيال .

    ردحذف
  5. لقسم الثاني
    المتأرينين الجدد في العراق و المنطق الأعوج     
    و اليكم بعض المقتطفات من بحث السيد بهاء الدين الخاقاني/ المدون سحاب و بإمكانكم أيضاً الدخول للموقع المذكور من قبل السيد سحاب .
    ١- وما كانت الساعة الرابعة صباحا وكان معي كلٌّ من سلام الشماع وزهير العامري حتى اهتزت الأعظمية، فقلت لهما: ضربت بدالة الاعظمية..
    فردّا عليّ :ماذا تعلم الغيب؟ ..
    لاعليك انهم يحترمونني ووجودي حفاظا عليكم وسوف لايقصفوكم ...
    فقال الاديب السيد الياسري:... يا دكتور من اين يعرفون ؟
    فقال : هذه امريكا لها قوة الشيطان تعرف كل شيء
    عجلت في الصباح بالذهاب للدكتور على الوردي وانأ احمل كعادتي في كل يوم جريدة الجمهورية بطلب منه الى سلام الشماع وبيدي لأسلمها اليه ..
    وقلت له: كيف عرفت انها ستضرب الليلة كما أخبرتني أمس ؟
    ٢ - ويعلق الوردي على كل شاردة وواردة وردت في المجلس وبالأخص على ما يسمعه ضده من أراء فيدعي إن سمعه ثقيل.(لاحظوا يدعى سمعه ثقيل  !!! لماذا ؟؟ استعمال هذه الأساليب .
    ٣ - والتفت نحوي وهو يغلق باب بيته بالاعظمية قائلا: أتدري ستقصف هذه الليلة ... ؟ ..
    وما ان أحس بدهشتي قال: اذكر لك السبب غدا ..
    وبالفعل قصفت واعطت ضحايا وشهداء لثلاثة عشر عائلة ممن كان يعتقد ان المكان لايقصف بعد القصف الأول الذي لم يعطي ضحايا، واستفسرت منه بدهشه في اليوم الثاني ...
    ٤ - فروى لنا في احدى الجلسات ما بعد المجلس :
    :اِنه في احدى السنين كان يبحث عن علل انحرافات النساء في دور البغاء. احد نماذجه كما هو معروف في مثل هذا الوسط شارع لالة زار في طهران. تكلم مع احدهن في المبنى الخاص لهذه الممارسات، فراه هناك احد الشخصيات المهمة التجارية والمحافظة في الكاظمية وقد عبس عليه. وفي احد الايام كان يمشي في اسواق بغداد الكاظمية وصادف ان مر على محل تجارة ذلك الشخص وشعر انه يعلق عليه مع جالسين معه . ما ان اقترب من المحل حتى خرج التاجر المحافظ وبصق بوجهه، فوقف الوردي ومسح الآثار وعاد اليه وقال له :
    : الناس تعرف ما كنت افعله هناك، ولكن انت المحترم ماذا كنت تفعل هناك؟
    صعق الحاضرون من الأجابة وانفجرت جماعته بالضحك-----
    -----------------------------
    عزيزي سحاب هل تريد ان تعمل لطميه على المرحوم على الوردي go ahead
    اما نحن فنقول الله يرحمه و أن كل ما ذكره المدون  العربي كريم في دربونته كان بالحجج و المنطق .
    لقد ولت الفترة التي كان الفرد فيها يسمع الروايات و الأحاديث التاريخيه و الأكاذيب  و يصدقها ولا يتساءل  عن  مصدرها وصحتها و منطقيتها.
    فان كنت تفخر بهراء السيد بهاء الدين الخاقاني و تطبل له فهذه مشكلتك و هنيئاً لك و علامة الغيب الذي تطبل له .

    ردحذف
  6. ما فرقت هذه المرة يا فاروق
    عندما قلتها كنت اقصد انك تفرق بين الحق والباطل واني كنت مخطئا في اضافتي للتعليق مبهماً وذلك بسبب ضيق الوقت وانطفاء الكهرباء
    http://alamriya.blogspot.com/2011/01/blog-post_24.html

    ردحذف
  7. اشكر السيد سحاب على توضيحه و لو بعد حين.
    ارجوا معذرتي ايضاً عن سوء فهمي و كل ما صدر مني تجاه شخصكم الكريم  من كلمات قد تكون جارحه .
    اما بالنسبه للموضوع ذات الصله فانه ثابت لا يتغير بالنسبه للاستاذ المرحوم الدكتور على الوردي من حيث النقد الذي تم من قبلي  والذي كان مبنياً على المقال البحثي من قبل السيد بهاء الدين الخاقاني والذي أراد ببحثه ان يكحلها فعماها .

    ردحذف
  8. دعني احدثك عن موقف حصل أمامي عن الاسم عمر حين كنت معتقل في ملجأ الجادرية 2005 كان معنا معتقل اسمه عمر فكانوا لا ينادونه باسمه إلا مع شتم وسب عمر الكذا هيج من اسمك
    وبعد ان عثرت علينا القوات الامريكية ونقلتنا الى سجن ابو غريب اخترنا عمر ليكون هو ممثل ومدير للمعتقلين لذلك قابله احد الضباط الامريكان ليشرح له مسؤلياته ومنها توزيع الطعام وقال له ما اسمك قال عمر فقال الامريكي اتمنى ان تكون مثل الخليفة عمر في عدله
    كانت صدمة لنا بعد اشهر من الطائفية ووضحنا للامريكي كيف كانوا ينادون عمر ويعذبوه

    ردحذف