في كتابه "المسألة العراقية" يستغرب بيير جان لويزار وهو احد الباحثين الفرنسيين في الشأن العراقي من ان حنا بطاطو الذي كتب "انجيل العراق" بحسب تعبيره لايكرس اهتماما كبيرا لدور الدين في المشهد السياسي العراقي .. الخطأ الذي يقع فيه الباحث الفرنسي هو انه يرى عراق الستينات بنظارات عراق اليوم وهو بذلك يسقط الحاضر على الماضي .. احد الفلاسفة الالمان كان يقول من في رأسه مطرقة يرى كل الاشياء امامه على شكل مسامير.. وهذا الباحث الفرنسي كرس حياته لدراسة الحركات الاسلامية وهو لا يرى غير ذلك .. من هنا فهو لايتقبل حقيقة ان دور الدين انذاك لم يكن كبير في المشهد السياسي العراقي كما هو اليوم .
“ there was an unassuaged thirst for ideals. The elements directly affected were, of course, the youth of Iraq, and especially the students. The Islamic (Shi’i or Sunnis) ideas, which had for long been the mainstay of the people, were in state of progressive decomposition. At least as then formulated and interpreted, they were out of accord with the needs, desires, and life experience of an ever-widening number of socially conscious Iraqis. Islam to be sure, still preserve its impressive outward front, but in reality had lost much of its life-furthering power” (Batatu 1978, p.480
“ when reading a forbidden book he first came across the idea that the distinction between men were not God-given but were du to humain and historical causes, the idea was to him “something like revelation”. There was nothing in his previous experience to suggest anything different. He had taken for granted the Qur’anic injunction: “and as to the mean of livelihood we have preferred some of you to others” (Batatu 1978, 481
كما ان عراق العشرينات من القرن الماضي لايشبه عراق الستينات من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .. فان عراق الستينات والسبعينات لايشبه عراق التسعينات وعراق اليوم .. استغراب الباحث الفرنسي هذا يمكن طرحه على شكل سؤال : ترى لماذا تطرق حنا بطاطو لتاريخ العراق المعاصر من خلال المنظور الطبقي وليس الديني او الطائفي ؟ هنا نحن امام سؤال اكثر حيادية من استغراب الباحث الفرنسي والذي ينظر للماضي من خلال الحاضر وهو بالتالي يفرض ديناميكية الحاضر على الماضي .
حنا بطاطو كان يرى عراق الخمسينات والستينات والسبعينات فلا غرابة انه ركز على البعد الطبقي وعلى الاحزاب العلمانية التي شكلت تجربة حزبية عبرطائفية .. وهو لم يعطي اهتماما لدور الدين لانه لم يكن مؤثرا في الساحة السياسية العراقية انذاك .. لقد اكتسحت افكار الاحزاب العلمانية الشارع العراقي لانها كانت تجيب على اسئلة وحاجات ذلك الجيل .. علينا ان نتذكر مثلا ان مكتبات النجف كانت انذاك تبيع كتب من مثل "السيف البتار على الكفار الذين يقولون المطر من البخار" ..والباحث الفرنسي لايعرف ذلك .. فقط عندما نعرف ذلك نستطيع ان نفهم اثر "المادية الديالكتيكية " او حتى افكارها المبسطة على شباب ذلك الجيل .
لا بل ان تأثير الماركسية نجده حتى عند رجال الدين وابرز مثال هو محمد باقر الصدر .. فكتابيه "فلسفتنا" و"اقتصادنا" ليس سوى محاولة ضحلة لاستعارة مكشوفة واسلمة للكثير من الافكار والمصطلحات الماركسية .. وعناوين كتب الصدر لوحدها تحكي هذا التأثير.. فتوى محسن الحكيم ومرتضى الياسين في الستينات والتي حرمت الانظمام الى الحزب الشيوعي هي ايضا دليل على تعاضم دور الافكار العلمانية في الوسط الشيعي .. وهي رد فعل على الحزب الشيوعي الذي كان يحصد الرفاق حتى داخل بيوتات رجال الدين .. وتلك الفتوى لم تمنع الكثير من الشيعة من الانضمام الى الحزب الشيوعي .
هنا مقتطفات من كتاب بطاطو تشرح نبض الشارع العراقي آنذاك .. في المقتطف الاول يصف حنا بطاطو الجو الفكري والاجتماعي لتلك الايام ويصف دور الاسلام في المجتمع العراقي انذاك او على الاقل ضمن الشريحة التي شكلت التجربة الحزبية .. ثم هو يروي بعد ذلك قصة انجذاب عبدالله مسعود وهو شيعي من عائلة متدينه نحو الشيوعية .. ومسعود كان احد قيادي الحزب الشيوعي عندما التقاه بطاطو :
حنا بطاطو كان يرى عراق الخمسينات والستينات والسبعينات فلا غرابة انه ركز على البعد الطبقي وعلى الاحزاب العلمانية التي شكلت تجربة حزبية عبرطائفية .. وهو لم يعطي اهتماما لدور الدين لانه لم يكن مؤثرا في الساحة السياسية العراقية انذاك .. لقد اكتسحت افكار الاحزاب العلمانية الشارع العراقي لانها كانت تجيب على اسئلة وحاجات ذلك الجيل .. علينا ان نتذكر مثلا ان مكتبات النجف كانت انذاك تبيع كتب من مثل "السيف البتار على الكفار الذين يقولون المطر من البخار" ..والباحث الفرنسي لايعرف ذلك .. فقط عندما نعرف ذلك نستطيع ان نفهم اثر "المادية الديالكتيكية " او حتى افكارها المبسطة على شباب ذلك الجيل .
لا بل ان تأثير الماركسية نجده حتى عند رجال الدين وابرز مثال هو محمد باقر الصدر .. فكتابيه "فلسفتنا" و"اقتصادنا" ليس سوى محاولة ضحلة لاستعارة مكشوفة واسلمة للكثير من الافكار والمصطلحات الماركسية .. وعناوين كتب الصدر لوحدها تحكي هذا التأثير.. فتوى محسن الحكيم ومرتضى الياسين في الستينات والتي حرمت الانظمام الى الحزب الشيوعي هي ايضا دليل على تعاضم دور الافكار العلمانية في الوسط الشيعي .. وهي رد فعل على الحزب الشيوعي الذي كان يحصد الرفاق حتى داخل بيوتات رجال الدين .. وتلك الفتوى لم تمنع الكثير من الشيعة من الانضمام الى الحزب الشيوعي .
هنا مقتطفات من كتاب بطاطو تشرح نبض الشارع العراقي آنذاك .. في المقتطف الاول يصف حنا بطاطو الجو الفكري والاجتماعي لتلك الايام ويصف دور الاسلام في المجتمع العراقي انذاك او على الاقل ضمن الشريحة التي شكلت التجربة الحزبية .. ثم هو يروي بعد ذلك قصة انجذاب عبدالله مسعود وهو شيعي من عائلة متدينه نحو الشيوعية .. ومسعود كان احد قيادي الحزب الشيوعي عندما التقاه بطاطو :
“ there was an unassuaged thirst for ideals. The elements directly affected were, of course, the youth of Iraq, and especially the students. The Islamic (Shi’i or Sunnis) ideas, which had for long been the mainstay of the people, were in state of progressive decomposition. At least as then formulated and interpreted, they were out of accord with the needs, desires, and life experience of an ever-widening number of socially conscious Iraqis. Islam to be sure, still preserve its impressive outward front, but in reality had lost much of its life-furthering power” (Batatu 1978, p.480
“ when reading a forbidden book he first came across the idea that the distinction between men were not God-given but were du to humain and historical causes, the idea was to him “something like revelation”. There was nothing in his previous experience to suggest anything different. He had taken for granted the Qur’anic injunction: “and as to the mean of livelihood we have preferred some of you to others” (Batatu 1978, 481