2012/04/29

عن اساليب واكاذيب "روميو" الشيعي

"وسام قد قتل. انتظروا دوركم. واذا كنتم تريدون الحفاظ على حياتكم غادروا السعدية".. هذه هي الرسالة التي استلمتها عائلة وسام الكردية التي تعيش في مدينة السعدية في محافظة ديالى من العصابات الشيعية التي قتلت وقطعت جثة وسام .. حدث هذا بعد الخلافات الاخيرة بين الاحزاب الشيعية و"حكومة" كردستان.. ويقولون لك ديمقراطية !!

نحن هنا امام ديمقراطية فريدة من نوعها.. فانت صديق طالما انك تتفق مع الاحزاب الشيعية ولكن ما ان تخالف املاءاتها فانت عدو.. وبالتالي فأن مصيرك هو القتل والتهجير..فما ان اختلف الاكراد مع "الديمقراطية" الشيعية هذه حتى بدأت القنابل تمطر على  مقرات الاحزاب الكردية في بغداد.. وبدءت عمليات التهجير الاثني.. وهذه الطبيعة العصاباتية الانتقامية هي اهم سمات الديمقراطية الشيعية.. ديمقراطية بالمعنى الافلاطوني للكلمة.. اي حكم الغوغاء..حيث يسود قانون الغلبة .. قانون العدد ..قانون استعراض العضلات .. وهذه الطبيعة الغوغائية الاستعراضية كانت ولاتزال السبب الرئيسي في ما حل ويحل بالعراق منذ ٢٠٠٣.  

ولفهم الطبيعة الغوغائية الاستعراضية للديمقراطية الشيعية..عليك ان تفهم قول خطير للسيستاني اوردته مؤخرا وكالة الاسوشيتد برس في تقريرها عن رؤية القيادة الشيعية للصراع في العراق .. فالسيستاني قال لوفد شعبي شيعي زراه قبل عاشورا الاخيرة مايلي  : " قلت دائما ان شيعي من بغداد يعادل خمسة افراد شيعة من النجف. انتم الاغلبية واعدائكم يحاولون التقليل من عددكم. فاخرجوا ومارسوا شعائركم".

I always say that one Shiite from Baghdad is worth five Shiites like me from Najaf ... You are the majority and your enemies are trying to reduce your numbers,” al-Sistani said, according to one of the 30 men who attended the seven-minute meeting last November. “Go out and perform your rituals 

وهذا القول يؤكد الاستخدام  السياسي لاعداد الزوار كسلاح في المعركة من قبل الساسة الشيعة.. فـ السيستاني هنا يطالب الجمهور الشيعي بالخروج باعداد كبيرة من اجل استعراض القوة العددية.. انه منطق الغلبة العددية.. منطق الشقاوات.. لا غرابة بعد ذلك ان يعتقد السيستاني ان شيعي يسكن بغداد هو افضل من شيعي يسكن النجف ..لأن الشيعي في بغداد هو رأس حربة في المواجهة مع السنة من اجل السيطرة على بغداد وفرض اغلبية شيعية .. فقط عندما نفهم منطق الغلبة العددي هذا سنفهم ايضا فتاوى السيستاني التي تحرم على الشيعية الزواج من سني وتبيح زواج الشيعي من سنية.. فهدف هذه الفتاوى الطائفية هو تشييع اكبر عدد من النساء السنيات عن طريق الزواج من شيعي ..لان الزوجة في مجتمع مغلق يمكن دفعها بسهولة على اعتناق مذهب زوجها.

وهنا لابد من الاشارة الى مسرحية "روميو وجوليت في بغداد" التي قام باخراجها مؤخرا مخرج شيعي..هذا المخرج الشيعي يقول لنا في مسرحيته ان العائلة السنية ترفض زواج "جولييت" السنية من "روميو" الشيعي لانها تفضل تزويجها الى احد ابناء "الارهابيين" العرب الذين قاتلوا الامريكان في العراق.. بمعنى ان العائلة السنية تنطلق في رفضها من موقف طائفي.. تصورا حجم استهتار مسرح اللطم بعقول الناس.

نعم العوائل السنية اليوم ترفض تزويج بناتها الى شيعة ولكن ليس للاسباب الفلمهندية التي يوردها مسرح اللطم.. العوائل السنية ترفض اليوم تزويج بناتها الى شيعة لانها عاشت ويلات الحرب الطائفية التي انتجتها محكية المظلومية الشيعية.. العوائل السنية ترفض تزويج بناتها الى شيعة لانها اطلعت على فتاوى السيستاني الطائفية التي تحرم على الشيعية الزواج من سني وتبيح زواج الشيعي من سنية.. وهذا ما يتناساه المهرج الشيعي النائم في اوهام الخطاب السياسي الشيعي.

من اين لمهرج قادم من خلف السدة ان يفهم مقولة ستندال: "ان إقحام السياسة في عمل فني هو مثل اطلاق رصاصة اثناء سمفونية"!!

2012/04/14

عرب فوبيا .. استكان شاي مع هيرودوت


نشر طالب الشطري مؤخرا مقال فحواه ان فيلم القادسية قد كون صورة نمطية باذهان العرب عن الامة الفارسية.. وان معركة القادسية الاولى مزقت الحضارة الفارسية التي عمرها الاف السنين.. والشطري يتسائل: "لماذا يكره العرب بلاد فارس؟".. فطبيعة الحضارة الفارسية بحسب الشطري "غير هجومية وقليلا ماخرجت عن حدودها في مهمة استعمارية.. وهي قد قدمت الكثير للانسانية على العكس تماما من جيرانها العرب الذين ظلوا في حالة هجوم دائم على جيرانهم".

ساضع جانبا اعتقاد الشطري الساذج بان فلم القادسية (الذي لم يسمع به ولم يشاهده اغلب العرب) كان السبب في تكوين صورة نمطية باذهان العرب عن الفرس.. فكل من ينظر ابعد من انفه للعالم يعرف ان العداوات والضغائن بين الشعوب المتقاربة جغرافيا هو شيء شائع.. والضغائن الموجودة بين الفرنسيين والالمان او بين الصينيين والكوريين هي نماذج من امثلة كثيرة.. السؤال الذي يطرح نفسه عندها هو لماذا يقوم بعض الكتاب الشيعة بتقديم الامور من منظور مانوي قائم على ثنائية الخير والشر.. كما لو ان العرب هم السبب في العداء التاريخي بين العرب والفرس ؟ كيف تحول ما هو مشترك بشري من منظور انثروبولوجي تاريخي الى عربفوبيا عند الكتاب الشيعة ؟؟ والجواب على هذا السؤال ليس صعبا.. انها الرابطة المذهبية.      

من يعرف التاريخ سيضحك على سذاجة الشطري الذي يجتر الكليشة الايرانية التي تقول بان" الحضارة الفارسية غير هجومية وقليلا ماخرجت عن حدودها في مهمة استعمارية" !! فمفردة "قليلا" في هذه الجملة تضعنا امام مفارقة ساخرة.. وهي ان "الحضارة" الفارسية كانت تخرج من حدودها ولكن في اغلب الاحيان في مهمات انسانية من اجل توزيع "الحامض حلو" على الشعوب المحيطة بها !! فلو قام الشطري باعادة قراءة  كتاب الاول المتوسط عن التاريخ القديم وتمعَن في الخرائط وشاهد البقعة الجغرافية الهائلة التي كانت تحت سيطرة فارس..ربما سيفهم ان خلف ما يطلق عليه اسم "حضارة" لاغراض تزويقية تختفي حقيقة تاريخية اسمها "امبراطورية".. وبعد ان يبحث الشطري عن مفردة امبراطورية وتعريفها في كتاب الاول المتوسط.. سيجد ان جوهر الامبراطورية هو التوسع الجغرافي على حساب الشعوب المجاورة.. ولو كنت معلم الشطري لعاقبت هذا التلميذ الكسول بكتابة كلمة امبراطورية وتعريفها مئة مرة..عله يفهم الفرق بين ظاهر"الحضارة" وجوهر"الامبراطورية".. ومع بعض الحظ قد يفهم ان الحضارة هي الدرجة الاخيرة في مسار التوسع والتراكم الامبراطوري.. بمعنى ان الغزو والنهب واستعباد مئات الالوف من اسرى الحروب هي الاسس الاقتصادية والشروط التاريخية التي مكنت الحضارة الفارسية وكل الحضارات القديمة .. قولوا "آمين"!!

كل من يعرف قسوة الحروب في الماضي سيضحك ايضا عندما يسمع الشطري يقول لنا ان معركة بويب التي سبقت معركة القادسية "هي مجزرة تخلو من روح الفروسية والشهامة قام خلالها القائد العربي بقطع طرق الانسحاب على الجيش الفارسي لتتم ابادته بالكامل ثم عاد هذا القائد ليعترف بانه ارتكب خطئا اخلاقيا".. وهذه في الحقيقة احدى كليشات العرب فوبيا.. خذوا كل تاريخ العرب وقارنوه بتاريخ الفرس ستجدون ان العرب ورغم كل حروبهم وعنفهم هم حَمامات وديعة مقارنة بوحشية الفرس اثناء الحروب.. فعندما احتل الفرس مدينة بابل قاموا بخوزقة ثلاثة الاف من خيرة رجالها وعلمائها!! وعلماء التاريخ يقولون ان ما فعله الفرس بـِ بابل بعد احتلالها قد اعاق التقدم العلمي لعدة قرون.. والشطري يستنتج غياب روح الفروسية والشهامة عند العرب فقط لان قائد عربي طبق قاعدة "الحرب خدعة" وقطع الطريق على جيش العدو اثناء انسحابه من معركة ضارية.

استنتاج الشطري الساذج هذا يدفعنا للاعتقاد بانه لم يسمع عن روح "الفروسية والشهامة" عند الفرس.. ففي احدى الحملات العسكرية للامبراطورية الفارسية من اجل توزيع الحامض حلو على السكوثيين قام اب طاعن في السن تم تجنيد ابناءه الثلاثة بالتوسل الى داريوس ملك الفرس وقائد الحملة من اجل ان يترك له احد ابناءه الثلاثة على الاقل.. فاجابة داريوس:"طلبك منطقي لذلك ساعيد لك الثلاثة بالمرة".. وامر بذبح الابناء الثلاثة وتسليمهم الى ابيهم !! تصورا اذا حجم الوحشية التي كانت تنتظر الشعب الذي كان هدفا لحملة الفرس هذه.. اما دموية الحكام الصفويين فهي مضرب للامثال.. فـ اغا محمد شاه قام بذبح نصف سكان مدينة كرمان وفقء عيون النصف الاخر فقط لأن سكان كرمان استقبلوا في مدينتهم الشاه السابق وهو خصم اغا محمد في الصراع على العرش.. والكتاب الشيعة يريدون ان يقنعوننا بكليشة بداوة العربي وعنفه.

من يريد ان يقرأ عن حملات وعنف الامبراطورية الفارسية فليقرأ المؤرخ اليوناني الهائل هيرودوت.. ففي احدى حملات الامبراطورية الفارسية لتوزيع الحامض حلو على الجزر اليونانية قام الفرس باسقاط مدينة ميله اليونانية وقاموا باستعباد كل سكانها.. وقد بلغ تأثر الاثينيين باحداث سقوط ميله الى درجة ان العمل المسرحي الذي اخرجه فرينكوس عن هذه المأساة قد ابكى جميع الحضور في المسرح.. مما دفع بسلطات اثينا الى منع العرض المسرحي وفرض غرامة على المخرج..لان اثينا كانت تعتقد ان هدف الفن هو رفع معنويات الجمهور من خلال امتاعه وتثقيفه وليس تأجيج الجروح.. تُرى كم من كويتب او حكواتي سيتعرض الى هذه العقوبة الاثينية لو انها طبقت في عراق اليوم.. العراق الذي اصبح فيه الشعراء الشيوعيين يكرسون وقتهم لدراسة وتحليل تصاوير "الامام" علي.. وبات مسرحيوه يتناولون سالفة الحسين بحجة انها ميثولوجيا.. ولكن اين نحن من اثينا ومن قوانينها !!

فـ اثينا، المدينة التي منحت العالم الفلسفة وبذورالديمقراطية، هي ايضا تعرضت الى حملات الامبراطورية الفارسية لتوزيع الحامض حلو!! وفي احدى هذه الحملات دخل الجيش الفارسي الى اثينا فوجدها فارغة من سكانها..لأن الاثينيين رفضوا العيش تحت ذل الاحتلال الفارسي فهاجروا الى جزيرة سَلَمين..فارسل القائد الفارسي اليهم مبعوثا يطالبهم بالاستسلام وقبول سلطة الملك الفارسي عليهم.. وقد حمل المبعوث الفارسي هذه الشروط الى ممثل السلطة الاعلى في اثينا وهو مجلس الخمسمائة نائب.. فاجتمع الاثينيين لسماع مداولات نوابهم.. فوقف احد النواب واسمه ليسيداس فاقترح التفاوض مع الفرس والقبول بشروطهم.. وقد بلغ غضب الاثينيين من هذا الاقتراح حدا انهم سحبوا هذا النائب وقتلوه على الفور.

 هل يفهم الشطري لماذا تصرفت اثينا رمز الديمقراطية والحرية بهذا العنف مع احد نوابها الذي عبر عن رأيه اثناء نقاش سياسي؟؟ هل يفهم هذا المتشاطر الذي يعتقد ان الامبراطورية الفارسية غير هجومية !! اشك في ذلك.. فسكان اثينا كانوا يعتقدون ان الاوطان قبل الرموز ومن يتعاون مع المحتل فهو خائن.. اما امثال الشطري فهم مع نموذج النجف التي قالت للجنود الامريكيين في مشهد تاريخي مخجل: "سيتي يَس، امام علي نووو"!! فعند امثال الشطري القبور تأتي قبل الاوطان.. ومع ذلك فمن يدري .. فربما سيعيد الشطري قراءة كتاب الاول متوسط عن التاريخ القديم.. وربما سيفهم لماذا يكره اليونانيون الفرس..عندها .. وعندها فقط .. سيفهم ان الامبراطورية الفارسية لم تكن تخرج عن حدودها من اجل توزيع الحامض حلو على الشعوب.