2024/02/13

متى يحرق الشيعة توراتهم

   

عندما ضربت ايران باكستان مؤخرا ببضعة صواريخ .. ردت باكستان بالمثل وضربت ايران بنفس العدد من الصواريخ .. ما قامت به باكستان هو ترجمة عملية لمعنى السيادة سياسيا ومعنى الردع عسكريا .. هكذا تتصرف الدول ذات السيادة .. اما عراق "السادة" فقد اصبح بلد بلا سيادة .. اصبح "مكْفَخَة" لإيران وامريكا .. اصبح "حايط نصيص" .. العراق  تحول الى مَكَبْ للقمامة ترمي فيه ايران وامريكا مخلفاتها السياسية .. ترمي فيه يران وامريكا خردتها العسكري

 

هذا هو مصير اشباه الدول  .. الدول التي لا تمتلك سيادة .. الدول الفاشلة ..الدول الضعيفة .. ففي بورصة العلاقات الدولية العملة المتداولة هي القوة .. ومن لا يمتلك هذا "العملة الصعبة" يتحول الى ساحة مفتوحة للقوي .. يتحول الى مستجدي للدعم الخارجي .. يتحول الى شحاذ لا يملك سوى لغة الدردمة (دردم يدردم دردمة)!! يتحول الى فؤاد حسين "وزير خارجية" شبه دولة العراق الذي صرح بعد الضربات الامريكية الأخيرة  "رفض حكومة بلاده مجدداً أن تكون أراضي العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة، مشدداً أن العراق ليس المكان المخصص لإرسال الرسائل واستعراض القوة بين المتخاصمين" 

 

 فؤاد حسين لا يجرؤ حتى على تسمية "الدول المتخاصمة" بأسمائها !! هو يستخدم لغة التلميح لانه وزير خارجية شبه دولة .. وانت اذا ما تمعنت في كلمات فؤاد حسين ..وتوقفت امام كلمة "مجددا".. ستعثر على معنى التكرار الممل للإدانات التي لا يصغي اليها احد !! ستعثر على الطابع "الأمم المتحدي" للإدانات التي لا يصغي اليها احد !! صعب جدا ان تكون وزير خارجية بلد بلا سيادة .. صعب جدا ان تكون وزير خارجية بلد تتحكم فيه مليشيات .. فالمليشيات هي نفي عملي لمفهوم الدولة وسيادة الدولة .. ومليشيات ايران في العراق هي اليوم من تحدد سؤال الحرب في العراق .. وهي بذلك تخطف اهم قرار سياسي مناط بالدولة .. ووزير خارجية "شبه دولة العراق" لم يفهم ذلك بعد ..فؤاد حسين لم يفهم بعد انه عمليا "وزير خارجية" مليشيات ايران في العراق .. هنا تكمن الكوميديا السوداء في موقف فؤاد حسين   

 

وهذا البُعْد المضحك المبكي نجده عند كل قرقوزات شبه دولة العراق الذين صدّقوا انهم اشخاص مهمين وقادة ووزراء .. فهم يمتلكون المناصب ولكنهم لا يمتلكون الشروط اللازمة لأداء مهام المنصب .. ولكي نستعير لغة المسرح .. نستطيع ان نقول ان هناك تفاوت سايكولوجي بين شخصياتهم الهزيلة وبين الأدوار السياسية المهمة المناطة بهم .. من صاحب مقولة "ما ننطيها" الذي تصدى لمسؤولية رئاسة الوزراء بعقلية لاعب "محيبس" .. الى مصطفى الكاظمي الذي شغل نفس المنصب لعدة سنوات وتبوء منصب مدير المخابرات لسنوات طويلة ولا زال يطرح باستهبال سؤال "لماذا لا نكون كغيرنا ممن يقدّم مصالح دولته على كل شيء

 

سؤال الكاظمي هذا ورد في مقال نشره في الأسبوع الماضي في صحيفة الشرق الأوسط .. عنوان المقال "ضرورة المصارحة لتحقيق مصالحة شاملة".. يمكن اختصار مقال الكاظمي ببضعه اسطر .. فهو يقر بـ "فشل العملية السياسية التي بُنيت بعد عام 2003". وهذا الفشل يخص "شكل النظام السياسي والاقتصادي والأمني بالدرجة الأولى، والعلاقة الجامعة بين المكوّنات والشرائح الاجتماعية بالدرجة الثانية" .. ثم يضيف لاحقا بضرورة  "فتح النقاشات الواسعة والصريحة أمام كل الملفات الشائكة" .. كل العبارات بين مزدوجتين هي كلمات الكاظمي حرفيا  

 

تنتهي من مقال الكاظمي ولا تجد لا صراحة ولا نقاش "ولا هم يحزنون" ..  مقال الكاظمي هو عبارة عن أسئلة مغرقة بالمجازية .. وأسلوب متخم بلغة "اياك اعني واسمعي يا جارة" الذي يميز ساسة ما بعد الاحتلال .. تَجول المقال باحثا عما يسميه الكاظمي بـ "الملفات الشائكة" ولا تجد اثرا لها .. ما هو سبب فشل العملية السياسية ؟؟ لا تعرف .. ما هي الحلول التي يقترحها ؟؟  لا تعرف .. واذا ما اضفت الى ذلك أسلوبه الحيص بيصي الذي ينتقل من "الديك الى الحمار " كما يقول التعبير الفرنسي .. عندها ستصل الى نهاية المقال وانت مُحَمّل بالقرف : افكار بلا ترابط .. مقال في قمة "الخربطة" الفكرية .. ومصطلحات اكبر من قدرة الكاظمي الفكرية .. من هنا فشل محاولته التحليلية .. باختصار .. الكاظمي كاتبا هو كالكاظمي سياسيا .. شخص يحاول تقمص دور اكبر منه ومن امكانياته الفكرية والسياسية .

 

 هل يعرف الكاظمي ماذا كان يفعل رعيل من شيعة العراق في نفس الوقت الذي كان يكتب فيه كلمات مقاله.. رعاع شيعة العراق كانوا يقومون بغزوة على قبر معاوية ابن ابي سفيان ابن حرب ابن امية  اثناء مرورهم بدمشق لإحياء ذكرى وفاة "السيدة" زينب!! غزوة بالأحذية على قبر شخص توفي قبل الف واربعمئة عام !! الكاظمي يطرح سؤال " لماذا لا نكون كغيرنا ممن يقدّم مصالح دولته على كل شيء".. بمعنى انه يطرح سؤال الشعور الوطني .. يطرح سؤال الوطنية في العراق .. في حين ان  نصف سكانه من الشيعة لازالوا يعيشون فكريا في غبار معركة صفين .. هذا هو السؤال الشائك الذي لا يطرحه أمثال الكاظمي بصراحة .. لان مثل هذه الصراحة تحتاج الى نخب وليس الى قرقوزات

  

باختصار .. ما لا يقوله القرقوزات من أمثال الكاظمي وفؤاد حسين .. هو ان هناك ملايين من الشيعة في العراق ممن يعتقدون انهم انه شيعة أولا وعراقيون ثانيا .. كما قالها ذات يوم نوري المالكي .. ما لا يقوله القرقوزات من أمثال الكاظمي وفؤاد حسين هو ان هذه الأولوية للهوية المذهبية .. هذه الهوية الشيعية العابرة للحدود هي التي مكنت ايران من تجنيد رعاع المليشيات وتحويل العراق الى ساحة لتصفية الحسابات .. وطالما ان هناك في العراق ممن يعتقد انه شيعي أولا وعراقي ثانيا .. طالما ان الملايين من شيعة العراق لازالوا يستنشقون غبار معارك الجمل .. فأن "حسين هذا الزمان" خامنئي لن يجد صعوبة في تجنيد رعاع الشيعة من اجل تحويل العراق الى "معسكر" تنطلق منه غزوات شيعية للإغارة على قبور بني امية وعلى "امارات وممالك" احفاد يزيد ابن معاوية !! وهذا الاسقاط الشيعي للماضي الشقاقي على الحاضر العراقي هو أساس المُشكل السياسي في العراق.. رفعت الأقلام وجفت الصحف  

  

في عام ١٩١١ كانت الدولة العثمانية تمر بأضعف فتراتها السياسية .. دول البلقان التي كانت تحت هيمنة الدولة العثمانية بدأت تتمرد وتحصل على استقلالها واحدة  تلو الأخرى .. آنذاك نشأ إحساس عميق داخل النخب السياسية التركية وخصوصا داخل جمعية الاتحاد والترقي بأن الدولة العثمانية في طريقها للتفتت .. في هذه الاثناء كان النقاش محموما داخل أروقة البرلمان .. حيث جرت مداولات خطابية في غاية الحدة تم خلالها التشكيك بولاء الأقليات ومنهم اليهود الاتراك الذين اُتِهُموا بمساعدة الحركة الصهيونية .. النائب اليهودي عن مدينة ازمير نسيم مازلياح القى خطابا في تلك الجلسة قال فيه " اذا كانت الصهيونية مهددة للدولة التركية عندها ساقف بلا تردد بجانب الدولة التركية .. واذا كان ولا بد من احراق التوراة من اجل خير الدولة التركية فسنقوم بذلك" .. فمتى سيحرق الشيعة "توراتهم" وخزعبلاتهم من اجل مصلحة العراق؟؟

2024/01/15

اقتصاد الدم الإيراني


القصف الأمريكي للحوثيين يعري من جديد شعار "وحدة الساحات".. بايدن قال انها رساله لإيران .. فماذا كان رد ايران على هذه الرسالة .. مجرد تصريح على لسان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ادان فيه الضربات الجوية الأمريكية على اليمن .. مضيفا أن الهجوم كشف عن “طبيعة أمريكا العدوانية"!! كشف طبيعة امريكا العدوانية !! يا الهي.. مذهل هذا الاكتشاف!! الادانات الإيرانية مؤخرا اصبحت مثل ادانات الأمين العام للأمم المتحدة في كل مرة تنفجر “قنينة غاز" في احدى مدن العالم !!

 

 قبل أسبوعين نفذت إسرائيل عملية اغتيال في عقر دار حزب الله قتلت خلالها صالح العاروري القيادي في حماس .. ماذا كان رد فعل ايران ؟؟ بيان ادانه اخر أصدره الحرس الثوري الإيراني محذرا حزب الله  من عدم الانجرار الى الفخ الإسرائيلي .. بيان الحرس الثوري الإيراني قال بالحرف ان اغتيال صالح العاروري هي محاولة إسرائيلية لدفع "المقاومة للوقوع في خطأ استراتيجي بالحسابات". وأن "الصبر الاستراتيجي للمقاومة لن يخرج عن إطار العقلانية والمنطق"

 

عندما انتقد مسؤول في دولة خليجية هجوم حماس لأنه أدى الى تدمير غزة بالكامل وتهجير اكثر مليوني فلسطيني .. راحت ابواق ايران تنعته بالعمالة والتخاذل.. اما عندما يحذر قائد الحرس الثوري الايراني حزب الله من الوقوع  في الفخ الإسرائيلي .. فانه يتحول الى عبقري استراتيجي !! السؤال الاهم هو لماذا ايران "عقلانية" عندما يكون مصير حزب الله على المحك .. ولكنها شعاراتية امام السلوك الانتحاري لحماس ؟؟ ايران التي مولت ودربت حماس .. الم يكن بمستطاعها ان تحذر حماس من الوقوع في الفخ الإسرائيلي كما تفعل مع حزب الله اليوم ؟؟ خصوصا وان حماس اضعف بكثير من حزب الله .. لماذا لم تطالبها بالصبر الاستراتيجي ؟؟ لماذا تركت حماس تذهب في مواجهة إسرائيل رغم انها تعلم ان هذا موقف انتحاري نظرا لميزان القوى الغير متكافئ .. لماذا "ضحكت" ايران على حماس بشعار "وحدة الساحات" وتركتها بعد ذلك تواجه عاصفة القنابل الاسرائيلية لوحدها ؟؟ 

 

هل الدم الشيعي اثمن من الدم السني ؟؟ انا شخصيا لا اعتقد ذلك.. شيعي سني زيدي.. سيان .. انت بيدق "قابل للاشتعال" حين تقتضي المصلحة الايرانية والتوقيت الإيراني .. ولكل "بيدق" يومه .. ايران تعرف تمام المعرفة ان دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل سيعني تدميره عسكريا .. بينما  الاستراتيجية الايرانية تريد ان تحتفظ به لمرحلة احرج "كعامل ردع" عندما يتطلب الامن القومي الإيراني ذلك.. حزب الله حصان ثمين لا تريد "حرقه" الان .. اما حماس فهي بيدق على رقعة الشطرنج الإيرانية  ضحت به من اجل إيقاف مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

 

في بداية الحرب العالمية الثانية وبعد ان اجتاح هتلر بولندا .. أعلنت فرنسا النفير العام وجندت الملايين من مواطنيها .. ولكن الجبهة الفرنسية الألمانية ظلت هادئة خلال اشهر.. في هذه الاشهر اصبح الاقتصاد الفرنسي شبه معطل .. لذلك طالبت الحكومة الفرنسية من وزارة الدفاع بوضع خطة عاجلة لتجنيد سبع فرق من الجنود الأفارقة من السنغال والجزائر والمغرب وبقية الدول الافريقية من اجل تسريح نفس العدد من الجنود الفرنسيين لخدمة عجلة الاقتصاد الفرنسي .. هذه الخطة سميت آنذاك بـ"اقتصاد الدم الفرنسي".

 

 ايران اليوم تعمل بسياسة اقتصاد الدم الإيراني .. الاقتصاد بالدم الإيراني .. ورعاع الشيعة من العرب والافغان هم "افارقة" ايران اليوم.. هي تمول وتدعم هؤلاء لكي يشاغبوا في منطقتنا لكي تبقى ايران ومدنها آمنة ..المدن والحواضر العربية تدمر واحدة بعد الاخرى تحت سجاد القنابل .. لكي تستمر طهران بخطاباتها الراديكالية في النهار وحفلات الحشيش والعربدة الجنسية في الليل.. جيل كيبل وهو باحث فرنسي بشؤون منطقتنا قضّى شبابه متنقلا بين القاهرة ودمشق وبيروت .. كيبل قال مؤخرا في لقاء تلفزيوني انه لم يشاهد في حياته حفلات "عربدة" كما شاهد مؤخرا في طهران.

 

 اكثر من أربعين عام خطابات اخلاقوية وفي نهاية المطاف طهران عاصمة للمخدرات والدعارة .. اكثر من أربعين عام والملالي يجبرون طلاب المدارس كل صباح على الصراخ بشعار الموت لإسرائيل والموت لأمريكا .. اما وان ساعة الجد قد حانت فانهم يلجئون لخطاب المنطق والعقلانية !! "طرزان" الإيراني بعبع امام دول الخليج .. ولكنه امام إسرائيل وامريكا مجرد وكالة انباء لإصدار بيانات الإدانة !!


 امام الجبان المسترجل على الضعيف، المثل الشعبي العراقي يقول ساخرا "ابويه ما يكدر بس على امي" !! 

 

2023/12/05

كرسي على طاولة المفاوضات الأمريكية ليس ثورة


في الأيام التي تلت هجوم حماس على إسرائيل نشر المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس مقال في هارتس يطالب فيه بقصف المفاعل النووي الايراني.. بيني موريس لمن لا يعرفه هو رائد الموجة الجديدة من المؤرخين الذي فككوا السردية الاسرائيلية التقليدية عن انشاء دولة اسرائيل وكشف زيف الكثير من الروايات الرسمية الإسرائيلية وهو محسوب على الاوساط الاسرائيلية المعتدلة وحُبس سابقا لرفضه الالتحاق بالجيش .. ان يدعو شخص مثل موريس لضرب ايران يعطينا فكرة عن الإجماع الذي ساد اسرائيل بخصوص ضرب ايران في الايام الاولى بعد هجوم  حماس.. ولكن الولايات المتحدة (التي هي على أبواب انتخابات رئاسية ومنهكة ماليا وعسكريا في الحرب الروسية الأوكرانية ) وضعت فيتو ضد رغبة اسرائيل لضرب إيران وفتح جبهة جديدة في "الشرق الاوسط".. من هنا مسارعة بايدن بنفيه وجود اية معلومات استخباراتية بضلوع إيران بهجوم حماس.


 وزير خارجية إيران وفي مقابلة مع صحيفة الفايننشال تايمز اعترف مؤخرا بأن الولايات المتحدة تواصلت مع إيران وتبادلت رسائل مؤخرا عن طريق فرع المصالح الأمريكية في السفارة السويسرية في طهران.. في هذه المقابلة نفى وزير الخارجية الايراني ان تكون أمريكا قد هددت بضرب إيران إذا ما شن حزب الله هجوم على اسرائيل .. ولكنه اضاف ان ايران تحاول السيطرة على حلفائها في جنوب لبنان والعراق واليمن لمنع توسع نطاق الحرب.


لا تحتاج أن تكون خبيرا في العلاقات الدولية لكي تفهم فحوى الرسالة الأمريكية التي تم ايصالها الى ايران ..إرسال حاملتي طائرات امريكية الى المنطقة هي ليست رسالة صداقة كما يعتقد وزير خارجية ايران!! ولا تحتاج بعد ذلك أن تكون خبيرا في الشؤون الايرانية لتفهم سلوك إيران بعد استلام الرسالة الأمريكية.. التصريحات الايرانية بدأ من ”المرشد الاعلى“ خامنئي وانتهاءا  بحسن نصر الله والتي نفت ضلوعهما في هجوم حماس كان جزءا من اتفاق التهدئة : أمريكا ستمنع إسرائيل من ضرب إيران مقابل عدم توسيع رقعة الحرب من قبل حزب الله.


 أمريكا تعرف تمام المعرفة ان ايران لا ولن تدخل في معركة مباشرة مع امريكا ولا حتى مع اسرائيل .. يوم أمس قتلت اسرائيل اثنين من أعضاء الحرس الثوري كانا يعملان مستشارين عسكريين في سوريا .. فماذا كان رد ايران ؟؟ مجرد تصريح من قبل المتحدث باسم الخارجية الايرانية ناصر كنعاني قال فيه إن «أي عمل ضد إيران من جانب الأعداء لن يبقى دون رد».. باختصار.. إيران لا تدخل الحرب الا اذا تمت مهاجمة أراضيها ..وهذا كان جواب إيران على الرسالة الأمريكية التحذيرية.. امن ايران القومي وليس القدس أو غزة هو الشيء الوحيد الذي سيدفع ايران للدخول في حرب.. وكل الشعارات الراديكالية الايرانية ما هي سوى علف صوتي للرعاع.


 يوم أمس استقبل خامنئي الرئيس الكوبي دياز كانيل الذي زار طهران بعد مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دبي .. أثناء هذا الاستقبال قال خامنئي إن ”الصدق الثوري والصمود الثوري والجدية الثورية هي من السمات المشتركة بين ثورتي كوبا وإيران“.. عبارة «الصدق الثوري» لها وقع تهريجي إذا ما تذكرنا رسالة ”التنازل الثوري“  التي أرسلها هذا الشيطان الاصغر الى ”الشيطان الأكبر“ في عام ٢٠٠٣.


  ففي عام ٢٠٠٣ وبعد أن احتلت الدبابات الامريكية بغداد أبرق السفير السويسري في طهران تيم كولديمان رسالة الى وزارة الخارجية الأمريكية .. وهذه الرسالة كانت عبارة عن ”خارطة طريق“ قرأها وصادق عليها خامنئي والرئيس خاتمي آنذاك .. أبدت فيها إيران استعدادها للاعتراف باسرائيل و التخلي عن دعم المنظمات الإرهابية الخ من التنازلات التي ترضي أمريكا بهدف إعادة العلاقات الامريكية الايرانية ورفع الحصار عنها.. هذه الرسالة ظلت طي الكتمان إلى أن تطرقت الواشنطن بوست لها عام ٢٠٠٧.. والسفير السويسري تطرق لاحقا لهذا العرض الإيراني في كتاب صدر هنا في سويسرا.. وخامنئي ما زال يتحدث عن «الصدق الثوري».


 كل شعارات ايران عن الموت لاسرائيل والموت لأمريكا ما هي سوى ”ضوضاء صوتية“ مخصصة للبيادق الرعاع  الذين تستخدمهم إيران على المحاور لمشاغبة حلفاء أمريكا في المنطقة (دول الخليج وإسرائيل) .. وسياسية المشاغبة هذه هدفها تحويل ايران الى عنصر إزعاج اقليمي من اجل الاعتراف بها ”كلاعب يجب أخذه بنظر الاعتبار“ كما يقول التعبير الشهير في "لعبة الأمم" .. كرسي على طاولة المفاوضات الامريكية هي كل ما تتمناه ايران.

 

لذلك عندما يتحدث خامنئي عن "الصدق الثوري" فهو يذكرنا بالرواية التي تروى عن الهيثم ابن عدي الكوفي .. أحد أوائل رواة الأخبار في التاريخ الإسلامي .. وهو راوِِ لا يثق المؤرخون الكبار برواياته .. جارية الهيثم ابن عدي تقول : ” كان مولاي  يقوم عامة الليل يصلي فإذا أصبح جلس يكذب“.


2023/11/03

طريق القدس لا يمر بغزة !!


قبل ايام صرح موسى ابو مرزوق احد قادات حماس مستغربا من غياب رد فعل  « محور المقاومة » ازاء المذابح التي تحصل في غزة.. هذا القيادي الذي صدق شعار «وحدة الساحات» الذي جعجت به أبواق وذيول  «محور المقاومة » طوال سنوات يكتشف اليوم حذر الساحات .. يكتشف اليوم فراغ الساحات.


موسى ابو مرزوق قال معاتبا "كنا ننتظر الكثير من حلفائنا في هذه المعركة ».. بمعنى ان هذا القيادي الحماسي يعتقد نفسه حليف .. ما لم يفهمه هذا القيادي الحماسي هو انه في علاقة زبائنية مع ايران .. والعلاقة الزبائنية هي علاقة هرمية وليست علاقة متعادلة الطرفين .. في العلاقة الزبائنية هناك داعم وهناك مدعوم .. والمدعوم ليس حليف وإنما زبون يستخدمه الداعم وفقا لمصالحه.. وعندما تتعارض مصالح الداعم مع مصالح الزبون .. سيتخلى الداعم عن المدعوم في اول مناسبة .. باختصار القيادي في حماس لم يفهم بعد انه بيدق في لعبة الشطرنج الايرانية .. والبيادق في لعبة الشطرنج الايرانية ما هي سوى قطع للمساومة يتم التضحية بها اذا ما اقتضت مصالح ايران العليا وأمنها القومي.


التاجر الايراني يعرف جيدا ان التحرش باسرائيل اليوم سيكون ثمنه باهظا.. لان اسرائيل وامريكا سيردون بضربة قاصمة ستدمر كل البنى التحتية الايرانية وكل قدراتها العسكرية والامنية .. وهذا سيؤدي الى فراغ امني داخل ايران سيتيح لكل الاقليات الاثنية والطائفية المهمشة في ايران باستغلال الفرصة والثورة على السلطة الايرانية المركزية .. وهذا ما حذر منه الاكاديمي الايراني يد الله كريمي بور الذي قال « أن انخراط إيران في معركة غزة قد يرفع احتمال نشوب احتجاجات داخلية وتحركات قومية وطائفية في بعض مناطق البلاد».. اضف الى ذلك ان ايران استلمت رسالة واضحة وعبر « مبعوثي الغرف المغلقة » مفادها ان إغضاب « ماما امريكا » سيعني نهاية المعادلة الشيعية في المنطقة والتي كرسها الاحتلال الامريكي للعراق.. سيعني بداية النهاية للهلال الشيعي الذي كان هدية امريكا لايران بعد احتلال العراق.. والتاجر الايراني لن يضحي بهذا المكسب الاستراتيجي من اجل غزة.. ولا حتى من اجل مليون غزة .. الدول ليست جمعيات خيرية لتوزيع الحامض حلو .. وهذا ما لم يفهمه القيادي في حماس.


اثناء الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمان سنوات ..انتقدت بعض الاصوات في العالم الاسلامي موقف ايران المعاند في استمرارية الحرب الاستنزافية للبلدين رغم ان العراق وافق على قرارات الامم المتحدة بوقف اطلاق النار.. حجة هذه الاصوات كانت تقول لماذا لا تكرس موارد البلدين لمحاربة اسرائيل بدل من حرب استنزافية .. ردا على هذه الاصوات رفع ملالي ايران آنذاك شعار  "طريق القدس يمر بكربلاء" .. القيادي في حماس سيكتشف اليوم ان طريق القدس الايراني لا يمر بغزة !! وسيكتشف بنفس الوقت المثل القائل ان الكلاب النباحة نادرا ما تعض !!