غوبلز وزير اعلام هتلر قال ذات "فاشية" : اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس .. ما لم يضعه غوبلز في الاعتبار هو العامل الزمني : الى متى الكذب؟ .. واذا اردنا الانصاف فالكل يكذب .. من ديمقراطية العم سام الى اوتوقراطية "الحاج حسنيين" .. ولكن للكذب تقاليد وطرق تمرير واساليب ولغة كودية دقيقة .. وهذا ما فات البيان الصادر عن مكتب "رئيس عرفاء" المنطقة الخضراء تعليقا على احداث كربلاء حين اعلن بأن "عصابات اجرامية مسلحة خارجة عن القانون ومن بقايا النظام الصدامي المقبور قامت باستهداف الزوار الذين حضروا الى مدينة كربلاء" .. أي شجاعة في الكذب.
لا ،لا ..المالكي ليس بهذا المستوى من الغباء .. هو يعرف جيدا انه ليس هناك من احد في الخارج يصدق كلمة مما يقول .. ولكنه ببيانه هذا يكذب على مريديه او ممن لا زالوا على "العهد الطائفي" الذي قتل العراق .. قد يقول قائل "هل لازال هناك في داخل القحط العراقي ممن يصدق كذب بهذا المستوى من الرداءة .. والجواب : نعم كثيرون .. وان كانوا اقل عددا وحجة بعد اربع سنوات ونصف من حكم الحثالات.
ما حدث في كربلاء بالامس ليس بالحدث العابر على الاقل من الناحية الرمزية .. صحيح ان مثل تلك الصدامات بين المليشيات تحدث كل يوم ومنذ فترة طويلة في كل محافظات الجنوب العراقي وخصوصا في البصرة .. ما يختلف في احداث الامس هو المكان والتوقيت .. يقال ان الاطار هو ما يعطي اللوحة قيمتها .. وفي السياسة غالبا ما يكون مكان وتوقيت حدث ما اهم رمزيا بكثير من الحدث ذاته .. من هنا اهمية " العراك" اما ضريح الحسين .. ومن هنا هرولة الكذبة المالكية وضحالتها.
اكثر ما يقوض اجندات رافعي "مصاحف الطائفية" هي مثل تلك المواجهات الشيعية الشيعية .. فما بالك بهذا التوقيت والمكان المفعم بالرمزية .. فمثل تلك المواجهات تفتت اهم ما في جعبتهم من برامج : عقلية الضحية المنتجة للضدية .. ضد من سترفع شعارات المظلومية بعد الان و"رعاة المظلومين" يرتدون لباس القتلة وينشرون الفوضى بين المسحوقين بعد ان كانوا يوزعون عليهم الهريسة فيما مضى .. ضد من ستقرع اجراس الحقد الطائفي ومن سيصغي اليها وابناء "بيوتات" الطائفة يرشقون اضرحة "آل البيت" بالرصاص ويقتلون زواره .. بالامس كان هذا الدور من نصيب صدام ، يزيد العصر الحديث في ثقافة اللطم .. عراك احفاد البيوتات الدينية من آل الحكيم و الصدر امام ضريح الحسين ساهم في رفع اخر اوراق التوت عن عوراتهم .. وهذا تقويض لكل ما شيده رافعي "مصاحف الطائفية" .. وهذا سبب الهرولة الاعلامية التي تستخدم الفزاعة الصدامية.
ولكن للكذب حدود .. واذا لم تراعى تلك القاعدة فأنه سينقلب على صاحبه .. وكل كذبة من نوع الكذب الذي يصدرعن مكتب "رئيس العرفاء" ستساهم في تقليص عدد المخدرين بعقار الطائفية الذي يقتل الجسد العراقي .. وبهذا المعنى فكل كذبة بهذا الحجم تصدر عن تلك الحثالات هي خدمة للعراق الغير طائفي .. هذا الكذب المحتقر لذكاء الناس سيساهم في وضعهم يوما بعد اخر في مصاف مستخدمي اللغة الخشبية التي خبرها العراقيون .. والفزاعة الصدامية قد تستخدم وتنجح لبعض الوقت ولكنها غير قابلة للاستخدام والنجاح طوال الوقت .. هذا ما لم يقله غوبلز.
يقال ان السيستاني قال قبل ايام قولة علي بن ابي طالب " لقد ملئتم قلبي قيحا " بحق الحثالات .. هذه هي ديمقراطية الفتوى .. جريمة قتل العراق يتم غسلها بمقولات تاريخية مجترة .. لقد ملئتم قلب العراق بسم الطائفية وليس فقط بقيح الحثالات .. هل من يُذكّر السيستاني بانه هو من اصر على اقامة الانتخابات في "مجتمع" تقوده حثالات .. هل من يقول لهذا "السيد" ان فتواه هي من ساهمت بصعود تلك الحثالات .. والاخطر من ذلك ان فتواه هي من اسست للطائفية الشمولية التي ستقتل العراق للعقود القادمة .. وهل من يقترب اخيرا من أذن "السيد" ليهمس له بأن مسؤوليته في كل ذلك كبيرة.