2020/01/31

رسالة فك ارتباط .. "وصلوها للحنانة مقتدى مو ويانه"

يبدو ان الدرون الامريكي ضرب "عصفورين" بحجر.. فهو لم  يحرق قاسم سليماني فقط .. ولكنه وبصورة غير مباشرة "حرق" اوراق مقتدى الصدر ..الضربة الامريكية وتبعاتها اجبرت مقتدى على الخروج من المنطقة الرمادية والاصطفاف بلا مواربة الى جانب ايران ومشروعها في العراق في وقت يغلي فيه جزء كبير من الشارع الشيعي حنقا ضد ايران.. الضربة الامريكية بهذا المعنى ادت الى توضيح للمواقف وتغيير للاولويات وبالتالي فرز للصفوف في الداخل الشيعي.. بعد الضربة الامريكية وخصوصا بعد محاولة ايران جعل العراق ساحة لتصفية حساباتها مع امريكا لم يعد كافيا ان ترفع علم عراقي وتقول "شلع قلع" لتصبح وطني.. سقف الوطنية بعد الضربة الامريكية والاستهتار الايراني بأمن العراق ارتفع كثيرا واصبح يتطلب اكثر من ذلك.. بعد الضربة الامريكية اصبح سقف الوطنية يطرح نفسه على شكل سؤال حدي: هل انت مع مصلحة العراق التي تقتضي اخراجه من دوامة الحروب بالوكالة.. ام انك مع مصلحة ايران التي تريد ان يبقى العراق ساحة لتصفية "حساباتها" مع امريكا ؟؟ 

امام هذا السؤال المصيري اختار مقتدى الصدر المصلحة الايرانية .. وهو بذلك ارتكب خطاء تكتيكي من العيار الثقيل جعله يخسر في ايام معدودة ما خسره جماهيريا في السنوات السابقة.. مقتدى لازال "يتكتك".. بينما الشارع العراقي بدأ يفكر استراتيجيا.. فالشارع العراقي لا يريد فقط انهاء سلطة فاسدة.. لا ..الشارع العراقي يرفض ان يبقى العراق ساحة لتصفية حسابات ايران مع امريكا.. الشعب العراقي الذي انهكته الحروب ما عاد يريد حروب اخرى وشعارات "ما توكل خبز" .. الشعب العراقي يريد يعيش.. يريد وطن.. يريد ماء وكهرباء وشوارع خالية من كلاب وسرسرية ايران.. لهذا السبب خرجت المليونية الوطنية كرد فعل على "مليونية الذيول".. مليونية ضد مليونية .. العدد هو سلاح مهم في المعركة الدائرة اليوم.

العدد وتنظيم العدد والتحكم بالعدد هو عنصر مهم في فن الاستراتيجيا.. ولكن فن الاستراتيجيا يقتضي قبل كل شيء تقييم دقيق لسايكولوجيا الحاضنة والخصم.. تقييم دقيق "لمزاج" الحاضنة وسايكولوجيا الخصم.. ومقتدى الصدر ومن خلفه ايران لم يفهموا بعد انقلاب مزاج "الحاضنة الشيعية" في العراق .. امريكا فهمت ذلك بسرعة اكبر منهم وتصرفت مؤخرا وفقا لذلك.. امريكا ما كانت لترسل الدرون الذي بعثر سليماني لو لم تكن تعرف بأن ايران وذيولها ما عادوا يتحكمون بشيعة العراق.. امريكا ما كانت لترسل الدرون لولا المظاهرات العراقية التي رفعت شعارات "ايران برا برا".. امريكا ما كانت لترسل الدرون لو لم يحرق ثوار النجف قنصلية ايران.. امريكا ما كانت لترسل الدرون لو لم تسمع شيعة ذي قار يرددون "منريد قائد جعفري وتاليها يطلع سرسري".. باختصار.. امريكا ما كانت لترسل الدرون لو لم تكن متأكدة بأن ايران فقدت الحاضنة الشيعية في العراق.. نحن هنا امام درس عملي في كيفية استخدام فن الاستراتيجيا: تقييم دقيق للمزاج الشيعي .. تقييم دقيق لعدد الخصم .. واستخدام ذكي للمعدات.. استخدام ذكي للدرون.  

ايران بخسارتها الحاضنة الشيعية في العراق اصبحت نمر من ورق.. وايران التي اظهرت تخبطا عسكريا مضحك مع اول اختبار عسكري جدي.. ايران التي لم تميز بين طائرة مدنية وبين طائرة حربية .. ايران هذه لا تستطيع ان تواجه الدرون وما يعنيه من طفرة تكنولوجية احدثت ثورة في طرق المواجهة العسكرية التقليدية.. من هنا محاولتها استخدام العراق كورقة تفاوضية مع امريكا.. من هنا "مليونية الذيول" التي كانت تهدف الى شيئين.. الاول.. ارسال رسالة "عددية" الى امريكا مفادها بان ايران لازالت تسيطر "عدديا" على العراق وبالتالي تحسين شروط التفاوض مع امريكا.. اما الهدف الثاني فهو ارهاب ساحات التظاهر العراقية سايكولجيا من خلال  سلاح العدد.

ولكن "مليونية" مقتدى التي رددت فيها شعارات "ايران تبقى حرة" استفزت العراقيين الذين دفعوا ما يقارب الف قتيل وثلاثين الف جريح من اجل شعار "ايران برا برا".. من هنا المليونية الوطنية التي خرجت كرد فعل على مليونية الذيول .. المليونية الوطنية كانت بمثابة صفعة سياسية  للذيول ..المظاهرات الوطنية بهذا المعنى هي صاروخ اخر ذكي اطلقه هذه المرة "درون" عراقي وطني واصاب مقتدى رمزيا .. السياسة رمز قبل كل شيء .. ومن يحترق رمزيا.. يحترق سياسيا..مليونية الذيول بهذا المعنى هي رصاصة اطلقها مقتدى المتخبط على قدمه اليسرى..البصرة قالت له ولاول مره وبوضوح طك بطك :"يا مقتدى يا دودة، ذب العمامة السودة".. بغداد ومن ساحة التحرير قالت له: "باي باي سيد مقتدى" و"التحرير تخبل ما بيها ذيوله".. الرسالة الاهم جاءت من ذي قار :"وصلوها للحنانة.. مقتدى مو ويانه".. وهي رسالة  تقول  لمقتدى ما يلي : عندما تصطف مع ذيول ايران فأنت "مو ويانة".. عندما تقبل ان يتحول العراق الى"حديقة خلفية" تصفي فيها ايران "حساباتها" مع "المفاوض" الامريكي على حساب العراق .. فأنت "مو ويانة".. نحن هنا امام رسالة "فك ارتباط" .. رسالة توضّح معيار الوطنية.. اذا لم تكن مع العراق ومصلحة العراق فانت ذيل تابع .. رفع ملايين الاعلام العراقية لم يعد كافيا لتكتسب مظاهراتك صفة الوطنية.. معيار الوطنية اليوم هو الموقف من ايران وتدخلات ايران.. الولاء لا يقبل القسمة على اثنين.

المثل الانكليزي يقول :" لا يمكن للمرء ان يخدم سَيّدين".

a man cannot serve tow masters


والعراق سَيّد.. لا يقبل خدم وذيول ايران. 

2020/01/06

احداثيات سليماني .. واحداثيات اللعبة الكبرى

مفهوم اللعبة الكبرى معروف في ادبيات السياسة الدولية.. وهو في الاصل كان يصف علاقة الصراع بين بريطانيا وروسيا في المنطقة الممتدة من ايران الى جبال الهملايا في القرن التاسع عشر.. ضمن اللعبة الكبرى اللاعب الدولي الكبير يحاول مد نفوذه وسلطته في منطقة جيوستراتيجية معينة .. وهو بدل ان يلجأ لحرب مكلفة مع خصمه يقوم باستخدام وسائل تأثير وضغط اخرى لتحقيق اهدافه.. ومن ضمن هذه الوسائل هو استخدام اللاعب الاقليمي والمحلي.. اللعبة الكبرى بهذا المعنى يمكن تصورها كسوق جيوستراتيجي.. هناك تاجر محلي يدير "بضاعة" قد تكون على شكل دويلة، مشيخة، مجموعة اثنية او طائفية، حزب، عشيرة ، ميليشيا الخ.. وهذا التاجر المحلي يسمسر ببضاعته حسب قانون العرض والطلب الجيوستراتيجي مع التاجر الاقليمي والدولي.. والتاجر الاقليمي يقوم بنفس السمسرة الجيوستراتيجية مع التاجر الدولي .. مثلا في العراق اليوم هناك عدة تجار(شيعة، سنة، كرد وتفرعاتهم الحزبية) يتنافسون فيما بينهم لارضاء وكسب ثقة ودعم تجار اقليميين متنافسين (ايران السعودية تركيا الخ).. وهولاء بدورهم يتنافسون على كسب ثقة بضعة تجار كبار متنافسين(امريكا وروسيا الخ) .. الامور اعقد ولكن هذا وصف بنيوي عام ومُبَسّط .. وهو مفيد في تحليل وفهم ما يدور في العراق ومنطقتنا اليوم.

مجلة النيويوركر (التي قامت ذات يوم بفضح جريمة التعذيب في سجن ابو غريب) نشرت في عام ٢٠١٣ مقال ممتاز عن قاسم سليماني .. مقال يستحق اليوم اعادة قراءة في هذا الرابط.. في هذا المقال نجد خفايا تعاون قاسم سليماني مع الامريكان قبل غزو افغانستان واثناء احتلال العراق.. ساتطرق هنا لبعض هذه الخبايا.. بعد هجمات 11 سبتمبر كانت امريكا تبحث عن الانتقام من الاهانة التي تلقتها.. ومحطة الانتقام الاولى كانت افغانستان.. التاجر الايراني الذي يعرف استغلال الفرص ارسل انذاك اشارات عبر السفارة السويسرية في طهران الى الامريكان عارضا المساعدة في غزو افغانستان.. امام هذا العرض ارسل الامريكان يان كروكر ( السفير الامريكي لاحقا في بغداد الاحتلال) الى جنيف لِلقاء رجال قاسم سليماني من فيلق القدس.. كروكر يقول "كنا نبقى مستيقظين طوال الليل في تلك الاجتماعات، والإيرانيون كانوا يستشيرون "حجي قاسم" في بعض التفاصيل، وهم كانوا متحمسين لمساعدة الولايات المتحدة على تدمير عدوهم المتبادل، طالبان.. اسكت يا هذا.. اششششش..  كلا كلا امريكا!! الموت للاستكبار العالمي والشيطان الاكبر !! 

كروكر يضيف بأن صبر الإيرانيين كاد ينفذ في الاشهر الاولى من بطء إدارة بوش.. لانهم كانوا يعتقدون  أن تحضيرات الغزو استغرقت وقتا اطول مما يجب لمهاجمة طالبان.. لهذا السبب وفي اجتماع عقد في أوائل أكتوبر 2001.. وقف المفاوض الإيراني البارز ورمى مجموعة من الأوراق على الطاولة  وقال غاضباً لـِ كروكر: "عندما تكون مستعدا للقتال، فأنت تعرف أين تجدني".. وخرج من غرفة الاجتماع.. وهكذا كان .. عندما حدد الامريكان ساعة الصفر كان كروكر يعرف اين يجد عملاء فيلق القدس.. وهكذا عادت اللقاءات من جديد.. في احدى هذه الاجتماعات وضع ضابط الاستخبارات الايراني على الطاولة خريطة توضح بالتفصيل مواقع قوات طالبان.. وقال لـ كروكر "إليك نصيحتنا: اضربهم هنا أولاً ، ثم اضربهم هنا. عندها سأله كروكر: "هل يمكنني كتابة بعض الملاحظات؟" فكان رد المفاوض الايراني : "يمكنك الاحتفاظ بالخريطة".. وهو رد لم يكن يتوقعه كروكر.  

امريكا ارادت ان تعطي درسا للعالم عن مدى قوتها بعد هجمات ١١ سبتمبر .. وافغانستان لم تكن خصما يعتد به.. امريكا كانت تريد ضرب دولة لها صدى اكبر.. لنشر ضوضاء قوتها بشكل اكبر حول العالم.. والعراق كان هو المحطة الثانية "لرحلة" الانتقام الامريكي..  وايران لم تصدق نفسها انذاك .. خصمها التاريخي الذي مرغ انفها بتراب السواتر خلال ثمانية اعوام يسقط مجانا.. حلم السيطرة على العراق من جديد يتحقق بعد الف واربعمائة عام.. يا لثارات فارس.. خصوصا وان امريكا سخرت اعلاميا محكية المظلومية الشيعية وجمعت لتنفيذ مشروعها كل ذيول ايران.. امام كل هذه الهدايا التاريخية الامريكية.. لم يكن امام التاجر الايراني سوى منطق "شيلني واشيلك".. إرسال "السفير" كروكر إلى بغداد لم يكن صدفة.. فهو يعرف جيدا ازلام سليماني من فيلق القدس.

هناك معلومات كثيرة في مقال مجلة النيويوركر عن تعاون سليماني مع الامريكي  في العراق.. ولكني ساركز على بعض مغامرات "حجي" قاسم.. سليماني وعبر وسطاء كثر تواصل مع الكثير من المسؤولين الأمريكيين الكبار في العراق.. وكان في رسائله معهم يسعى أحيانًا إلى طمأنة الأميركيين، وأحيانًا لاستحصال بعض الاشياء منهم.. مثلا.. في أوائل عام 2008  مرر الرئيس العراقي جلال طالباني هاتفًا خلويًا فيه رسالة نصّية إلى الجنرال ديفيد بترايوس الذي تسلم قيادة القوات الامريكية انذاك.. نص الرسالة كان يقول :"عزيزي الجنرال بترايوس، يجب أن تعلم أني، قاسم سليماني ، أتحكم في سياسة إيران فيما يتعلق بالعراق ولبنان وغزة وأفغانستان. سفيرنا في بغداد عضو في فيلق القدس والشخص الذي سيحل محله هو ايضا عضو في فيلق القدس".. وهذه كانت دعوة صريحة لبترايوس للتواصل معه مباشرة.. ومراسلات بترايوس مع حجي قاسم في العراق كثيرة.. مهمة بترايوس التي عينه بوش من اجلها كانت تركيع ما كانوا يسمونه بـ"المثلث السني" الذي اهان الدبابة ابرامز.. هذه كانت اولوية بترايوس.. وهو من اجل تسهيل المهمة استخدم مليشيات وذيول قاسم سليماني وجحفلها في "الجيش العراقي".. وشيئا فشيئا وجد الامريكي نفسه امام حقيقة ان الايراني لعب اللعبة افضل منه في العراق.. باختصار.. في العراق حصل التاجر الايراني على كل المنافع السياسية بأقل الاثمان.. اما الامريكي الذي دفع ثمنا باهظا ومالا كثيرا وجد نفسه في النهاية خالي الوفاض وبلا حلفاء محللين يعتمد عليهم.. خطأ استراتيجي كبير في قانون اللعبة الكبرى ان تدخل ارض غريبة بلا حلفاء محليين.. من هنا "الانسحاب" العسكري في عام ٢٠١١.

في مقال النيويوركر هناك جملة رهيبة لسليماني.. جملة يجب ان نضعها هنا "لتحية" سليماني وهو في طريقه الى مزبلة التاريخ .. هل تذكرون حادثة اختطاف ومقتل بضعة جنود امريكيين في كربلاء من قبل "المليشيات المنفلتة" كما كانوا يسمونها.. بعض القادة الامريكان كانوا يفكرون وقتها للدخول الى الارضي الايرانية وضرب المعسكرات التي كانت تدرب "المليشيات المنفلتة".. امام هذا الغضب الامريكي أرسل سليماني رسالة تطمينية عاجلة إلى السفير الأمريكي يقول فيها "أقسم على قبر الخميني أنني لم أعطي الاذن باطلاق رصاصة واحدة ضد الولايات المتحدة".. وهي جملة لم يصدقها احد ولكنها تعطينا فكرة عن الاعيب "حجي" قاسم.. والاهم عن ازدواجية خطاباتهم.

باختصار .. فيلق القدس وبتوجيه من قائده قاسم سليماني تعاون مع المخابرات الامريكية في افغانستان وتعامل معهم في العراق المحتل.. وهو قد اعطاهم احداثيات لقصف افغانستان وقام بنفس الشيء من اجل تمكين الاحتلال الامريكي للعراق.. هذه هي "جمهورية  قاسم سليماني".. الجمهورية الاسلامية العاهرة التي تلوك علكة "الاستكبار العالمي" و"الشيطان الاكبر" في النهار.. و"تضاجع" نفس الشيطان في ليل الغرف المغلقة في فنادق جنيف.. هذه هي "احداثيات" قاسم سليماني.. وهذه هي "احداثيات" اللعبة الكبرى .. الكل "ينام" مع الكل.. كما يقول التعبير الفرنسي الشهير.. كل الخطابات الرسمية والفضائيات و"التغطيات" الاعلامية هي لستر هذا العهر السياسي.. دولنا الهشة هي مواخير للجواسيس والعملاء وامراء الطوائف والحروب المقدسة الضغائنية.. والشعوب وحدها هي من تدفع ثمن هذا العهر السياسي المغلف بالشعارات الكاذبة.. بلدان ومدن عريقة دمرت.. ملايين من القتلى والمهجرين .. مدن كاملة بعوائلها واطفالها تعيش اليوم في العراء.. ملايين من الاطفال اليتامى.. كل ذلك بسبب هذا العهر السياسي الملتحف بعباءة الاسلام والشعارات الكاذبة.

مقال النيويوركر نُشر في بداية صعود "داعش".. وهو لذلك لا يتطرق للتعاون بين سليماني والامريكان في معارك "الحشد" ضد "داعش".. ولكننا في العراق نعرف ان مهمة سليماني في الحرب على "داعش" كانت تقتصر على "اعطاء الاحداثيات" للطائرات والدرونات الامريكية.. ومسك الارض المحروقة بعد مرور الطائرات فوق المدن المدمرة.. وهو نفس الدور الذي قام به في غرب افغانستان.. قاسم سليماني وبغرور المنتصر لم يفهم ان "نجاحه" بتدمير بلدان عريقة وتشريد الملايين كان بفضل الغطاء الجوي و"سجاد" القنابل الحارقة والدرونات.. المدن التي دخلها سليماني "فاتحا" ما كان لها ان تسقط لولا سلاح الجو الامريكي والروسي والفرنسي الخ.. الحجي قاسم لم يفهم ذلك .. لذلك راح يتحرك ويتصرف في المنطقة كالشقاوات والزعران.. يرفع من يريد و "يسقط" بالكواتم من يريد.. وذات جولة ليلية "زاره" صاروخ في سيارته ليذكره الدرس الذي لم يفهمه : لا "شقاوجي" في "المنطقة" الا الدرون.. سليماني لم يفهم قواعد اللعبة الكبرى وحدود رقعة الشطرنج المسموح للبيادق الاقليمية بالتحرك عليها.. "الحصان" سليماني اراد ان يلعب دور "الوزير" على رقعة الشطرنج الدولية.. وهذا تجاوز للحدود والخطوط الحمراء ضمن قوانيين اللعبة الكبرى.. استخدموه كبيدق مرسل احداثيات للدرون.. وهم اليوم يرمونه "معقّج" كورقة محترقة .. اي انتقام للمدن التي دمرتها احداثياته.. سليماني الذي زود طائرات الدرون الامريكية بالاحداثيات في افغانستان والعراق.. قتلته طائرة مسيرة .. بعثر جثته صاروخ مزود باحداثيات ذكية.. التاجر الدولي يجد دائما من يزوده بالاحداثيات.. والدفع كاش.. اللعبة الكبرى سوق تباع وتشترى فيه الاحداثيات والجنرالات والقادة والامراء والملوك والشعوب.. اللعبة الكبرى لعبة قاسية وقذرة.. من لم يمت بالكاتم .. يقتل بالدرون.

قاسم سليماني او ما تبقى منه سيلتحق اليوم بالمقبرة التي تحوي قتلى حربهم مع العراق.. جمهورية ولاية الفقيه البائعة للاحداثيات والحروب ستبكي اليوم .. ولكن هذه الطفلة التي استنزفت حروب جمهورية قاسم سليماني ملياراتها.. هذه الطفلة التي دمرت "احداثيات" قاسم سليماني بلدها ومدرستها وصَفّها و"رَحْلَتَها".. هذه الطفلة التي ستسمع ضجيج الاخبار من حولها .. هذه الطفلة سترسم غدا في دفترها طائرة مسيرة.. سترسم درون.. سترسم على وجهها ضحكة.