2012/01/31

شيعي اولا .. عراقي ثانيا !!


في الشهر الماضي نشرت صحيفة الغارديان مقال افتتاحي تناقش فيه مستقبل العراق بعد الانسحاب الامريكي.. وفيه يتساءل الكاتب عن جدية المقولة الامريكية التي تروج بان الحرب في العراق قد انتهت.. كاتب افتتاحية الغارديان يورد امثلة كثيرة تُكذّب هذه المقولة.. من ضمنها تصريح لنوري المالكي في احدى الغرف المغلقة  يقول فيه انه شيعي اولا وعراقي ثانيا.. وكاتب مقال الافتتاحية يتسائل " ما هو مستقبل دولة كهذه، اذا كان رئيس وزرائها يضع انتمائه المذهبي قبل انتمائه الوطني.. وهنا النص الانكليزي لهذا المقطع:

A war that is over?  Take the answer that the prime minister Nouri al-Maliki gave last week when asked to describe who he thought he was – first a Shia, second an Iraqi, third an arab, and fourth a member of the Dawa party. What chance for a nation state, if its prime minister places his confessional identity above his national one   

يوم امس فقط وبعد مضى اكثر من شهر على مقال الغارديان..اصدر المكتب الاعلامي للمالكي بيان يهدد فيه بمقاضاة صحيفة الغارديان لانها نشرت تصريح المالكي هذا..البيان يتهم الغارديان بان تغطيتها للشأن العراقي لاتتسم بالحياد والمهنية.. ويضيف ان المالكي "لم يدل بهذا التصريح لا لهذه الصحيفة ولا لغيرها".. بيان المكتب الاعلامي للمالكي وبلغته الخشبية المعهودة لم يذكر مقولة "عراقي اولا، شيعي ثانيا" ولكنه اشار فقط الى عنوان مقال الغارديان الذي ورد فيه تصريح المالكي. 

 ساضع جانبا، سالفة المهنية والحياد.. فرئيس وزراء ديمقراطية الاعترافات التلفزيونية هو اخر من يحق له الحديث عن المهنية !! ورئيس وزراء دولة تستخدم قاسم عطا متحدثا رسميا هو اخر من يحق له الكلام عن الحياد !! ولكن ما يستوقفني في بيان المالكي هو انه يقول لنا انه لم يدل بذلك التصريح لا لصحيفة الغارديان ولا لغيرها.. بتعبير اخر، المالكي لا ينفي انه قال ما قال في الغرف المغلقة.. ولكنه فقط ينفي انه قال ذلك لصحيفة الغارديان او لصحيفة اخرى.. بمعنى ان المالكي يعتقد ان الصحفي عليه ان ينشر فقط ما يقوله له المسؤول السياسي..الصحفي في هذا الفهم الستاليني يجب ان يسجل فقط ما يقال له في الاجتماعات الرسمية.. اما ان يذهب الصحفي في الكواليس باحثا عن ما يقال في الغرف المغلقة.. فهو بنظر المالكي سلوك لايتسم بالحياد والمهنية..من هنا غضب المالكي من صحيفة الغارديان التي نشرت ما لم يكن مخصصا للنشر.

غضب المالكي مفهوم اذا ما استحضرنا دور الصحافة في ديمقراطية المنطقة الخضراء.. فالمالكي قد تعود ان يستدعي الصحفييي العراقيين ويعطيهم المواد الاخبارية.. الصحفي في ديمقراطية الاعترافات التلفزيونية هو بوق يقف خاشعا امام اكاذيب قاسم عطا ويذهب بعد ذلك لنشرها.. الصحفيين في مزرعة المالكي هم قطيع يتم استدعائهم من اجل تصوير واستجواب متهمين بالارهاب يرتدون بدلات برتقالية.. وهذا ما قامت به حكومة المالكي قبل ثلاثة اسابيع حين وضعت متهمين بالارهاب اما قطيع من الصحفيين العراقيين في مسرحية ميلودرامية على الطريقة الفلمهندية التي تعشقها الذائقة الشيعية.. وقمة الوضاعة في هذا العرض المسرحي كانت صورة الطفل الباكي الذي يواجه ما قيل انه قاتل ابيه.. وهي صورة تذكرنا بصورة الام مع اطفالها في احدى المحاكمات الستالينية.. حين دخل الاطفال في نوبة بكاء مكيلين الاتهامات لوالدهم (المعارض السياسي) الذي كان في قفص الاتهام ومطالبين بانزال اقصى العقوبات بحقه.. عندما شاهد البير كامو هذا المشهد كفر بالشيوعية وبكل شعاراتها. 

المذهل ان من صدعوا رؤوسنا بقصصهم عن جمهورية الخوف البعثية وبشرونا بعهد جديد لم يعترضوا على هذا الاسلوب الستاليني..اما صحافة "شيعي اولا وعراقي ثانيا" فقد صفقت لهذه المسرحية المبتذلة وشاركت فيها بابتذال مخيف.. وهو شيء غير مستغرب من صحفيي العراق حيث تحولت مهنة البحث عن المتاعب الى مهنة البحث عن قطعة ارض سكنية !! اما الاعلام الامريكي فقد مر مرور الكرام على هذا "الانجاز" المخجل للديمقراطية المحمولة جوا.. النيويروك تايمز نشرت باستحياء مقال نقدي للمسرحية المالكية المبتذلة ولكن مع عنوان بارع :

Iraq Turns Justice Into a Show, and Terror Confessions a Script

فقط صحفي وضيع يقبل ان يقف امام شخص متهم بالارهاب ومحاط بجلاديه ويسأله عن جرمه.. خصوصا وان ابسط عراقي اليوم يعرف كيف يتم انتزاع الاعترافات من هولاء المتهمين.. ومقال غيث عبد الاحد الذي نشرته الغارديان قبل اسبوعين عن حال السجون العراقية هو وثيقة بارعة ودامغة في هذا الاطار.. وانا شخصيا اعتقد ان مقال غيث عبد الاحد هذا هو ما اثار المالكي وعصابته ضد الغارديان اكثر من مقولة "شيعي اولا وعراقي ثانيا".. فمقال غيث يرسم صورة مخيفة للسجون العراقية اليوم.. سجون يقايض فيها ضابط اُم تريد استرجاع ابنها الذي تمت تبرئته قضائيا منذ شهور ولكن الضابط يتصل بالام الفقيرة ويطلب منها مبلغ مالي ضخم من اجل الافراج عنه واذا لم تجلب هذا المبلغ  فهو يهددها بتعذيب ابنها..وعلينا ان نتذكر هنا ان المالكي سبق وان رفع قضية ضد الغارديان امام القضاء العراقي لانها نشرت تحقيق سابق لـِ غيث عبد الاحد مع ثلاثة من جهاز المخابرات العراقي اتهموا فيه المالكي بالنزعة الدكتاتورية.

البير كامو يقول:"اذا اردت ان تعرف مستوى تحضر بلد ما، فانظر الى سجونه".. وبنفس المعنى، اذا اردت ان تحكم على العراق اليوم فانظر الى سجونه ودعك من كل الخطابات الرسمية.. واذا اردت ان تحكم على مستوى الديمقراطية في العراق اليوم فانظر الى نظامه القضائي الذي يسمح باسلوب الاعترافات التلفزيونية التي تتنزع تحت التعذيب.. واذا اردت ان تعرف مستوى الحرية في العراق اليوم فانظر الى مستوى الاعلام الشيعي الذي يتناقل الخطاب الحكومي بميكانيكية البرافدا السوفيتية.. اما اذا لم تقتنع بكل هذا وبقيت مصرا على تصديق "وكالة انباء قاسم عطا".. فعليك عندها ان تأخذ نفسا عميقا .. وتهيء نفسك لاستيعاب حقيقة تحاول بلا وعي دفنها تحت تبريرات مختلفة.. وهي انك شيعي اولا.. وعراقي عاشرا.

هناك 6 تعليقات:

  1. غير معرف03 فبراير, 2012

    نعم شيعي اولاً و عراقي عاشراً...لاني منذ ولادتي بل منذ ولادة اجدادي عوملت بهذه الطريقة...حتى و انا ملحد فلا استطيع ان ادخل الكلية العسكرية و فرصتي بالوضيفة ضئيلة و بالدراسةلان اصلي شيعي و لا بنى تحتية في مدينتي بينما ترفل تكريت بالمصانع و بالنعم من اموال النفط المسحوبة من تحت اقدامي بالجنوب و لا انسى مشاهد الصواريخ تنهال على مدينتي و الدبابات تحمل لافتات لا شيعة بعد اليوم...نحن اكثرية و لسنا اكثرية صامتة بعد اليوم مهمافجرتم و قتلتم و ارهبتم
    طز بالاقلية الحاكمة التي لا تعرف لغة سوى الحروب و المحسوبية و العشائرية و ارسال اموال الشعب الى دول الجوار
    شيعي و سأبقى شيعي اولاً و الحكم لنا و لا لحكم الاقلية الارهابية و نعم للاقاليم

    ردحذف
  2. صباح هاشم04 فبراير, 2012

    التعليق أعلاه يعبر بأفضل طريقة عن منطق "الشيعيون" الذي لا يعترف بفكرة المواطنة العلمانية ولو للحظة.. بل لا يعتقد بضرورة التعايش مع المختلفين دينيا وقوميا لأنه تربى منذ صغره على أنغام "يا الما ننسى ثارك.. ملينا انتظارك".

    علينا أن نغسل أيدينا من هذا البلد المحترق وأوزاره، فلا أمل يرجى من التفكير فيه، تماما كما غسل بيلاطس البنطي يديه من إثم يسوع الناصري.

    ردحذف
  3. غير معرف07 فبراير, 2012

    فليجهز هولاء  أنفسهم لرحلة العودة
    للمعلق رقم 1 : أنت شيعي أولا" و أخيرا"
    أنت صادق عندما  تصرح في تعليقك بأنك شيعي أولا" و عراقي عاشرا" و منطقيا" رقم عشرة بهذه المواضيع المهمة و المصيرية تعني صفر أي أنك لست عراقيا".  
    ذكرت في تعليقك  : نعم شيعي اولاً و عراقي عاشراً
    فلا استطيع ان ادخل الكلية العسكرية و فرصتي بالوضيفة(تصحيح الوظيفية) ضئيلة وبالدراسةلان اصلي شيعي .
    أولا" :
    ما ذكرت في تعليقك  صحيح خلال فترة النظام السابق و هذا النظام ليس موجودا" الآن فإذا كنت فعلا" مواطنا" عراقيا" فمن الطبيعي أنك تنتسب للعراق الآن و ليس  للطائفة كما ذكرت .
    و لكنك في الواقع و بالتأكيد أنك لست عراقيا".
    أنت صادق عندما تقول أنك لم تستطع الدخول للكلية العسكرية !!!
    هل تريد معرفة السبب !!!!!!!
    السبب ؟ ؟؟؟؟
    لأنك من التبعية الإيرانية و لكنك لا تعترف بذلك كغيرك من المتواجدة خلستا" في السابق و عادت مع القوات الامريكية و الايرانية فأنت أما من الفرس أو من الفيلية!!!!!!!! ولعلم القراء .. الفيليون هم إيرانيون وهم  خليط من عرقين (الفارسي و عرق آخر غير معروف ).
     و كان يسمح لهم في العراق و غيرها  سابقا" لدواعي إنسانية  بالترزق و العيش و الدراسة بالمدارس و المعروف أنهم  لم يسمح لهم الدخول في الجيش  و طردوا  بعدما أصبحوا طابورا" خامسا" لوقوفهم مع إيران .
    و من  المعروف أن كثيرا" من الإيرانيين الذين دخلوا العراق و الدول الخليجية العربية  و أيضا" للبنان مثل موسى الصدر و حسن نصر الله و الكثيرون منهم ,  و يمكننا معرفتهم من وجوههم و سحنتهم  و كذلك  لسوريا  أيضا" من أيام  فترة المقبور ساقط (الضبع) الاسد؟ وكذلك   نزح كثير منهم   و تخفوا و ما أسهلها في تلك الفترة خصوصا" عندما كانت الحدود مفتوحة و وضعوا لهم أسماء و أصول عربية  وحصلوا على الجنسية بالتزوير  ليعيدوا مسلسل أبناء العلقمي والبراكمة  كما هو الحال في العراق و لبنان و سوريا و البحرين و غيرها و على نطاق واسع و  تحت غطاء الدين الايراني الصفوي الجديد المغلف بالكذب و التزوير .
    و فوق كل هذا و ذاك يشتكي المعلق رقم واحد عن عدم السماح له و لأشكاله الدخول في الكلية العسكرية لكي يكرروا مسلسل البرامكة و ابن العلقمي لعنة الله عليهم.
    ثانيا" :
    من خلال متابعتنا أيام الحرب  الإيرانية عندما كانت إيران تهدد  الدول العربية بتصدير دينها الإيراني و ثورة الزبالة  كنا نسمع الكثير من أسماء قادة الجيش العراقي  اللامعين  و الطيارين الأكفاء و المراتب والجنود  من العرب الشيعة الذين  كسروا راس إيران و خمينيهم  و شربوه السم الزعاف .
    و هناك أيضا"  وزراء و رؤساء وزراء  منهم و مدينة صدام (الصدر) حاليا" و كانوا جنوده المخلصين  فنظام صدام الطاح حظه كان علمانيا" بالدرجة الاولى و قربهم و كل أجهزته القمعية كانت منهم من الشروك و غيرهم و المنتفعين.
    و البعثات الدراسية للخارج كانت أكثريتهم من دكاترة و مهندسين منهم . فالنظام البائد كان علمانيا" كما هو الحال في العهد الملكي الذهبي .
    و إذا تراجع مقال سابق  في المدونة ستجد التفاصيل :
    " بالمقلوب ..... محاكمات قاسم عطا " ..... فهو كغيره إما  إيراني  أو فيلي إلخ   و كان بعثيا"  متخفيا" و سوف تستنتج ذلك  من سيرته الذاتية أنه   و الدليل أنه درس  على نفقة وزارة دفاع النظام  البائد .
    فلماذا لم تفعل انت و لديك كل  تبريرات التقية و المكر المتأصلة بكم  بدلاً من اللطم  بعد فوات الاوان و تخربط بتعليقك و تتكلم على أيام زمان بينما  المدون كان يتكلم عن الوضع الحالي خصوصا" أن الحكم بأيديكم و إيران تحميكم فالمفروض  انت و مالكي و بقية التبعية إذا كنتم فعلا" عراقيين أن تقولواأنكم عراقيين بالدرجة الاولى و لكن الواقع و بقريرة أنفسكم داخليا" لستم  إلا إيرانيين حتى العظم و صدق من قال "تكسر عظمه يطلع عسل" .
    فليجهز هولاء  أنفسهم لرحلة العودة ل   أمهاتهم  و لا ينسوا أخذ  زبالتهم من جماعة مشيمع و العمائم النتنة من البحرين أيضاً  لكي يعملوا لطمية جماعية على قبر سيدهم أبي لؤلؤة المجوسي  ,
    لأن تحرر سوريا  و لبنان و العراق  سوف يتم رغم أنوفهم عاجلا" أم آجلا" و ما بني على باطل باطل فليتجهزوا .
    سوريا ستحرر قريباً , السره جايكم قريباً لملموا زبالتكم ..اين المفر ....

    ردحذف
  4. غير معرف18 فبراير, 2012

    لنرى مدينة البصره..
    بعد ان استلموا البعثيون الحمقى الحكم في العراق كانت البصره اكثر 60% من سكانها مسلمين سنة وفي اخر ايام هؤلاء الحمقى... اصبحوا السنة اقل من 30% من سكان محافظة البصره بفضل سياسةالبعث الخرقاء التي كانت تفضل محافظة على الاخرى دون النظر الى المكون الطائفي فلو استثمر وجود غالبيه سنيه في البصره لاصبحت الان شوكه الجنوب في عيون ايران وهذا دليل ان البعث لم يكن طائفي ولكن ايضا لم يكن حزب دوله بل مجموعه من الحمقى هواة في السياسة

    ردحذف
  5. غير معرف09 أبريل, 2012

    بل شيعية اولا و شيعية أخيراً :)

    العراق وطن الاب و الجد انتمائي له لا ينفك يزداد في كل يوم تُوضّب فيه حقائبي للرحيل ... لا تصح مقارنته بالعقيدة و الدين .... مع الاخذ بعين الاعتبار ان فيه اراض مقدسة لنا ... فكيف يكون ثانيا و ثالثا و عاشرا .. العراق عندي قبل مكة حتى -مع حفظ القدسية-

    مالذي اتى بي هنا!!

    ردحذف
  6. غير معرف05 يناير, 2013

    الله يهديكم ان شاء الله

    ردحذف