2013/10/31

السَّب والشتم في تاريخ الاسلام .. جمناستك شيعي


لو اتيت بشخص يتمتع بنصف قواه العقلية وقلت له ان السَّب والشتم في تاريخ الاسلام بدأ في عهد الدولة الاموية.. ثم تأتي بعد ذلك وتقول له ان علي ابن ابي طالب قال لاتباعه في معركة صفين:"إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين".. فأن هذا الشخص سيضحك على سذاجتك المنطقية وسيقول لك بأن منظورك التاريخي مصاب بعمى الالوان.. لماذا؟

 لأن هذا الشخص يعرف ان معركة صفين جرت قبل تأسيس الدولة الاموية.. ومقولة "إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين" إن دلت على شيء .. فهي تدل على ان السبب والشتم كان سائدا بين انصار علي ابن ابي طالب قبل تأسيس الدولة الاموية.. ومن هنا فأن القول بأن "السَّب في تاريخ الاسلام بدأ في عهد الدولة الاموية" هو كذب مستهتر بعقول الناس. 

هذا الكذب المستهتر بعقول الناس ورد في مقال رشيد الخيون تعليقا على مظاهرة السب والشتم ضد السُنة في الاعظمية والتي قادها شيعي مفخخ بأكاذيب كتاب السقيفة.. رشيد الخيون ادان مظاهرة السب والشتم بحجة ان علي ابن ابي طالب قال لاتباعه في معركة صفين:"إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين".. ولكنه ما ان ينتهي من فعل الادانة حتى يعود ويشنف آذان "الطائفة" بسالفة "ان السّب في تاريخ الاسلام بدأ في عهد الدولة الاموية".

هذا "الفطحل" يقوم بمثل هذه الاستدارة القرووسطوية لانه نتاج ثقافة تبريرية ضدية.. فلِسان حال هذا الكاتب يقول: ان شتم وسب عمر هو فعل مدان ولكن علينا ان لا ننسى بأن "السّب بدأ في عهد الدولة الاموية".. فعل التذكير هنا هو فعل تبرير.. تصوروا محامي يقول مدافعا عن مدان: سيدي القاضي نعم موكلي شتم السيد فلان وهذا فعل مدان ولكن جَد السيد فلان قام قبل اربعة عشر قرنا بِسَب جَد موكلي!! مذهل اليس كذلك ؟ 

المضحك المبكي هو ان هذا الكاتب يعتقد انه معتدل قياسا بالشخص الذي قام بمظاهرة السب والشتم في الاعظمية.. غير عارف بأنه ضحية لنفس المنطق.. فكلاهما، من منظور بنيوي، يقومان بنفس الشيء: اسقاط الماضي القرووسطوي وثأراته على الحاضر العراقي.. لانهما نتاج ثقافة شيعية باثولوجية.. وكما قلت سابقا فأن اسقاط الماضي القرووسطوي وثأراته على الحاضر العراقي هو رياضة شيعية بامتياز.. اسقاط الماضي القرووسطوي وثأراته على الحاضر العراقي هو جمناستك شيعي ممل.

وصاحبنا الذي يقول ان السَّب بدأ في عهد الدولة الاموية ثم يقول بعد ذلك بأن علي ابن ابي طالب قال لاتباعه في معركة صفين:"إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين".. لا يقوم بأكثر من الاستدارة قرووسطويا والسقوط على مؤخرته.. هذا هو مستوى الجمناستك الشيعي.. بضعة جقلمبات.. وسقوط على المؤخرة !! 

2013/09/30

اوهام رَجُل المارلبورو.. وقوانين الفيزياء السياسية


قرأت موخرا مقابلة مع هادي العامري يقول فيها "أنا رفعت السلاح ضد صدام حسين أكثر من ٢٠ عاما. والله لو خيرت بين القاعدة وبين صدام حسين لقاتلت إلى جانب صدام حسين ضد القاعدة لأنه لا يوجد أسوأ من القاعدة".

 مُحيّر امر الاسلامجية الشيعة.. لا يعجبهم العجب.. بالامس كانوا يتهمون صدام بالكفر والالحاد لانه استبعد الدين من الحقل السياسي.. اليوم وبعد ان اصبحت شوارع العراق ملعبا للمفخخات اصبحوا يحنون لصدام.. هُم استخدموا الدين سلاحا في المعركة السياسية.. ولكنهم يتأففون عندما يجابههم خصمهم بنفس سلاحهم.. لا تعرف ماذا يريدون.. هُم قد رفعوا شعار "ماكوا ولي الا علي ونريد حاكم جعفري".. ونظّموا انفسهم في "البيت الشيعي".. ولكنهم يريدون من السُنّة ان يُنظِّموا انفسهم في احزاب علمانية كما كان الحال طوال تاريخهم المعاصر.. مُذهل هذا العور الفكري الشيعي.

قوانيين "الفيزياء السياسية" تقول لنا ان التيارات السياسية تتفاعل وتتأثر ببعضها.. فعل ورد فعل.. مثلا انت لا تستطيع فهم صعود الحركة الاشتراكية من دون ان تأخذ بالاعتبار الكوارث التي خلفتها الرأسمالية الصناعية.. وبنفس المعنى انت لاتستطيع فهم صعود الاسلام السياسي السني في العراق اليوم من دون ان تأخذ بالاعتبار الكوارث التي خلفتها محكية المظلومية الشيعية.. بمعنى ان الاسلام السياسي السني اليوم في العراق هو رد فعل على الاسلام السياسي الشيعي.. واستخدام كليشات القاعدة والارهاب والتكفيريين ما هي الا دخان لتشويه هذه الحقيقة.

تفحّص تصريح العامري.. ماذا تجد؟  هناك صدام وهناك قاعدة وما بينهما فراغ.. ما الذي حصل لكي يتحول صدام الى شخص رحيم بعد ان كان مجرما بنظر الخطاب الشيعي..لا تعرف.. ما الذي حصل خلال فترة العشر سنوات لكي يحدث هذا الانقلاب الفكري داخل "العقل" الشيعي.. لا تعرف.. ما هو دور الشيعي في كل هذا التحول الكارثي.. لا تعرف.. ظاهرة سحب الذات من فضاء الفعل التاريخي هي عاهة مستديمة في الخطاب الشيعي.

منطق "الختّيلة" هذا هو منطق الخطاب الشيعي تاريخيا.. الشيعي هو شخص لم يساهم في انتاج الواقع.. وبالتالي غير مسؤول عما يحصل فيه.. وهو اذا ما ظهر فدائما بدور الضحية.. شخص "صافن" جالس على قارعة الطريق ويأتي شخص اخر ويضربه.. هكذا بلا اسباب.. لا تعرف لماذا.. "إمام معصوم" ينتظر خليفة اموي او عباسي ليدس له السم .. رجل دين ينتظر طاغية ليعدمه..عامل شيعي يقف في المسطر ويأتي ارهابي ويُفجّره ( "الشيوعيون" القادمون من خلف السدة يعشقون هذه الصورة المغلفة برمزية بروليتارية ) !! الشيعي في هذا الطرح هو شخص لم يفعل شيء.. شخص بريء ليس له علاقة بما يحدث.. رجل خارج الواقع.. كرجل المارلبورو في دعاية شركة التدخين الامريكية !! رجل وحيد يدخن سيكارته بعيدا عن العالم وضوضاء العالم!! 

رجل المارلبورو هذا الذي يعيش في اوهام براءته.. ما زال يعتقد بأنه "لا يوجد أسوأ من القاعدة".. وهذا العوَّر الفكري هو سبب كل مشاكل العراق.. ارجوكم قولوا له.. كرروا على اسماعه.. وبلا ملل .. بأن هناك من هو اسوأ من "القاعدة".. قولوا له بأن من هو اسوأ من "القاعدة" هو من رفع شعارات المظلومية الشيعية الضغائنية.. قولوا له بأن من هو اسوأ من القاعدة هو من رفع شعار "ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري".. قولوا له بأن من هو اسوأ من القاعدة هو من رفع شعار "كل ارض كربلاء وكل يوم عاشورا".. قولوا له.. كرروا على اسماعه.. وبلا ملل .. بأن من هو اسوأ من القاعدة هو من اعاد ادخال هذه المفردات القرووسطوية الى الحقل السياسي العراقي.. علّه يفهم قوانين الفيزياء السياسية.. علّه يفهم بأن "القاعدة" لم يكن لها وجود في العراق قبل ظهور خطابه المسموم.

2013/08/25

اصداء فرحة الزهراء .. جينيالوجيا الضغينة


الانفجار الذي شهدته طرابلس قبل يومين لايمكن فصله عن الانفجار الذي شهدته الضاحية الجنوبية  قبل اسبوع.. انه ديالكتيك طائفي.. معنى الديالكتيك في الاصل اليوناني هو فن الحوار.. والديالكتيك الطائفي هو فن الحوار بالمفخخات.. تفجير في الضاحية يقابله تفجير في طرابلس.. تفجير بتفجير.. مفخخة بمفخخة.. ولكن هذا ليس بجديد على المشهد اللبناني.. ما هو جديد في الديالكتيك الطائفي في لبنان هو ظاهرة توزيع الحلوى فرحا بموت الخصم.. فبعد انفجار الضاحية الجنوبية  قبل اسبوع خرج "لبنانيون" يوزعون الحلوى في مدينة طرابلس ابتهاجا بما اعتبروه ضربة لمعقل حزب الله.. ترى هل وزعت الضاحية يوم امس الحلوى ابتهاجا بتفجير طرابلس؟؟  

 الكاتب اللبناني حازم الامين نشر بعد انفجار الضاحية مقال ادان فيه "أقدام مواطنون لبنانيون على توزيع الحلوى فرحاً بموت لبنانيين آخرين".. الامين تساءل في بداية مقاله "ما الذي يمكن أن يدفع امرءاً للاحتفال بمشهد على هذا المقدار من القسوة؟" وانت كقارىء تنتظر اجابة ولو بسيطة على هذا السؤال المهم.. ولكنك تتقدم في قراءة مقال الامين فتجده يقول لك "لم يعد مهماً البحث في أسباب الضغينة. لن يجدي النقاش في الأسباب..." !! مذهل ان تسمع كاتب يستطيع نشر مقالاته وافكاره في اكبر الصحف العربية يقول لك "لم يعد مهماً البحث في أسباب الضغينة ولن يجدي النقاش في الأسباب".. غريب.. ما نفع الكتابة اذا.. ما قيمة الكتابة اذا اقتصرت على التأوهات والادانات والصفنات الشعرية !!  

عندما انتصرت مِليشيا "حزب اللة" على "الجيش الحر" في مدينة القصير قام بعض افرادها برفع راية يا حسين على احد جوامع المدينة المدمرة.. حسن نصرالله المدمن على الخُطب الكاستروية خرج على التلفزيون فقط لكي يقول لنا ان المسجد الذي رفعت على منارته راية يا حسين لم يكن مسجداً سنياً كما اشاعت بعض القنوات العربية وانما كان مسجداً شيعيا!! ولكن رأس حسن نصرالله الضخم لم يستوعب سؤال ازمتنا البسيط وهو ما علاقة الحسين فيما يجري في سوريا لكي ترفع راية يا حسين؟؟ بعد انتصار مِليشيا "حزب اللة" في القصير قام شيعة الضاحية بتوزيع الحلوى فرحا بهذا الانتصار الطائفي.. ولكن حازم الامين الذي ادان توزيع طرابلس للحلوى لم يشر الى حلوى الضاحية.. اذهب وحاول ان تعرف لماذا!!

قد اكون مخطئا ولكنني اظن ان سُنّة لبنان لم يعرفوا سابقا ظاهرة توزيع الحلوى احتفالا بموت بشر.. وفرضيتي هي ان حلوى طرابلس كانت رد فعل على حلوى الضاحية التي احتفلت بانتصار راية يا حسين في القصير.. ديالكتيك ضغائني.. ولكن ما اريد ان اقوله وهنا المهم.. هو ان ظاهرة توزيع الحلوى فرحا بمقتل بشر ليست ظاهرة جديدة كما يعتقد حازم الامين.. هذه الظاهرة لم تسقط علينا فجأة من السماء.. السماء لا تمطر ضغينة.. السماء لاتمطر حروب اهلية.. الحروب الاهلية هي مسار فكري طويل.. ظاهرة توزيع الحلوى احتفالا بموت بشر هي ظاهرة شيعية بامتياز.. لا اعرف ما اذا كان شيعة لبنان يقومون بذلك ام لا.. ولكنني اعرف ان شيعة العراق يمارسون هذه الظاهرة في طقس "فرحة الزهرة" الذي يصادف يوم مقتل عمر ابن الخطاب.. فرحة الزهراء بمقتل عمر او بالاحرى فرحة الشيعة بمقتل عمر هو احتفال سنوي تقيمه الاحياء الشيعية في العراق حيث يتم توزيع الاطعمة والحلويات.. هنا اصل الضغينة.. جينيالوجيا الضغينة. 

واحد من اعقاب السجائر الشيعية التي ساهمت في اشعال الحريق الطائفي وهو حسن العلوي يقول لنا وبعد خراب البصرة "ان السُنّة وطوال تاريخهم لم يبادلوا الشتم الشيعي للصحابة بالمثل وان الحكومات السنية لم تطلق اسم خليفة اموي على احد شوارع العراق او جوامعه".. نعم هذا صحيح!! ولكن على اعقاب السجائر اليوم ان يفهموا ان هذا الزمن قد ولى.. خصوصا بعد ان امتلأت شوارع العراق بصور الخميني.. اصداء "فرحة الزهراء" في سوريا ولبنان تُنبئنا عن الاعصار الطائفي القادم.. انه ديالكتيك الضغينة.. والفضل في اشاعة الضغينة يعود لامثال حسن الفهلوي.. آه لو كانت للكلمات محاكم !!

ارنست رينان يقول:"الوسيلة الاكثر فعالية لتوضيح اهمية فكرة ما، هو محو تلك الفكرة واظهار ما سيكون عليه حال العالم من دونها". 

Le moyen le plus énergique de relever l'importance d'une idée, c'est de la supprimer et de montrer ce que le monde devient sans elle

 ونحن اليوم في تلك البقعة الملعونة بالخرافات وقوادي الدين نعيش في عصر غابت عنه فكرة العلمانية.. كل الحكومات العراقية السابقة التي قامت بعد سقوط الخلافة العثمانية ورغم كل اخطأها لم تلغي فكرة العلمانية والتي هي في جوهرها فصل للحقل الديني عن الحقل السياسي.. ولكن ما ان اجتث قوادي المظلومية الشيعية فكرة العلمانية حتى ظهر القبح الاخلاقي لمجتمعات توزع الحلوى احتفالا بموت بشر.

المسؤول الامني الذي يقيم الحواجز والسيطرات في بغداد اليوم لمنع المفخخات.. ذلك المسؤول الامني الذي يحتفل كل عام "بفرحة الزهرة".. لم يفهم بعد ان المفخخة تنام في رأسه !!

2013/07/03

كتاب السقيفة .. الكذب سلاح في المعركة

في الاسبوع الماضي قال قائد القوات الامريكية السابق في العراق جورج كيسي بأن ايران متورطة في تفجير مرقد "الإمامين" العسكريين في سامراء عام 2006.. هذا التصريح انتشر في الاوساط السنية انتشار النار في الهشيم وخرجت اصوات تطالب باحالة القضية الى المحاكم الدولية.. مكتب المالكي اصدر قبل يومين بيان كذّب فيه اتهامات كيسي وبرأ ايران ودعا "الإدارة الأميركية الى ضرورة الزام المسؤولين الاميركيين ممن يعملون في العراق ‏او سبق لهم العمل فيه ان لا يخرجوا عن مقتضيات الصدق و المهنية".

عصابة المالكي التي ساهمت في دعم ماكنة الكذب الامريكية من خلال المؤتمرات والاكاذيب والمبالغات من اجل احتلال العراق.. تتكلم اليوم عن الصدق والمهنية !! السؤال هو لماذا رواية فبركها عميل مخابرات امريكي من اجل احتلال العراق هي رواية صحيحة عند امثال المالكي.. في حين ان رواية يرويها جنرال امريكي ضد ايران هي رواية كاذبة.. والجواب هو لان قبول او عدم قبول رواية ما، هو رهن بتماشيها او تعارضها مع المصالح الشيعية.. الرواية مقبولة اذا كانت تدعم المصالح الشيعية وهي مرفوضة اذا كانت تتعارض مع المصالح الشيعية.. وهذا المعيار الاعوج  يذكرني بتعليق لرجل دين شيعي بخصوص كتاب السقيفة.

"كتاب السقيفة" لـِ "سُلَيْم بن قيس الهلالي" هو اقدم كتب الشيعة.. وهو عبارة عن فلم هندي رديء ومن الدرجة العاشرة.. وفحواه باختصار شديد هو ان ابو بكر وعمر تأمرا من اجل الاستيلاء على السلطة على حساب علي.. وان ابليس هو من بايع ابو بكر وليس الصحابة الخ من فنطازيا المظلومية الشيعية المملة..المختصون بالتاريخ الاسلامي وبينهم مستشرقون كبار اظهروا بما لا يقبل الشك بان سُلَيْم بن قيس هو شخصية اسطورية مُختلقة.. وان كِتاب السقيفة هو كتاب مُزيَّف ويحتوي على مغالطات تاريخية لايقبل بها عاقل..على سبيل المثال لا الحصر: وجود احداث واسماء تعود للقرن الثاني والثالث الهجري في كتاب يقال انه كُتِب في القرن الاول الهجري !!

تصوروا كاتب فرنسي يؤلف كتاب في القرن السابع عشر ويذكر فيه اسم جاك شيراك ويتحدث عن فوز فرنسا بكأس العالم لكرة القدم عام ١٩٩٨ !! وكتاب السقيفة مليء بمثل هذه السخافات الفكرية المحتقرة لعقول الناس.. الادهى هو ان هناك حديث منسوب لـ جعفر "الصادق" يقول فيه:"من لم يكن عنده كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي فليس عنده من امرنا شيئا ...".. وهذا الحديث اذا كان صحيحا (وهومفبرك كأغلب الاحاديث) فأنه يعني ان جعفر "الصادق" كاذب !! لأن سليم ابن قيس هو شخصية وهمية لم يكن لها وجود تاريخي.. شخصية مختلقة .

 احد "المجتهدين" الايرانيين المعاصرين وهو ابو الحسن الشعراني اعترف بأن كتاب السقيفة هو كتاب مُزيَّف ولكنه يقول بانه مُزيَّف لغاية نبيلة وهي الدفاع عن مظلومية اهل البيت!! الشعراني يعطينا هنا المعيار الشيعي في الحكم على الاشياء..الكذب مقبول طالما انه يدعم المصالح الشيعية.. الكذب سلاح في المعركة.. كل وسيلة لااخلاقية يمكن استخدامها طالما انها تساهم في دعم المصالح الشيعية.. تفجير اسواق الشيعة من اجل التحشيد ضد السنة.. بث الاشاعات الكاذبة كما حصل في مذبحة جسر الائمة.. طبع ملايين النسخ من كتاب السقيفة المُزيَّف.. كل هذه الاساليب مقبولة طالما انها تُسخر لنصرة المذهب.

 لا غرابة بعد ذلك ان رامسفيلد الذي يكذب من اجل وضع شيعة العراق في الحكم هو بطل محرر يستحق سيف ذو الفقار.. اما الجنرال كيسي الذي يقول ان ايران متورطة في تفجيرات سامراء فهو كاذب ويفتقد للمهنية.. فقط عندما نفهم هذه الانحطاط الاخلاقي سنفهم لماذا يعتبر الشيعة انتفاضة الشعب السوري ضد عائلة الاسد العلوية مؤامرة خارجية.. بينما انتفاضة الشيعة في العراق عام ١٩٩١ ضد "الحاكم الغير جعفري" هي ملحمة بطولية!! وهذه الدعارة الفكرية تسمي نفسها في "كتاب السقيفة" بالفرقة الناجية.. لا اعرف منذ متى اصبح طريق النجاة يمر عبر الكذب ؟؟  

2013/06/07

نارهم تأكل حطبنا .. استكان شاي مع كونفوشيوس


حصيلة ضحايا العنف الطائفي في شهر ايار(مايو) الماضي بلغت ٣٤٤٢ بين قتيل وجريح، بحسب ارقام بعثة الامم المتحدة في العراق.. وكل ما لدينا لمواجهة هذا العنف الطائفي هو صلاة مشتركة بين السنة والشيعة اقيمت في الاسبوع الماضي.. اثناء هذا الحل "السحري" القى رئيس الوقف الشيعي صالح الحيدري خطبة قال فيها بأن «المرجعية الدينية بلسان السيستاني تؤكد أن لا صراع ديني بين الشيعة والسنة في العراق، بل هناك صراعات سياسية».. ودعا إلى «الاستفادة من تجارب الدول والشعوب الأخرى التي عانت من الفتنة الطائفية وتقديم دراسات وبحوث في ذلك».  

ما لا يعرفه رئيس الوقف الشيعي هو ان الاستفادة من تجارب الشعوب التي عانت من الفتنة الطائفية تعني اول ما تعني ان رجل دين مثله لايحق له التدخل بالشأن السياسي لانه جزء من المشكلة.. فتجارب الشعوب تقول لنا بأن حل الحروب الدينية هو فصل الدين عن السياسة.. لان "الحروب الدينية هي الاشكال التي تأخذها الحروب عندما لا يكون الحقل السياسي قد استقل بعد عن الحقل الديني" كما يقول واحد من ابرع علمأء الاجتماع وهو بيير بورديو.

 اذا فاول شروط الخروج من الصراع الطائفي هو ان يصمت الملا.. فليس بالادعية والخطب العرجاء نعالج الصراع الطائفي.. لقد وصل الصراع الطائفي اليوم الى درجة القتل بالدريل وأكل اكباد الموتى.. والملا يتحدث عن عدم وجود خلاف ديني بين السنة والشيعة..هذا الاحتقار للواقع..هذا التسويف بعبارات مجترة.. هذا الجبن الفكري هو اهم ما يميز عقلية الملالي.. والفوضى السياسية الحالية هي قبل كل شيء فوضى فكرية كرسها تاريخيا وحاضرا امثال رئيس الوقف الشيعي.. والخروج من هذه الفوضى لايتم الا بالتحرر من ادواتهم الفكرية.

ذات يوم كانت فيه الصين القديمة مسرحا للفوضى السياسية بسبب تصارع الامراء على السلطة.. جاء احد تلامذه الحكيم الصيني كونفوشيوس يسأله:" لو طُلب منك ان تتولى ادارة شؤون البلاد فما هو اول شيء ستقوم به؟".. فرد عليه كونفوشيوس: "ساقوم بتصحيح المُسَمَّيات".. وهي اجابة اثارت استغراب تلميذه الذي سأله باستخفاف: "وماذا سيفيدنا تصحيح المُسَمَّيات".. فرد عليه كونفوشيوس" اذا لم يتم تصحيح المُسَمَّيات فان الكلمات لن تتطابق مع الواقع واذا لم تتطابق الكلمات مع الواقع فان كل جهودنا ومشاريعنا تصبح عبث ....". بتعبير اخر، كونفوشيوس يرى بأن الفوضى السياسية هي بالاصل فوضى فكرية حيث المُسَمَّيات تخون الواقع.. من هنا فالعلاج يبدأ باصلاح المُسَمَّيات.. بتسمية الاشياء باسمائها.. فعندما لا تصف الكلمات الواقع فان كل الجهود تصبح عبث.. انه المبدأ الاول لعلم الطب الحديث: التشخيص الدقيق.

 اذا فعلاج المرض الطائفي لابد من ان يبدأ بتسمية الاشياء باسمائها.. فما يجري في العراق هو صراع مذهبي وبالتالي حربا طائفية.. والقول بأنه لايوجد صراع ديني بين الشيعة والسنة في العراق، كما يفعل رجال الدين هي توريات مستحية لاخفاء المرض الطائفي.. فالاسم الذي يصف الشيء بحياء هو تورية.. والتورية قد تنفع في قصيدة او في خطبة ولكنها مضرة عند التشخيص.. التورية في التشخيص هي دليل كسل فكري واخلاقي.. ورئيس الوقف الشيعي عندما يقول بعدم وجود صراع ديني بين الشيعة والسنة فهو يستخدم اسلوب التورية..لانه لايسمي الاشياء باسمائها.

عندما تؤكد بعدم وجود خلاف ديني بين السنة والشيعة وتأتي بعدها او بالاحرى قبلها وترمي اشخاص يحملون اسماء عمر وعثمان في تنور الزهراء..فأقل ما يمكن ان يقال عنك هو انك تحتقر عقول الناس..عندما تقول بعدم وجود خلاف ديني بين السنة والشيعة وانصارك يرفعون لافتات تقول "انصروا مختار العصر" فانت تقوم بتشخيص "عمياوي".. رئيس الوقف الشيعي قد ينسى او يتناسى ولكن التاريخ سوف يسجل بأن الاحزاب الشيعوية اتت على ظهور الدبابات الامريكية رافعة شعار "منصورة يا شيعة حيدر".. فكفاكم استهتارا بعقول الناس يا من رفعتم منذ اكثر من عشرين عام شعار "ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري".. باختصار.. حضور الرموز الدينية بهذه القوة التدميرية يدل على ان الصراع هو صراع ديني.. وذهاب "عبد الزهراء" للدفاع عن مرقد "السيدة زينب الاسد" يدل على ان البعد المذهبي حاضر في الصراع السياسي! 

لكم ان تستمروا في انكار الواقع.. لكم ان تستمروا في القاء الخطب العرجاء.. لكم ان تستمروا في اجتماعاتكم لتبويس اللحى.. لكم ان تستمروا في اقامة الصلاوات الموحدة.. ولكم بعد هذا وذاك ان تستمروا بقصف الرؤوس الهشة بالجمل التخديرية.. ولكن اطفالكم واطفال اطفالكم سيستمرون بالموت بسبب المرض الطائفي.. وعندما تقولون بأن الصراع الحالي هو صراع سياسي ولكنكم ترفضون تطبيق هذه الحقيقة على صراعات صدر الاسلام .. فانتم مسؤولون عن استفحال المرض الطائفي.. فالصراع السني الشيعي ككل الصراعات البشرية هو تاريخيا صراع سياسي على السلطة ومغانم السلطة.. ولكنه تحول تدريجيا الى صراع ايديولوجي عقائدي بسبب قوادي الدين.

ونحن اذ نترككم تقومون بهذا التشخيص العمياوي..اذ نترككم تستمرون بأستخدام هذه اللغة الخشبية.. فنحن ايضا مسؤولون عن المرض الطائفي.. فنحن (انا وانت وهو).. نحن (الرأي العام) عندما نقول ان الصراع اليوم هو صراع سياسيين ولكننا نُكفّر من يقول بأن "حروب الجمل" كانت صراعات سياسية على السلطة.. نحن (الرأي العام) عندما نرفض ألقبول بنتيجة التحليل المختبري التي تُبيّن ان جراثيم مرضنا الطائفي تجد اصلها في بيئة حروب الجمل الملوثة .. فنحن ايضا مسؤولون لاننا نرفض تسمية الاشياء باسمائها. 

قبل ايام قلت لواحد من اصدقاء الدربونة: "نارهم تأكل حطبهم".. فاجابني بذكاء: "نارهم تأكل حطبنا".. وهو محق فهم يقتلون وطننا.. ولكنني اليوم افهم هذه العبارة بطريقه اخرى.. فلو لم نكن نحن بهذا الجفاف الفكري.. لو لم يكن"حطبنا" بهذا اليُبس الفكري لما استطاعت حثالات الاسلام السياسي حرقه بهذه السهولة.. جفاف الرأي العام الفكري مسؤول ايضا عن الحريق.. ليس هناك حريق من دون حطب يابس.. وحان الوقت ليفهم الحطب بأن مسؤوليته عن الحريق لا تقل عن مسؤولية اعقاب السجائر.

2013/05/02

كباب كارل ماركس .. عن "الشيعة" والدولة العلوية

 لكل حقبة سياسية مفرداتها التي تختزل الجو الفكري والسياسي لتلك الحقبة.. المفردات بهذا المعنى هي ذاكرة سياسية.. شعار"دكتاتورية البروليتاريا" مثلا يجعلك تستحضر ذهنيا الايام التي كان فيها الشيوعيون العراقيون يفتحون مِظلاتهم كلما امطرت السماء في موسكو!! شعار "وحدة حرية اشتراكية" يجعلك تستحضر المسيرات الاجبارية لاطفال المدارس!! 

قلّي ما هي مفرداتك السياسية اقل لك من انت.. دقيقتان تكفي لتشخيص شيعوي ..ثلاثة دقائق لتشخيص بعثي.. خمس دقائق لتشخيص شيوعي عراقي..الشيوعي العراقي يحتاج وقت اطول لانه متحذلق.. حذلقة المدعو عبد الحسين شعبان الذي يقول لك "عيني عينك" وبلا حياء: "ان ماركس حين كتب مقولة "الدين أفيون الشعوب" فإنه كان يقصد العلاقات الملموسة بين الدولة البروسية والكنيسة البروتستانتية في ألمانيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر وان ماركس لم يكن يتحدث على نحو تعميمي يصلح لكل العصور والتشكيلات الاجتماعية"!!

 الى الامام "رفيق"!! الاعمال الكاملة لـ كارل ماركس هدية مني لمن يفسر لي عبارة "العلاقات الملموسة" في جملة الرفيق "عبد الحسين"!! اذا كنت تملك بضعة ساعات فراغ و"بال صافي".. اذهب واقرأ "مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل" حيث يستخدم كارل ماركس هذه المقولة.. ستعرف عندها ان الامانة الفكرية هي اخر هموم الرفيق "عبد الحسين".. وستفهم ثانيا حقيقة معروفة في الادبيات السياسية وهي ان الماركسيين هُم اول من خان افكار كارل ماركس.. وستفهم اخيرا قصة من قصص التاريخ العراقي المعاصر .. قصة "الاسود" الذي صبغ وجهه بالاحمر.. قصة مسار الافكار الحمراء التي ولجت رؤوس مظلمة.. وكما يقول المؤرخ الفرنسي هيبوليت تين "عندما تلج فكرة سياسية مثل تلك الرؤوس فانها تنحط بدل ان ترتقي بهم".

وعودة الى المفردات.. في الاسبوع الماضي نشرت جريدة الحياة مقابلة مع الكاتب السوري صادق جلال العظم.. في هذه المقابلة استخدم جلال العظم تعبير "المكوّن السنّي الذي يشكل غالبية المجتمع السوري".. اليسار المقرب من حزب الله وعلى لسان اسعد ابو خليل اعتبر استعمال جلال العظم لمفردات "المكون السني" او "الاغلبية" نزعة طائفيّة مستجدة !! كما لو ان هذه المفردات من اختراع جلال العظم.

كنت وما زلت اعتقد بان "يسار حزب الله" متأخر خمس سنوات عن فهم ما يحدث في منطقتنا.. واكثر من عشر سنوات على ما يحدث في العراق.. فمنذ عشر سنوات ومفردات "المكون الشيعي" و"المكون السني" تستخدم من قبل الاحزاب الشيعوية في العراق.. عشرون عاما وعبارة "الاغلبية الشيعية" متداولة في قاموس الاحزاب الشيعوية.. ولكن"يسار حزب الله" لم يسمع بهذه المفردات الا اليوم .."يسار حزب الله" كما ابواق المالكي يريدون ان يقنعنونا بأن الطائفية ولدت قبل سنتين فقط في سوريا!! قبل ذلك كان العدم! 

لحظة من فضلك.. صحيح .. المفردات الطائفية السائدة اليوم ولدت في سوريا.. كيف نسينا بهذه السرعة.. ففي البدء كانت سوريا.. حين كان حسن العلوي في ضيافة حافظ الاسد.. انذاك كان حسن العلوي ينتقد سيطرة "الاقلية السنية" في العراق على "الاغلبية الشيعية".. ولكن العلوي الذي كان يعيش في دمشق لم يرى سيطرة "الاقلية العلوية" في سوريا على "الاغلبية السنية".. كان يكفيه رفع اسم العراق ووضع مفردة سوريا لكي يحصل على سخافاته تحت عنوان "السنة والدولة العلوية"!! هذه هي قصة المفردات التي  تقتلنا اليوم.. فالمفردات ذاكرة سياسية.. ما زرعه الاب حافظ يحصده الابن بشار.. ومن يزرع الريح يحصد العاصفة!!  

تاريخنا المعاصر هو كومة تناقضات فكرية: حزب البعث (فرع القيادة العلوية) يأوي ويمول مروجي المفردات الطائفية.. صحفيون سفلة من امثال حسن العلوي يكتبون التاريخ.. ماركسيون لم يفهموا بعد كارل ماركس.. يساريون يساندون حزب يؤمن بولاية الفقيه.. شاعر "شيوعي" كـ مظفر النواب ما زال يتساءل "هل ندم يزيد على قتل الحسين"!! وسعدي يوسف ببلاهة الشعراء لم يفهم بعد لماذا "الكرديُّ التركيُّ استبدلَ بالبيرقِ الاحمر، دكّانَ كَبابٍ" !!

2013/03/31

مراجيح الجنة.. ونفاخات يزيد بن معاوية


مناسبة مرور عشر سنوات على الغزو الامريكي للعراق حملت لنا هذا العام الكثير من المقالات.. يستوقفني مقال باتريك كوكبورن في صحيفة الاندبندنت وعنوانه " كيف تحولت بغداد الى مدينة للفساد".. كوكبورن زار العراق مؤخرا وهو يقول ان في بغداد اليوم حكومة "كليبتوقراطية".. لم افهم مفردة كليبتوقراطية.. بحثت عنها في القاموس الانكليزي ووجدت ما يلي :"الحكومة التي  تستخدم السلطة من اجل سرقة موارد البلد".. "كليبتوقراطية" في اللغة اليونانية تعني حكم الحرامية.. حكومة الحرامية!! والصورة هنا نشرتها الاندبندنت مع مقال كوكبورن لاعطاء فكرة عن عراق حكومة الحرامية.


    

في الاسبوع الماضي شاهدت تقريرا عن العراق بثته احدى المحطات الفرنسية.. هذا التقرير ترك حيزا كبيرا للكاميرا لكي تصور شوارع بغداد.. شوارع بغداد بدون تعليق.. صور معممين بلحاهم القبيحة.. ماركات تجارية في قمة الابتذال.. جدران الفصل الطائفي.. بغداد مدينة للكونكريت.. عشر سنوات وليس هناك مَعْلم واحد جديد غير الكونكريت.. الكاميرا تستمر بالتصوير.. الكاميرا تقترب من ساحة الفردوس.. وهنا تظهر لافتة سوداء وعليها عبارة مكتوبة باللون الاصفر: "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن" !!

شعرت بسعادة وانا ارى هذا الشعار.. سعادة من يرى الواقع يعري الاسطورة.. عشر سنوات منهج حسيني والنتيجة هي حكومة حرامية..عشر سنوات ومنهج الحسين في الحكم وبميزانية تقارب ترليون دولار..اي ما يقارب حاصل جمع ميزانيات العراق خلال ثمانين عاما.. والنتيجة ان زخة مطر تُغرق "عاصمة الثقافة العربية"!! عشر سنوات من الفساد المالي والسياسي الذي يضع البلد اليوم على حافة الانهيار.. وكل ما تملكه حكومة الحرامية هو شعار "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن" !!   

 "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن" ..مفارقة مضحكة مبكية.. ففي العراق اليوم ليس هناك مواطن وبالتالي ليس هناك وطن.. الاصل التاريخي لمصطلح المواطن مصدره القانون الروماني وهو يعني "الرجل الحر".. اما "الفرد" الذي بناه "منهجهم" خلال عشر سنوات والذي نراه اليوم امامنا فهو فرد يتحرك بفتوى.. ينكح بفتوى.. يتظاهر بفتوى.. ينتخب بفتوى.. لانهم علموه ان "المواطنة" هي طاعة السيد.. وطاعة السيد تعفيه من كل مسؤولية.. وهذه الفكرة الاتكالية في المذهب الشيعي هي من مخلفات فرقة الكيسانية التي تعتبر الدين مجرد طاعة الامام وان طاعة الناس للامام تُبطل التمسك بقواعد الاسلام كالصلاة والصوم الخ.. وهذا الاعتقاد الاتكالي ينتج "ايمان" شكلي لايكترث بجوهر المعتقد.. لا غرابة ان ترى اليوم "عبد السادة" يسرق ويذهب بعد ذلك للبكاء امام شباك الحسين نافحا السيد خُمس ما سرق ويخرج ضاحكا مرتاح الضمير.. كطفل نزل توا من ارجوحة.. انها ثقافة مفاتيح الجنة.. بالاحرى مراجيح الجنة.. حيث "المواطن" هو زعطوط ابدي. 

ماكيافلي هو رائد الفكر السياسي الحديث لانه علّم اوربا درس الواقعية السياسية.. وفحواه انك اذا اردت ان تحكم على شخص حاملا شعار فلا تعر اهمية للشعار.. انظر الى رافع هذا الشعار.. شاهد كيف يتصرف في حياته اليومية.. انظر الى انجازاته ودعك من كل خطاباته الاخلاقوية الكاذبة.. من هنا فان "منهج الحسين" هو ليس مقولات مفبركة تتحدث عن الصدق والشجاعة و"هيهات منا الذلة" الى اخره من الاسطوانة الشيعية المشروخة.. الفكرة الكاذبة تقتل كما يقول البير كامو.. تريد ان تعرف ما هو منهج الحسين.. انظر لمن يدعي تطبيقه.. تريد ان تعرف نوعية المواطن الذي بناه "منهج الحسين".. شاهد كيف يتصرف "عبد الحسين" في حياته اليومية.. في معاملاته مع الناس.

قبل اربعة اشهر تقريبا وبالتحديد في نهاية شهر تشرين الثاني من عام ٢٠١٢.. قام مئات الشيعة باقتحام شركة بتروناس الماليزية النفطية العاملة في الناصرية وتخريبها.. هل تعرفون لماذا.. لان عمال مطعم الشركة علقوا بضعة بالونات في سقف قاعة المطعم خلال وجبة عشاء ذلك اليوم الذي صادف في عاشورا.. الشيعة الذين يعملون في الشركة نقلوا خبر البالونات الى سكان المنطقة المحيطة بالشركة وقالوا لهم ان الماليزيين يحتفلون بذكرى انتصار يزيد بن معاوية على الحسين في كربلاء!! تصورا .

هذا هو "المواطن" الذي بناه منهج الحسين.. بضعة نفاخات عُلقت سهوا في ذكرى وفاة "الامام" تجعله يقتحم شركة ويخربها ويهدد حياة العاملين فيها.. اما مليارات الدولارات التي تسرقها حكومة الحرامية  فلا تحرك فيه شعره.. "المواطن" عبد الحسين يقطع مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام لزيارة قبر الحسين.. ولكنه لا يحرك ساكنا لرفع الازبال المتراكمة على مسافة بضعة امتار من بيته.. هذا هو الواقع.. ليس بالشعارات وحدها تُبنى الاوطان.. حقائق ماكيافلي تنتصر على خطابات نهج البلاغة الطوباوية.. "نفاخات" يزيد بن معاوية تنفجر بوجه الحرامية.. الحسين يُقتل من جديد!! ودائما بسبب زعاطيط السياسة! 

2013/02/28

قواعد اللغة الطائفية .. المستقبل بصيغة الماضي


قبل ايام اتحفنا المالكي بخطاب ينتمي الى ادب اللامعقول السياسي.. خطاب لو سمعه صامويل بيكيت لضمنّه احدى مسرحياته العبثية.. المالكي قال اثناء اجتماعه في البصرة مع محافظي كونفدرالية "الوسط" والجنوب بان:"بعض الشركاء انتكسوا وبدأوا يتحدثون عن الطائفية وساقدم للقضاء مذكرة تدين كل من تحدث عن الطائفية".. لو كان صاحب هذه الجملة شخص قادم من كوكب المريخ لصدقناه.. لو كان صاحب هذه الجملة عراقي عادي لشددت على يده وشجعته.. ولكن ان تخرج هذه الجملة من المالكي الذي ساهم مع حزبه في الخراب الطائفي الحالي.. ماذا اقول؟  تصور تاجر مخدرات يقول لك انه يريد مقاضاة مروجي المخدرات!!    

خُذ جملة المالكي هذه وقلّبها كما تريد.. اعد ترتيب كلماتها.. حلل مفرداتها.. لن تجد فيها ذرة معنى.. لماذا ؟ لانها تنتمي الى ما يسميه رولان بارت في كتابه الشهير"ميثولوجيا" باللغة الكوزميتيكية اواللغة التزويقية.. بارت يقول ان من خصائص هذه اللغة هو ان مفرداتها فارغة من معانيها.. وهي لذلك تخريج صوتي بحت.. ضوضاء لغوية تهدف الى تغطية واخفاء واقع قبيح. 

المالكي يجتمع بمحافظي "الوسط" والجنوب حصريا.. وهذا اقرار بالواقع الشيعي للوسط والجنوب وبالتالي فانه سلوك طائفي.. ولكنه يريد مقاضاة من يتحدث عن الطائفية !! رهيب هذا المالكي.. الادهى ان المالكي يقول "ساقدم للقضاء مذكرة تُدين كل من تحدث عن الطائفية".. بمعنى ان من يمْثُل امام قضاء المالكي مدان مسبقا.. هل تعرفون لماذا ؟ لان قاضي قضاه "دولة القانون" هو مدحت المحمود !! شيعي اخر تبوء اعلى المناصب في عهد صدام.. ولكنه تحول بقدرة قادر الى مظلوم.. دولة "المظلومين" السفلة اعطتنا دولة المظلومية السافلة.. رجال سفلة وتاريخ سافل.. فهل نستغرب سفالة اللغة!  

المالكي وابواقه يعتقدون بان وضع مفردة "قانون" خلف مفردة "دولة" يكفي للحصول على "دولة قانون"..السياسة عند اصحاب اللغة الكوزميتيكية هي جمل صوتية.. مجرد مفردات.. مضاف ومضاف اليه.. الفعل غائب عن اللغة الكوزميتيكية.. وهو إن وجِد فدائما بصيغة المستقبل: "ساقدم للقضاء كل من تحدث عن الطائفية".. "سنحارب الفساد" .. "سننفذ المشاريع".."سنشكل لجنة لتقصي الحقائق".. وكما تعرفون فان فعل المستقبل هو منطقيا ليس فعل.. انه مشروع فعل.. فعل مؤجل.. مثل فعل ظهور المهدي.. متعرف شوكت يظهر ويخلصنا !! 

ما لا ولن يفهمه المالكي وابواقه هو ان كل مساحيق واصباغ اللغة الكوزميتيكية لا ولن تخفي قبح الواقع الطائفي الذي كرسته محكية المظلومية الشيعية في العراق.. فالطائفية هي فكر فاسد..الطائفية هي مذهب فاسد.. مذهب قام تاريخيا على كتاب ضدي ومفبرك ككتاب السقيفة.. ومثل هكذا مذهب يستطيع انتاج نفوس مفخخة بكرهها واحقادها.. نفوس ترفع شعار"انصروا مختار العصر" كما لو اننا نعيش في القرون الوسطى!! نفوس مريضة تقتل الناس بالدريل وفي تنور الزهراء.. نعم مثل هكذا مذهب يستطيع ذلك.. ولكن مثل هكذا مذهب قرووسطوي لا يمكن ان يُقيم سلم اهلي.. وبلا سلم اهلي لن يكون هناك لا دولة ولا قانون.

"المستقبل بصيغة الماضي" هو شيء ممكن في اللغة.. ولكنه "فعل" مدمر ومخرب في السياسة. 

2013/01/27

متى نقول وداعا للقرون الوسطى .. استكان شاي مع بيير بورديو


قبل يومين القى حسن نصر الله خطابا بمناسبة المولد "النبوي" قال فيه "ان كل الصراعات والحروب والنزاعات التي حصلت في الماضي والحاضر هي في جوهرها سياسية، وذات أهداف سياسية ترتبط بالسلطة، والسيطرة، والإمساك بمقدرات الامة، وليس لها علاقة لا بالدين ولا بالشيعة ولا بالسنة".. نصرالله اعطى امثلة لحروب كثيرة كالحرب بين بني أميّة وبني العباس.. ثم صراع الامين والمأمون.. ثم المماليك والعثمانيين.. ثم الحرب العراقية الايرانية وبعد ذلك تساءل نصرالله: اذا كان صحيحا ان الحرب بين المماليك وبين العثمانيين هي حرب سلطة فلماذا يفسر البعض الحرب بين العثمانيين والصفويين على انها حرب بين السنة والشيعة ؟ لماذا حرب العراق وايران لم تقدم على انها حرب طائفية بينما صراع الانظمة العربية مع ايران اليوم يقدم على انه صراع بين السنة والشيعة؟  

 لنلاحظ اولا ان الحرب الاهلية الاهم في التاريخ الاسلامي وهي معركة الجمل غائبة عن طرح نصرالله.. رغم انها الحرب التي اسست لكل النزاعات التي عرفها الاسلام لاحقا.. ولو كان نصرالله امينا للمنطق التاريخي الذي يستخدم في بداية حجته لقال ان حرب الجمل هي ايضا صراع على السلطة.. تعالوا وتخيلوا حسن نصر الله يفعل ذلك.. قليلا من الخيال لا يضر.. تصورا نصرالله يخرج من مخدرات نهج البلاغة ويدخل بالخطأ في صف الاستاذ ماكيافللي.. تصورا لو ان الشاطر حسن تحرر بقدرة قادر من اكاذيب كتاب السقيفة وكرّس بضعة ساعات لقراءة فلهاوزن..عندها سنقول وداعا للقرون الوسطى.. وداعا لغبار معارك الجمل الذي ما زال يسمم الرؤوس ويقتل الاوطان.. ولكن هيهات.

المتشاطر حسن يعتقد انه اخترع العجلة بقوله ان كل الحروب كانت من اجل السلطة !! ما لايفهمه المتشاطر حسن بسبب القفص اللغوي وبالتالي الفكري الذي يعيش بداخله.. هو ان جميع من سبقوه من القادة "الملهمين" قد استخدموا نفس الاسلوب التنويمي للجمهور والتعويمي للاجابات.. كلهم ادعوا القتال بدوافع نبيلة كما يعتقد هو اليوم.. الامويين كما العباسيين.. العثمانيين كما الصفويين .. الايرانيين كما السعوديين.. الكاثوليك كما البروتستانت.. وقبل ان انسى.. معاوية كما علي.. ابن الزبير كما الحجاج .. الخوارج كما حزب الهاشمية العلوي الذي اسس فكريا للشعوبية.. "جل" من لم يستخدم الدين سلاحا في المعركة !!

قرون من الدم ونحن نجتر تساؤلات وخطب امثال نصرالله.. قرون ونحن نردد خلف الرجل المعمم عبارة "لعن الله الفتنة من ايقظها".. ونذهب بعد ذلك للنوم كأننا قضينا على الفتنة بمجرد النطق بهذه العبارة التعويذة.. قرون وهذه اللغة الخشبية الميتة تقمعنا فكريا.. قرون والفهلوية من امثال المتشاطر حسن يستخدمون الدين لاغراض سياسية.. ولكنهم يخرجون بعد ذلك على الجماهير قائلين لهم: "ان جميع الحروب السابقة هي حروب من اجل السلطة ولكن حربي انا هي من اجل العقيدة والدين".. فالمتشاطر حسن يعتقد ان جميع الحروب السابقة هي حروب "ذات أهداف سياسية ترتبط بالسلطة، والسيطرة، والإمساك بمقدرات الامة".. اما حروب طائفته فهي حروب نقية بلا دوافع سياسية.. من هنا فان حرب الجمل لا تدخل ضمن قائمته للحروب السياسية.. ومن هنا ايضا صمته عن حرب احتلال العراق التي ساهمت فيها الاحزاب الشيعية رافعة شعار المظلومية. 

اليوم وقد وقع الفأس على رأس حليفه العلوي بشار الاسد.. اليوم فقط يطرح المتشاطر حسن السؤال الوجودي: لماذا الصراع السياسي في منطقتنا يطرح عبر المنظور المذهبي.. ومع ذلك فانت تُمنّي النفس بِأجابة شافية بمستوى هذا السؤال الخطير.. ولكن اجابة المتشاطر حسن هي اجابة معمم قرووسطوي.. لانه يكتفي بنظرة قيمية تدين الخصم وتبرء الذات.. وباسلوب "إياك اعني واسمعي ياجارة" ودمتم للنضال الطائفي!!

 فاقد الشيء لايعطيه.. ومن يريد اجابة على هذا السؤال الخطير عليه اولا الخروج من قفص المتشاطر حسن القرووسطوي ومن لغته الميتة.. والذهاب الى "ايات الله" من نوع اخر.. من امثال  بيير بورديو الذي يعلمنا ان: "الحروب الدينية هي الاشكال التي تأخذها الحروب الاهلية عندما لا يكون الحقل السياسي قد استقل بعد عن الحقل الديني".. وهذا السطر الكثيف لا اُبدله بالف نهج بلاغة.. بهذا السطر الكثيف يقول لنا عالم الاجتماع بيير بورديو ان الصراع على السلطة هو ثابت بشري..اما المتغير فهو الشكل الذي يرتديه هذا الصراع ..عندما يكون حقل السياسة حقلا مستقلا ومنفصلا عن الدين فان الصراع يكون "سياسيا".. اما اذا هيمن الدين على حقل السياسة فان الصراع سيُطرح عبر الموشور الديني المذهبي.

كنا في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي نتقاتل على السلطة.. شيوعي ضد ليبرالي.. ثم قومي ضد شيوعي .. ثم بعثي ضد قومي..لان الدين كان خارج حقل السياسة.. اما بعد الثورة الايرانية التي جاءتنا بنظرية ولاية الفقيه ومع صعود الاسلام السياسي الشيعي بالامس والسني اليوم.. فقد عاد غبار معارك الجمل.. وعاشوا عيشة غيرسعيدة !! الشيعي العراقي ومنذ عام ١٩٩١ رفع شعار "ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري".. والكُتّاب الشيعة في العراق كانوا يصرخون منذ التسعينات بالمظلومية الشيعية ويطالبون بأن ينص الدستور العراقي على أن أغلبية الشعب العراقي هي من الشيعة.. وحسن نصرالله يتساءل اليوم فقط  لماذا الصراع اليوم يقدم كصراع بين السنة والشيعة !!   

 هما جملتان يا حسن..جملتان لم تقلهما يا حسن.. قل ان حرب الجمل كانت من اجل ريع بستان قريش.. ثم قل ان حرب الجمل كانت صراعا من اجل السلطة.. عندها سنقول وداعا للقرون الوسطى.. وداعا لاحقاد القرون الوسطى.

2013/01/10

ماذا لو اضاف السُنة عبارة "اشهد ان ابو بكر ولي الله" للاذان !!


قبل ثلاثة ايام وزع رئيس البرلمان العراقي على رؤساء الكتل البرلمانية قائمة مطالب من متظاهري الانبار..احدى هذه المطالب وهو المطلب رقم ٩ ينص على : تحريم استخدام العبارات والشعارات الطائفية في مؤسسات الدولة وبخاصة الامنية، وكذلك في جميع وسائل الاعلام .. وبما ان النواب الشيعة يعملون بمبدأ "وعين الرضا عن كل عيب كليلة" (وعيوبهم كثيرة من صور خميني وخامنئي في شوارع بغداد الى فصائل الجيش "العراقي" التي تلطم وتنوح في مناسبات شيعية ).. يقال انهم استوضحوا عن المقصود "بالعبارات والشعارات الطائفية " الواردة في المطلب رقم ٩.. ويقال ان النواب السنة قالوا لهم ان المتظاهرين طلبوا من بين ما طلبوا بهذا الخصوص حذف عبارة "اشهد أن عليا ولي الله" من الأذان الذي يرفع عبر الفضائية العراقية الرسمية. 

علي الشلاه وهو احد قرقوزات دولة اللاقانون والذي راح بعد هذا الاجتماع يرعد ويزبد صرح ان قائمة المطالب هذه اُرسلت الى المرجعية الشيعية والى قادة في التحالف الوطني (الشيعي) وابدوا استغرابهم من طائفية بعض المطالب..الشلاه هو رئيس لجنة الثقافة والاعلام في البرلمان.. ولكنه يستند الى راي المرجعية الشيعية لتفسر له ما هو طائفي وما هو غير طائفي!! نائب في برلمان يستعين برجل دين شيعي لكي يقول له ماذا عليه ان يفعل.. ويقولون طائفية!! مذهل هذا الاحتقار لعقول الناس.. لما لا.. بعثي سابق يريد ان يكسب رضى رجال الدين الشيعة..علماء الاجتماع يقولون ان المنقلبين الى معتقد اخر يبدون حماسة اكبر من اصحاب المعتقد لكي يكسبوا رضاهم.. وترجمة ذلك بالعامية العراقية يعني ان الرجل لوگي.. متملق.
  
لاتهمنى لغة القرقوزات التعويمية.. لنذهب للمهم.. والمهم في الخبر هو ان رجال الدين الشيعة اعتبروا مطلب حذف "الشهادة الثالثة" من الاذان الشيعي مطلب طائفي.. وهو ما يهمني..لانه يعيدنا للتاريخ العراقي المعاصر.. وبالتحديد الى خمسينيات العراق من القرن العشرين.. انذاك طلب رجل دين شيعي يدعى محمد الخالصي (ابن المرجع مهدي الخالصي) بحذف عبارة اشهد ان علي ولي الله من الاذان الشيعي.. الخالصي توصل الى فهم حقيقة تاريخية لا تخفى على من يتمتع بكامل بقواه العقلية.. وهي ان الكثير من الطقوس والشعائر الشيعية ليست اسلامية وانها من مخلفات الغلو الشيعي الذي عمل عبر التاريخ على بث افكار وطقوس لم تكن معروفة في الاسلام الاول.. لا اعتقد ان الخالصي قرأ فان فلوتن او فلهاوزن ولكن يبدو انه توصل الى هذه الحقيقة من خلال مصادره.. مما دفعه الى طرح سؤال بديهي ولكنه سؤال محرم عند الشيعة: اذا كان الكثير من الطقوس الشيعية ليست اسلامية وهي من رواسب الغلو الشيعي فلماذا لا يتم استبعادها وبالتالي التقريب بين السنة والشيعة؟؟ وهذا كان مشروع الخالصي للتقريب بين السنة والشيعة.. ومن هنا اقتراحه بالغاء ما يسمى عند الشيعة بالشهادة الثالثة ( اشهد ان علي ولي الله).. وقال انها بدعة لم تكن موجودة في الاسلام الاول.

 وهنا قامت قيامة رجال الدين الشيعة.. واتهموه بانه ينكر ولاية علي.. وبالتالي فهو يدمر المذهب الشيعي.. الخالصي رد على هذا الاتهام قائلا بان اهم مراجع الشيعة وهو ابن بابوية في "من لا يحضره الفقيه" وهو من امهات كتب الشيعة اعتبر الشهادة الثالثة بدعة وادانها بشدة.. ولكن بعض الاقلام الرخيصة من قرقوزات ذلك الزمان راحت وبدفع من المرجع محسن الحكيم الطباطبائي تنال من الخالصي بطريقة التسقيط الشخصي.. محمد علي النجار الكاظمي نشر في النجف كتاب عنوانه:"الخالصي مسيلمة القرن العشرين".. عبد المهدي الفائق اتهم الخالصي بالجنون في كتابه "الخالصي المجنون في حمأة الاكاذيب والبهتان".. عبدالحسين عبد علي نشر كتاب "الكاظميون بريئون من الخالصي".. لان الخالصي كظماوي والهدف كان عزله عن محيطه الاجتماعي.. اما محمد حسين البغدادي فقد نشر كتاب يتهم فيه الخالصي بالعمالة لروسيا البلشفية.. لا بل ان احد الكتاب الايرانيين واسمه احمد شريف رازي اتهم الخالصي بانه وهابي!! باختصار.. امام حجة الخالصي الفقهية راحت ابواق ماكنة الكذب الشيعية تضربه بحجج تسقيطية.. الطريف في الضجة التي اثارها اقتراح الخالصي هو ان رجل دين سني واسمه محمود الملاح طرح انذاك سؤالا افتراضيا.. سؤالا مشاكسا للقرقوزات وهو :"ماذا لو اضاف السنة عبارة "اشهد ان ابو بكر ولي الله" للاذان ؟؟ 

سنة العراق اليوم لايطلبون اضافة عبارة "اشهد ان ابو بكر ولي الله" للاذان.. وهم لا يطلبون من الشيعة بحذف عبارة "اشهد أن عليا ولي الله" من اذانهم كما اقترح الخالصي.. ولا من فضائياتهم..هم طلبوا فقط حذفه من الأذان الذي يرفع عبر الفضائية العراقية الرسمية.. لان في ذلك فرض للخاص الشيعي على العام العراقي وفي قناة حكومية المفروض ان تتكلم باسم العام العراقي.. وهو مطلب في قمة المنطق السياسي في بلد مفخخ مذهبيا.. وليس في هذا المطلب لا طائفية ولاهم يحزنون.. ولكن قرقوزات اليوم من امثال على الشلاه راحوا يخلطون الحابل بالنابل وبلغة لطمية تستند الى الصراخ والتسقيط من اجل قمع الرعاع فكريا بهدف توجيههم بافلوفيا الى ردود الافعال الطائفية.. وقرقوزات اليوم لايختلفون في هذا الاسلوب اللطمي التسقيطي عن قرقوزات الخمسينات.. بالامس كانت تهمة الخصم وهابي بلشفي..اليوم وهابي بعثي.

ومع ذلك فان مطلب السُنّة المشار اليه هنا لا يفي الازمة العراقية حقها.. انا اعتقد انه يجب حذف كل الاشارات الدينية من القناة الرسمية.. للناس ان تتعبد وتلطم في بيوتها وفي مساجدها ومن دون مكبرات صوت في الاحياء المختلطة.. وليتركوا الفضاء العام خاليا من اتربة سقيفة بين ساعدة وغبار معارك الجمل.. اما الاستمرار بهذا الحال المزري مع دفن رؤوسنا في هوسات "اخوان سنة وشيعة وهذا الوطن منبيعه".. فهو استمرار في سياسة الشعارات الكاذبة التي نخفي بها عوراتنا الطائفية.. واجيال كثيرة ستدفع ثمن هذا الجُبن الثقافي والسياسي.