2024/04/18

حسن نصر الله و سينوغرافيا الهجوم الإيراني على اسرائيل

 بعد أيام من قصف إسرائيل لقنصلية إيران في دمشق ..القى حسن نصرالله خطابا خصص فيه جزء للرد على أصحاب النظرية القائلة ان "ما يحدث في المنطقة هو مسرحية او سيناريو أميركي - إيراني".. حسن نصر الله قال في خطابه و بانزعاج شديد و"باللبناني الفصيح": ان " بعض الاخوان (في الحزب) يقولون يجب الرد عليهم.. يا "خي هون شو بتحاججهم" .. وبأي منطق .. هل هذا عقل ..هذا عمى .. هؤلاء معتوهون.".. نصر الله قال في نفس الخطاب أن قصف إسرائيل لقنصلية إيران "سيفتح بابا لحسم المعركة".. وأن الرد الإيراني  “آت لا محالة". 

وجاء "الرد" الإيراني .. أخيرا وبعد أكثر من خمسة وأربعين عاما من الخطابات الثورية .. قامت ايران (مجبر أخاك لا بطل) بأول "هجوم" مباشر ضد إسرائيل بعد ان كانت حتى الاسابيع الاخيرة  تنادي بالصبر الاستراتيجي.. ولكن لسوء حظ حسن نصر الله .. الهجوم الإيراني كان هجوم معلن عنه مسبقا.. هجوم "تلغرافي" كما يسميه الأمريكان !! فايران "أبرقت" لأمريكا لتخبرها ليس فقط  باليوم المقرر لتنفيذ الهجوم .. وانما ايضا قدمت تفاصيل عن الأهداف واعداد وانواع الأسلحة التي سوف تستخدمها !!  

 

الكل يعرف .. من سون تزو اقدم منظّر للحرب في الصين القديمة.. مرورا بـ كلاوزفيتز .. وانتهاءاََ بأغبى نائب عريف في جيش "محمد العاكول" .. ان أي هجوم معلن عنه مسبقا هو هجوم بالاسم فقط .. لانه يفتقد الى اهم ما يمنحه قيمته العسكرية وهو عنصر المفاجأة .. وأنت إذا ما أزلت عنصر المفاجأة من هجوم ما .. فأنت ستنفي بنفس الوقت قيمة الهجوم من الناحية العسكرية .. لماذا ؟؟ لأنك عندها ستمنح خصمك فرصة التحضير لتحييد هجومك .. وبالتالي تفادي أي خسائر .. ثلاثمئة صاروخ ومسيرة لم تقتل ولا إسرائيلي واحد .. في حين ان إسرائيل و بصاروخ واحد قتلت سبعة إيرانيين في القنصلية الإيرانية ومن ضمنهم كبار ضباط الحرس الثوري !! لماذا ؟؟ لأن الهجوم الإسرائيلي يتضمن عنصر المفاجأة.

 

إخْبار ايران لأمريكا مسبقا عن موعد الهجوم كان من اجل السماح لاسرائيل بتفادي وقوع خسائر جسيمة .. وبالتالي تجنُّب "الطلابة العشائرية" الاسرائيلية الامريكية.. وكَفَى اللَّهُ "المُؤْمِنينَ" القِتالَ !!  والكل رابح بعد ذلك .. "ون ، ون"win win  .. كما يقول التعبير الامريكي الشهير عند عقد الصفقات .. القيادة الايرانية ستحفظ ما تبقى من ماء وجهها امام شعبها بعد ان اهانتها إسرائيل مرارا و تكرارا .. وبايدن سيخوض حملته الانتخابية بلا "وجع رأس" وحرب إقليمية .. ليس غريبا ان بايدن قال لـِ نتنياهو هاتفيا وبعد الهجوم الإيراني مباشرة : "تيك ذا ون". "Take the win " .. وهو تعبير معروف عند لاعبي القمار  ويعني : "انت بلا خسائر فخذ ربحك واكتفي".. وبايدن حذر نتنياهو في نفس المكالمة : اذا ضربت ايران فإن أمريكا لن تقف بجانبك.. لماذا ؟؟ لان بايدن فهم جيدا ان غاية "القمارجي" نتنياهو من ضرب القنصلية الايرانية كان لإشعال حرب اقليمية وبالتالي جر أمريكا اليها.. وهذا آخر ما يريده بايدن .. وآخر ما تريده ايران. 

 

  عذرا حسن نصر الله !! فالهجوم الإيراني على إسرائيل لم يكن من اجل "حسم المعركة" .. وهو لم يكن لا من اجل تحرير فلسطين او انقاذ غزة .. وانما غايته كانت إعادة قواعد الردع الإيراني مع إسرائيل وفحواها : " اذا هاجمتني هاجمتك.. وإذا لم تهاجمني عاشوا عيشة سعيدة" !! وهذا الهجوم كان ثمرة تفاهم ضمني بين أمريكا وايران.. وقول ذلك لا يعني التصديق بنظرية المؤامرة .. لان التفاهمات والاتفاقيات في العلاقات الدولية لا تحصل بين الأصدقاء فقط.. بل هي أمر شائع بين الأعداء أيضا.. وتضمين هذا البعد الواقعي الماكيافيلي للمشهد الإيراني الأمريكي يسمح لنا بالخروج من سذاجة نظرية المؤامرة الكسولة فكريا.. ويسمح لنا بنفس الوقت وهنا المهم بنسف خطابات أمثال حسن نصر الذي يعتقد ان ايران جمعية خيرية لتوزيع الحامض حلو على الفقراء والمعذبين في الأرض .. وان ايران مغضوب عليها ومحاصرة لأنها ترفض الجلوس على الطاولة الامريكية كما يقول نصر الله في خطابه الأخير.. وهذا استحمار فكري لا يختلف كثيرا عن استحمار أصحاب نظرية المسرحية الامريكية الايرانية.

 

آه  لو كانت غرف الفنادق السويسرية  تتكلم !! لأخَبَرَتّه بما فعل جواد ظريف مع جون كيري على ضفاف بحيرة ليمان احتفالا بتوقيع الاتفاق النووي عام ٢٠١٥!! ما يتناساه حسن نصر الله هو أن إدارة ترامب هي التي ألغت الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه عام ٢٠١٥ بين محمد جواد ظريف وجون كيري .. بمعنى ان أمريكا ترامب هي التي رفضت الجلوس مع إيران على نفس الطاولة وليس العكس ..وفقط بعد هذا الإلغاء أعلن خامنئي قرار عدم الجلوس على طاولة الامريكان .. وهو موقف إعلامي بحت لحفظ ماء الوجه بعد خطوة ترامب.. فبعد فوز بايدن عام ٢٠٢١  ومجيء الديمقراطيين للسلطة عاد التواصل من جديد.. وجرى تبادل رسائل عبر الوسيط السويسري والعماني .. ونظمت لقاءات سرية وتم تبادل اقتراحات وتعديل للاقتراحات .. كل هذا  استمر حتى منتصف سنة ٢٠٢٢ .. آنذاك طلب الوفد الإيراني الذهاب الى طهران للتشاور مع السلطات العليا (لان خامنئي هو صاحب القرار الأخير في هذا الملف ..من هنا غضبه على انسحاب ترامب الذي وضعه في موقف محرج أمام شعبه الذي لازال ينتظر بحبوحة الاتفاق وملياراته).. ولكن الوفد الإيراني عاد بمطالب وتعديلات رفضها الوفد الأمريكي.. وهنا انقطعت الجلسات التفاوضية لأحياء الاتفاق النووي وإخراج ايران من العقوبات .. بمعنى آخر .. "الشيطان الأصغر" استمر بالجلوس على طاولة "الشيطان الأكبر" سرا رغم تصريحاته العلنية التي تقول نقيض ذلك.. والاختلاف  الحالي بين "الشيطانيين" ليس اختلافا مبدئيا بين ايران النقية ثوريا وأمريكا "الشيطان الأكبر".. كما يحاول ان يقول نصر الله لجمهوره باستحمار منقطع النظير.. وإنما هو اختلاف على "الحزمة".. عفوا .. هو اختلاف على الثمن .. على سعر "البضاعة" !!       

 

باختصار .. التفاهمات الامريكية الإيرانية قديمة قِدم النظام الإيراني.. ابتداءََ من صفقة "ايران غيت" التي حصلت في منتصف ثمانينات القرن الماضي حين كان خميني على قيد الحياة .. وانتهاءََ بالتفاهمات التي جرت بعد تصفية قاسم سليماني .. حينها تم الاتفاق عبر الوسيط السويسري على رد ايراني معلن مسبقا على قاعدة عين الأسد.. تجنبا لوقوع خسائر بالارواح وبالتالي تفادي "الطلابة العشائرية" الامريكية.. والهجوم "التلغرافي" الأخير على اسرائيل يدخل ضمن نفس الاسلوب السينوغرافي السابق : صياغة الهجوم وتنفيذه بطريقة لا تستفز الخصم الى درجة الرد الانتقامي.. وهذه الطريقة السينوغرافية البروتوكولية التي تم بها الهجوم الايراني ستزعج كثيرا حسن نصرالله .. لانها ستعطي "بارودا" كثيرا لأصحاب نظرية ان "ما يحدث في المنطقة هي مسرحية أميركية - إيرانية".. حسن نصر الله وصف هولاء بالمعتوهين وانهم بلا عقل وبلا منطق .. كما لو انه اينشتاين !! هو الذي يصدق خرافة "المهدي المنتظر" !! اينشتاين سيموت من الضحك لو سمع ان شخصاََ يتكلم عن العقل والمنطق وبنفس الوقت يصدق قصة فحواها ان طفلا "اختفى في سرداب" قبل اكثر من الف عام سيظهر عما قريب ليملأ الارض عدلا و كبتاغون!! 

2024/02/13

متى يحرق الشيعة توراتهم

   

عندما ضربت ايران باكستان مؤخرا ببضعة صواريخ .. ردت باكستان بالمثل وضربت ايران بنفس العدد من الصواريخ .. ما قامت به باكستان هو ترجمة عملية لمعنى السيادة سياسيا ومعنى الردع عسكريا .. هكذا تتصرف الدول ذات السيادة .. اما عراق "السادة" فقد اصبح بلد بلا سيادة .. اصبح "مكْفَخَة" لإيران وامريكا .. اصبح "حايط نصيص" .. العراق  تحول الى مَكَبْ للقمامة ترمي فيه ايران وامريكا مخلفاتها السياسية .. ترمي فيه يران وامريكا خردتها العسكري

 

هذا هو مصير اشباه الدول  .. الدول التي لا تمتلك سيادة .. الدول الفاشلة ..الدول الضعيفة .. ففي بورصة العلاقات الدولية العملة المتداولة هي القوة .. ومن لا يمتلك هذا "العملة الصعبة" يتحول الى ساحة مفتوحة للقوي .. يتحول الى مستجدي للدعم الخارجي .. يتحول الى شحاذ لا يملك سوى لغة الدردمة (دردم يدردم دردمة)!! يتحول الى فؤاد حسين "وزير خارجية" شبه دولة العراق الذي صرح بعد الضربات الامريكية الأخيرة  "رفض حكومة بلاده مجدداً أن تكون أراضي العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة، مشدداً أن العراق ليس المكان المخصص لإرسال الرسائل واستعراض القوة بين المتخاصمين" 

 

 فؤاد حسين لا يجرؤ حتى على تسمية "الدول المتخاصمة" بأسمائها !! هو يستخدم لغة التلميح لانه وزير خارجية شبه دولة .. وانت اذا ما تمعنت في كلمات فؤاد حسين ..وتوقفت امام كلمة "مجددا".. ستعثر على معنى التكرار الممل للإدانات التي لا يصغي اليها احد !! ستعثر على الطابع "الأمم المتحدي" للإدانات التي لا يصغي اليها احد !! صعب جدا ان تكون وزير خارجية بلد بلا سيادة .. صعب جدا ان تكون وزير خارجية بلد تتحكم فيه مليشيات .. فالمليشيات هي نفي عملي لمفهوم الدولة وسيادة الدولة .. ومليشيات ايران في العراق هي اليوم من تحدد سؤال الحرب في العراق .. وهي بذلك تخطف اهم قرار سياسي مناط بالدولة .. ووزير خارجية "شبه دولة العراق" لم يفهم ذلك بعد ..فؤاد حسين لم يفهم بعد انه عمليا "وزير خارجية" مليشيات ايران في العراق .. هنا تكمن الكوميديا السوداء في موقف فؤاد حسين   

 

وهذا البُعْد المضحك المبكي نجده عند كل قرقوزات شبه دولة العراق الذين صدّقوا انهم اشخاص مهمين وقادة ووزراء .. فهم يمتلكون المناصب ولكنهم لا يمتلكون الشروط اللازمة لأداء مهام المنصب .. ولكي نستعير لغة المسرح .. نستطيع ان نقول ان هناك تفاوت سايكولوجي بين شخصياتهم الهزيلة وبين الأدوار السياسية المهمة المناطة بهم .. من صاحب مقولة "ما ننطيها" الذي تصدى لمسؤولية رئاسة الوزراء بعقلية لاعب "محيبس" .. الى مصطفى الكاظمي الذي شغل نفس المنصب لعدة سنوات وتبوء منصب مدير المخابرات لسنوات طويلة ولا زال يطرح باستهبال سؤال "لماذا لا نكون كغيرنا ممن يقدّم مصالح دولته على كل شيء

 

سؤال الكاظمي هذا ورد في مقال نشره في الأسبوع الماضي في صحيفة الشرق الأوسط .. عنوان المقال "ضرورة المصارحة لتحقيق مصالحة شاملة".. يمكن اختصار مقال الكاظمي ببضعه اسطر .. فهو يقر بـ "فشل العملية السياسية التي بُنيت بعد عام 2003". وهذا الفشل يخص "شكل النظام السياسي والاقتصادي والأمني بالدرجة الأولى، والعلاقة الجامعة بين المكوّنات والشرائح الاجتماعية بالدرجة الثانية" .. ثم يضيف لاحقا بضرورة  "فتح النقاشات الواسعة والصريحة أمام كل الملفات الشائكة" .. كل العبارات بين مزدوجتين هي كلمات الكاظمي حرفيا  

 

تنتهي من مقال الكاظمي ولا تجد لا صراحة ولا نقاش "ولا هم يحزنون" ..  مقال الكاظمي هو عبارة عن أسئلة مغرقة بالمجازية .. وأسلوب متخم بلغة "اياك اعني واسمعي يا جارة" الذي يميز ساسة ما بعد الاحتلال .. تَجول المقال باحثا عما يسميه الكاظمي بـ "الملفات الشائكة" ولا تجد اثرا لها .. ما هو سبب فشل العملية السياسية ؟؟ لا تعرف .. ما هي الحلول التي يقترحها ؟؟  لا تعرف .. واذا ما اضفت الى ذلك أسلوبه الحيص بيصي الذي ينتقل من "الديك الى الحمار " كما يقول التعبير الفرنسي .. عندها ستصل الى نهاية المقال وانت مُحَمّل بالقرف : افكار بلا ترابط .. مقال في قمة "الخربطة" الفكرية .. ومصطلحات اكبر من قدرة الكاظمي الفكرية .. من هنا فشل محاولته التحليلية .. باختصار .. الكاظمي كاتبا هو كالكاظمي سياسيا .. شخص يحاول تقمص دور اكبر منه ومن امكانياته الفكرية والسياسية .

 

 هل يعرف الكاظمي ماذا كان يفعل رعيل من شيعة العراق في نفس الوقت الذي كان يكتب فيه كلمات مقاله.. رعاع شيعة العراق كانوا يقومون بغزوة على قبر معاوية ابن ابي سفيان ابن حرب ابن امية  اثناء مرورهم بدمشق لإحياء ذكرى وفاة "السيدة" زينب!! غزوة بالأحذية على قبر شخص توفي قبل الف واربعمئة عام !! الكاظمي يطرح سؤال " لماذا لا نكون كغيرنا ممن يقدّم مصالح دولته على كل شيء".. بمعنى انه يطرح سؤال الشعور الوطني .. يطرح سؤال الوطنية في العراق .. في حين ان  نصف سكانه من الشيعة لازالوا يعيشون فكريا في غبار معركة صفين .. هذا هو السؤال الشائك الذي لا يطرحه أمثال الكاظمي بصراحة .. لان مثل هذه الصراحة تحتاج الى نخب وليس الى قرقوزات

  

باختصار .. ما لا يقوله القرقوزات من أمثال الكاظمي وفؤاد حسين .. هو ان هناك ملايين من الشيعة في العراق ممن يعتقدون انهم انه شيعة أولا وعراقيون ثانيا .. كما قالها ذات يوم نوري المالكي .. ما لا يقوله القرقوزات من أمثال الكاظمي وفؤاد حسين هو ان هذه الأولوية للهوية المذهبية .. هذه الهوية الشيعية العابرة للحدود هي التي مكنت ايران من تجنيد رعاع المليشيات وتحويل العراق الى ساحة لتصفية الحسابات .. وطالما ان هناك في العراق ممن يعتقد انه شيعي أولا وعراقي ثانيا .. طالما ان الملايين من شيعة العراق لازالوا يستنشقون غبار معارك الجمل .. فأن "حسين هذا الزمان" خامنئي لن يجد صعوبة في تجنيد رعاع الشيعة من اجل تحويل العراق الى "معسكر" تنطلق منه غزوات شيعية للإغارة على قبور بني امية وعلى "امارات وممالك" احفاد يزيد ابن معاوية !! وهذا الاسقاط الشيعي للماضي الشقاقي على الحاضر العراقي هو أساس المُشكل السياسي في العراق.. رفعت الأقلام وجفت الصحف  

  

في عام ١٩١١ كانت الدولة العثمانية تمر بأضعف فتراتها السياسية .. دول البلقان التي كانت تحت هيمنة الدولة العثمانية بدأت تتمرد وتحصل على استقلالها واحدة  تلو الأخرى .. آنذاك نشأ إحساس عميق داخل النخب السياسية التركية وخصوصا داخل جمعية الاتحاد والترقي بأن الدولة العثمانية في طريقها للتفتت .. في هذه الاثناء كان النقاش محموما داخل أروقة البرلمان .. حيث جرت مداولات خطابية في غاية الحدة تم خلالها التشكيك بولاء الأقليات ومنهم اليهود الاتراك الذين اُتِهُموا بمساعدة الحركة الصهيونية .. النائب اليهودي عن مدينة ازمير نسيم مازلياح القى خطابا في تلك الجلسة قال فيه " اذا كانت الصهيونية مهددة للدولة التركية عندها ساقف بلا تردد بجانب الدولة التركية .. واذا كان ولا بد من احراق التوراة من اجل خير الدولة التركية فسنقوم بذلك" .. فمتى سيحرق الشيعة "توراتهم" وخزعبلاتهم من اجل مصلحة العراق؟؟

2024/01/15

اقتصاد الدم الإيراني


القصف الأمريكي للحوثيين يعري من جديد شعار "وحدة الساحات".. بايدن قال انها رساله لإيران .. فماذا كان رد ايران على هذه الرسالة .. مجرد تصريح على لسان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ادان فيه الضربات الجوية الأمريكية على اليمن .. مضيفا أن الهجوم كشف عن “طبيعة أمريكا العدوانية"!! كشف طبيعة امريكا العدوانية !! يا الهي.. مذهل هذا الاكتشاف!! الادانات الإيرانية مؤخرا اصبحت مثل ادانات الأمين العام للأمم المتحدة في كل مرة تنفجر “قنينة غاز" في احدى مدن العالم !!

 

 قبل أسبوعين نفذت إسرائيل عملية اغتيال في عقر دار حزب الله قتلت خلالها صالح العاروري القيادي في حماس .. ماذا كان رد فعل ايران ؟؟ بيان ادانه اخر أصدره الحرس الثوري الإيراني محذرا حزب الله  من عدم الانجرار الى الفخ الإسرائيلي .. بيان الحرس الثوري الإيراني قال بالحرف ان اغتيال صالح العاروري هي محاولة إسرائيلية لدفع "المقاومة للوقوع في خطأ استراتيجي بالحسابات". وأن "الصبر الاستراتيجي للمقاومة لن يخرج عن إطار العقلانية والمنطق"

 

عندما انتقد مسؤول في دولة خليجية هجوم حماس لأنه أدى الى تدمير غزة بالكامل وتهجير اكثر مليوني فلسطيني .. راحت ابواق ايران تنعته بالعمالة والتخاذل.. اما عندما يحذر قائد الحرس الثوري الايراني حزب الله من الوقوع  في الفخ الإسرائيلي .. فانه يتحول الى عبقري استراتيجي !! السؤال الاهم هو لماذا ايران "عقلانية" عندما يكون مصير حزب الله على المحك .. ولكنها شعاراتية امام السلوك الانتحاري لحماس ؟؟ ايران التي مولت ودربت حماس .. الم يكن بمستطاعها ان تحذر حماس من الوقوع في الفخ الإسرائيلي كما تفعل مع حزب الله اليوم ؟؟ خصوصا وان حماس اضعف بكثير من حزب الله .. لماذا لم تطالبها بالصبر الاستراتيجي ؟؟ لماذا تركت حماس تذهب في مواجهة إسرائيل رغم انها تعلم ان هذا موقف انتحاري نظرا لميزان القوى الغير متكافئ .. لماذا "ضحكت" ايران على حماس بشعار "وحدة الساحات" وتركتها بعد ذلك تواجه عاصفة القنابل الاسرائيلية لوحدها ؟؟ 

 

هل الدم الشيعي اثمن من الدم السني ؟؟ انا شخصيا لا اعتقد ذلك.. شيعي سني زيدي.. سيان .. انت بيدق "قابل للاشتعال" حين تقتضي المصلحة الايرانية والتوقيت الإيراني .. ولكل "بيدق" يومه .. ايران تعرف تمام المعرفة ان دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل سيعني تدميره عسكريا .. بينما  الاستراتيجية الايرانية تريد ان تحتفظ به لمرحلة احرج "كعامل ردع" عندما يتطلب الامن القومي الإيراني ذلك.. حزب الله حصان ثمين لا تريد "حرقه" الان .. اما حماس فهي بيدق على رقعة الشطرنج الإيرانية  ضحت به من اجل إيقاف مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

 

في بداية الحرب العالمية الثانية وبعد ان اجتاح هتلر بولندا .. أعلنت فرنسا النفير العام وجندت الملايين من مواطنيها .. ولكن الجبهة الفرنسية الألمانية ظلت هادئة خلال اشهر.. في هذه الاشهر اصبح الاقتصاد الفرنسي شبه معطل .. لذلك طالبت الحكومة الفرنسية من وزارة الدفاع بوضع خطة عاجلة لتجنيد سبع فرق من الجنود الأفارقة من السنغال والجزائر والمغرب وبقية الدول الافريقية من اجل تسريح نفس العدد من الجنود الفرنسيين لخدمة عجلة الاقتصاد الفرنسي .. هذه الخطة سميت آنذاك بـ"اقتصاد الدم الفرنسي".

 

 ايران اليوم تعمل بسياسة اقتصاد الدم الإيراني .. الاقتصاد بالدم الإيراني .. ورعاع الشيعة من العرب والافغان هم "افارقة" ايران اليوم.. هي تمول وتدعم هؤلاء لكي يشاغبوا في منطقتنا لكي تبقى ايران ومدنها آمنة ..المدن والحواضر العربية تدمر واحدة بعد الاخرى تحت سجاد القنابل .. لكي تستمر طهران بخطاباتها الراديكالية في النهار وحفلات الحشيش والعربدة الجنسية في الليل.. جيل كيبل وهو باحث فرنسي بشؤون منطقتنا قضّى شبابه متنقلا بين القاهرة ودمشق وبيروت .. كيبل قال مؤخرا في لقاء تلفزيوني انه لم يشاهد في حياته حفلات "عربدة" كما شاهد مؤخرا في طهران.

 

 اكثر من أربعين عام خطابات اخلاقوية وفي نهاية المطاف طهران عاصمة للمخدرات والدعارة .. اكثر من أربعين عام والملالي يجبرون طلاب المدارس كل صباح على الصراخ بشعار الموت لإسرائيل والموت لأمريكا .. اما وان ساعة الجد قد حانت فانهم يلجئون لخطاب المنطق والعقلانية !! "طرزان" الإيراني بعبع امام دول الخليج .. ولكنه امام إسرائيل وامريكا مجرد وكالة انباء لإصدار بيانات الإدانة !!


 امام الجبان المسترجل على الضعيف، المثل الشعبي العراقي يقول ساخرا "ابويه ما يكدر بس على امي" !!