2013/01/27

متى نقول وداعا للقرون الوسطى .. استكان شاي مع بيير بورديو


قبل يومين القى حسن نصر الله خطابا بمناسبة المولد "النبوي" قال فيه "ان كل الصراعات والحروب والنزاعات التي حصلت في الماضي والحاضر هي في جوهرها سياسية، وذات أهداف سياسية ترتبط بالسلطة، والسيطرة، والإمساك بمقدرات الامة، وليس لها علاقة لا بالدين ولا بالشيعة ولا بالسنة".. نصرالله اعطى امثلة لحروب كثيرة كالحرب بين بني أميّة وبني العباس.. ثم صراع الامين والمأمون.. ثم المماليك والعثمانيين.. ثم الحرب العراقية الايرانية وبعد ذلك تساءل نصرالله: اذا كان صحيحا ان الحرب بين المماليك وبين العثمانيين هي حرب سلطة فلماذا يفسر البعض الحرب بين العثمانيين والصفويين على انها حرب بين السنة والشيعة ؟ لماذا حرب العراق وايران لم تقدم على انها حرب طائفية بينما صراع الانظمة العربية مع ايران اليوم يقدم على انه صراع بين السنة والشيعة؟  

 لنلاحظ اولا ان الحرب الاهلية الاهم في التاريخ الاسلامي وهي معركة الجمل غائبة عن طرح نصرالله.. رغم انها الحرب التي اسست لكل النزاعات التي عرفها الاسلام لاحقا.. ولو كان نصرالله امينا للمنطق التاريخي الذي يستخدم في بداية حجته لقال ان حرب الجمل هي ايضا صراع على السلطة.. تعالوا وتخيلوا حسن نصر الله يفعل ذلك.. قليلا من الخيال لا يضر.. تصورا نصرالله يخرج من مخدرات نهج البلاغة ويدخل بالخطأ في صف الاستاذ ماكيافللي.. تصورا لو ان الشاطر حسن تحرر بقدرة قادر من اكاذيب كتاب السقيفة وكرّس بضعة ساعات لقراءة فلهاوزن..عندها سنقول وداعا للقرون الوسطى.. وداعا لغبار معارك الجمل الذي ما زال يسمم الرؤوس ويقتل الاوطان.. ولكن هيهات.

المتشاطر حسن يعتقد انه اخترع العجلة بقوله ان كل الحروب كانت من اجل السلطة !! ما لايفهمه المتشاطر حسن بسبب القفص اللغوي وبالتالي الفكري الذي يعيش بداخله.. هو ان جميع من سبقوه من القادة "الملهمين" قد استخدموا نفس الاسلوب التنويمي للجمهور والتعويمي للاجابات.. كلهم ادعوا القتال بدوافع نبيلة كما يعتقد هو اليوم.. الامويين كما العباسيين.. العثمانيين كما الصفويين .. الايرانيين كما السعوديين.. الكاثوليك كما البروتستانت.. وقبل ان انسى.. معاوية كما علي.. ابن الزبير كما الحجاج .. الخوارج كما حزب الهاشمية العلوي الذي اسس فكريا للشعوبية.. "جل" من لم يستخدم الدين سلاحا في المعركة !!

قرون من الدم ونحن نجتر تساؤلات وخطب امثال نصرالله.. قرون ونحن نردد خلف الرجل المعمم عبارة "لعن الله الفتنة من ايقظها".. ونذهب بعد ذلك للنوم كأننا قضينا على الفتنة بمجرد النطق بهذه العبارة التعويذة.. قرون وهذه اللغة الخشبية الميتة تقمعنا فكريا.. قرون والفهلوية من امثال المتشاطر حسن يستخدمون الدين لاغراض سياسية.. ولكنهم يخرجون بعد ذلك على الجماهير قائلين لهم: "ان جميع الحروب السابقة هي حروب من اجل السلطة ولكن حربي انا هي من اجل العقيدة والدين".. فالمتشاطر حسن يعتقد ان جميع الحروب السابقة هي حروب "ذات أهداف سياسية ترتبط بالسلطة، والسيطرة، والإمساك بمقدرات الامة".. اما حروب طائفته فهي حروب نقية بلا دوافع سياسية.. من هنا فان حرب الجمل لا تدخل ضمن قائمته للحروب السياسية.. ومن هنا ايضا صمته عن حرب احتلال العراق التي ساهمت فيها الاحزاب الشيعية رافعة شعار المظلومية. 

اليوم وقد وقع الفأس على رأس حليفه العلوي بشار الاسد.. اليوم فقط يطرح المتشاطر حسن السؤال الوجودي: لماذا الصراع السياسي في منطقتنا يطرح عبر المنظور المذهبي.. ومع ذلك فانت تُمنّي النفس بِأجابة شافية بمستوى هذا السؤال الخطير.. ولكن اجابة المتشاطر حسن هي اجابة معمم قرووسطوي.. لانه يكتفي بنظرة قيمية تدين الخصم وتبرء الذات.. وباسلوب "إياك اعني واسمعي ياجارة" ودمتم للنضال الطائفي!!

 فاقد الشيء لايعطيه.. ومن يريد اجابة على هذا السؤال الخطير عليه اولا الخروج من قفص المتشاطر حسن القرووسطوي ومن لغته الميتة.. والذهاب الى "ايات الله" من نوع اخر.. من امثال  بيير بورديو الذي يعلمنا ان: "الحروب الدينية هي الاشكال التي تأخذها الحروب الاهلية عندما لا يكون الحقل السياسي قد استقل بعد عن الحقل الديني".. وهذا السطر الكثيف لا اُبدله بالف نهج بلاغة.. بهذا السطر الكثيف يقول لنا عالم الاجتماع بيير بورديو ان الصراع على السلطة هو ثابت بشري..اما المتغير فهو الشكل الذي يرتديه هذا الصراع ..عندما يكون حقل السياسة حقلا مستقلا ومنفصلا عن الدين فان الصراع يكون "سياسيا".. اما اذا هيمن الدين على حقل السياسة فان الصراع سيُطرح عبر الموشور الديني المذهبي.

كنا في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي نتقاتل على السلطة.. شيوعي ضد ليبرالي.. ثم قومي ضد شيوعي .. ثم بعثي ضد قومي..لان الدين كان خارج حقل السياسة.. اما بعد الثورة الايرانية التي جاءتنا بنظرية ولاية الفقيه ومع صعود الاسلام السياسي الشيعي بالامس والسني اليوم.. فقد عاد غبار معارك الجمل.. وعاشوا عيشة غيرسعيدة !! الشيعي العراقي ومنذ عام ١٩٩١ رفع شعار "ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري".. والكُتّاب الشيعة في العراق كانوا يصرخون منذ التسعينات بالمظلومية الشيعية ويطالبون بأن ينص الدستور العراقي على أن أغلبية الشعب العراقي هي من الشيعة.. وحسن نصرالله يتساءل اليوم فقط  لماذا الصراع اليوم يقدم كصراع بين السنة والشيعة !!   

 هما جملتان يا حسن..جملتان لم تقلهما يا حسن.. قل ان حرب الجمل كانت من اجل ريع بستان قريش.. ثم قل ان حرب الجمل كانت صراعا من اجل السلطة.. عندها سنقول وداعا للقرون الوسطى.. وداعا لاحقاد القرون الوسطى.

هناك 8 تعليقات:

  1. ابو ماهود سماحة السيد يهرول حثيثا للامام لعله ينجى ببددنه وطائفته ولكن سبق السيف العذل سماحة السيد ينطبق عليه المثل العراقي الشعبي (( اللي يدور غلب
    ينغلب )) وسماحته بدء يدرك انه قاب قوسين او ادنى من الهزيمة

    ردحذف
    الردود
    1. غير معرف15 أغسطس, 2013

      قرات معظم المقالات في هذه الصفحة ولو ((متاخرا)) ,,,, المهم ما أسعى لذكره أن هذا الكاتب الذي يسمي نفسه ((كريم المدون )) ليس كريما و لا مدونا بل يستحق و بأمتياز أن نسميه (لئيم المزيف) فهو لم يستطع ان يخفي عذاب الظمير من عقدة الذنب التي يعاني منها جراء عداءه لغالبية الشعب العراقي التي ظلمت على أيدي الطغاة وعلى مر العصور فراح يستخدم أقوى العبارات والجمل المزوقة وربما استعان بصناع الكلام وتجاره ( وما أكثرهم هذه الأيام) ليخرج علينا بهذه المقالات التي تنم عن حقده وكراهيته لعموم الشعب العراقي لينطبق عليه المثل القائل ((حجة الباطل قوية )) ,,, نعم فأحيانا تكون للباطل حجة قوية خاصة عندما يتم ألباس الباطل لباس الحق فقد ركز في معظم مقالاته على كارثتين حلت على الاسلام و المسلمين الأولى بعد وفاة الرسول الأكرم مباشرة و هي السقيفة( وما أدراك ما السقيفة وما جرى تحتها )
      و الثانية حرب الجمل وما صاحبها وما تبعها من فتن و اضطرابات لم يعرف حجمها لا الجمل و لا من كان يعتليه و قد غرر به وحرضه بنو امية لحبهم للسلطة و التسيد منذ زمن الجاهلية و بقي هذا الحب الفاجر حتى بعد دخول كبارهم للأسلام مكرهين
      و ما أضحكني وصفه و تشبيهه لحسن العلوي بكطف السيكارة التي أشعلت غابة بكاملها بينما في الحقيقة ان كاتب المقال بمقالاته قد قطع أوصال جميع الحياة في تلك الغابة ليحولها الى هشيم و حطب لتكون كلماته بمثابة الزيت الذي سكبه على هذا الهشيم ليقوم هو وغيره امثال العلوي وغير العلوي باشعاله محدثا حريقا ياتي على الجميع و ربما لو كان لقب حسن العلوي ليس (علوي ) لكان كلام الكاتب انصف هذا العلوي المسكين الذي فقد عقله ليقول جزءا من الحقيقة كما فعلها الشيخ الجليل احمد الكبيسي عندما فقد عقله هو الآخر ليقوم بنفس ما قام به حسن العلوي
      ولا نعرف يا أيها المدون المزيف متى تفعلها أنت وتقول الحقيقة أو جزءا منها بعد أن تفقد عقلك (طبعا)

      حذف
  2. غير معرف04 فبراير, 2013

    اموت على استكانات الجاي مالتك
    Nabeel AlShammari

    ردحذف
  3. غير معرف05 فبراير, 2013

    نشكرك جزيلاً على مقالاتك الرائعة و خصوصاً شرب الشاي مع المفكرين والفلاسفة العظام خصوصاً الذين ليسوا من جماعة (إذا الريح مالت مال حيث تميل). ودعني أمون عليك و اعاتبك على عدم شرب الشاي مع المرحوم ميكافيلي (لانه يستأهل )علماً أني لم أتعرف على الحياة و السياسة كثقافة فقط إلى ان تعرفت عنه من خلال كتاباتك ولانه فسر لنا الواقع الذي نحن فيه و أسباب تخلفنا و أشكرك جداً على ذلك .
    الفرق بينك و بين الوردي انك تشرب الشاي مع هؤلاء و تناقشهم آرائهم و تعرضها علينا بأمانه اما المرحوم الوردي فمع كل الأسف شرب العرق معهم و اخذ آرائهم .
    و ارجوا من القراء الكرام مراجعة مقال المدون و التعليقات في يونيو 2011 (في بركة علي الوردي) لكي يتيقنوا بما أعني .

    ردحذف
  4. غير معرف07 فبراير, 2013

    "المتشاطر لم يخبرنا حول حروبه الفاشلة مع اسرائيل واخرها عندما سرق جندي اسرائيلي وعلى اثر سرقته دمرت لبنان بالكامل، اذن هل هي من اجل السلطة ام لا؟

    على ذكر الحروب والقرون الوسطى حاليا يعرض من على شاشات السينمافلم البؤساء لفكتور هيجو. وفيه ترى كيف كان يعيش الشعب الفرنسي أنذاك،وهم أناس عاديين يغمرهم فقر وفاقة وفي حالة مسحوقة. كان هذا حالهم قبل الثورة الفرنسية. ولنقارن فرنسا اليوم وما كانت عليه قبل اعوام 1800.

    اليس بلداننا وأناسنا مروا بهذا ام لا؟ اين نحن واين هم؟
    ما السبب؟

    الخلل فينا يا ناس وليس في احد......الخلل في الانسان لا غير

    ردحذف
  5. غير معرف23 فبراير, 2013

    في احدى مقالاتك السابقة (الفضائيون2009) ..استوقفتني هذه الجملة :
    (قل لي بربك .. ماذا تتوقع من شرطي يعمل في "دولة" يقوم فيها نائب رئيس الجمهورية بسرقة مصرف ؟ ثم تعال ارجوك وقل لي .. ماذا تتوقع من شرطي في "دولة" يجلس فيها دريلجي مجرم كـ هادي العامري نائبا في برلمانها ؟ ثم بعد هذا وذاك .. ماذا تتوقع من "ابو اسماعيل" وقد تحول اية اللة العظمى الى سمسار عقارات في لندن !!)
    طبعاً تحديثاً لمقالك اصبح الايراني هادي عامري الان وزيراً للمواصلات (يعني الامور اصبحت أردى بصعود هذا المجرم ليصبح وزيراً)اما البقية الباقية مالكي و صدر و حكيم و غيرهم فهم لا يزالوا يحكمون بوصاية ايرانية امريكية مشتركة و يتحكمون بميزانية 111.4 مليار دولار في ميزانية 2013 لحسابهم و شياطينهم.

    بحثالة كهذه النوعية من الفيروسات التي أكملت دورتها الجرثومية في دورات مياه قم و طهران النتنة فبالله عليك هل هناك و لو بصيص امل واحد ان يخرج العراق من بلاليع القرون الوسطى وليس مرحلة القرون الوسطى التي تكلمت عنها وهذه الحثالات اللصوصية جاثمة على صدور العراقيين العرب و تتحكم بمقدراته و تسرق موارده النفطية .

    العراق الآن مزبلة ايرانية تتحكم هي بها و تعزز خطط الاستيطان و الأرينة فيها و تسمم العقول من خلال تبعيتها التي زرعتها ليس الان بل منذ عدة قرون .

    انهم الان مستميتين و يعقدوا كل آمالهم على معركة مصيرهم الفاصلة في سوريا و التي سوف تكون النهاية الحتمية و الدموية المأساوية لهولاء الأشرار .

    حينئذن ستكون مرحلة الخروج من القرون الوسطى ممكنة .

    ردحذف
  6. غير معرف24 فبراير, 2013

    فرحت من دخلت وشفتك حنيت علينا وكتبت
    اريد ان اسأل لماذا لا نجعل اية الله ميكافيللي هو الولي ونمشي وراءه؟
    اليس احق واجدر من السيستاني والخالصي والصدر والخ..؟

    ردحذف
  7. غير معرف13 أغسطس, 2013

    مقال طائفي و معلقون اكثر طائفية
    اما بالنسبة لمعركة الجمل فمن فمك أدينك
    أي أنكم وحسب معتقدكم (( كل من يخرج عن ولي الأمر الذي يحكم بشرع الله فيجب أقامة الحد عليه ))
    السؤال الأول :- هل أن عليا رضي الله عنه و أرضاه لم يكن حاكما شرعيا حكم بما يرضي الله
    السؤال الثاني :- هل ان من خرجوا عنه و حاربوه هم أعلم و أفقه وأنزه منه و أليق منه للحكم ؟؟
    ألم يقل بحقه الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام (يا علي لا يحبك ألا مؤمن و لا يبغضك ألا منافق ) و هذه لم ترد فقط في كتاب نهج البلاغة فقط والذي شبهته ظلما و عدوانا وبدوافع طائفية واضحة بالمخدرات , و أنما وردت حتى في كتابات فقهائكم و لانعرف ضمن هذا التصنيف النبوي أيهما أنت منافق ام مؤمن ؟؟
    أما ما يخص السيد حسن نصر الله و حروبه مع الحبيبة المدللة أسرائيل ولية نعمة المجاهدين الأسلامويين فرأينا الصهاينة وهم يهرعون الى خارج المدن و يسكنون البراري مذعورين من صواريخ أبطال المقاومة كما رأينا وراى العالم كيف أغرقت تلك الصواريخ أحد أكبر قطعتين من البحرية الأسرائيلية وهي تغوص في أعماق البحر عدا ما رأيناه و رآه العالم كيف تم تدمير ألوية مدرعة بالكامل و هذا ما لم نلراه في كل الحروب الخاسرة لصنديد الهزائم من الجنرالات و الحكام العرب
    لا أعرف متى نتخلص من هذه الطائفية التي أعمت كتابا و مفكرين عن قول الحقيقة

    ردحذف