بعد الاحداث الاخيرة في البحرين نشر غالب حسن الشابندر مقال يقول فيه ما معناه انه ان الاوان لحل جذري لمشاكل الشيعة العرب في الخليج العربي.. من خلال اعطاء الشيعة في الخليج حقوقهم السياسية والاقتصادية والدينية.. وهو يقول لنا انه يجب معاملة الشيعة كمواطنين من الدرجة الاولى، وليس مواطنين على الهامش.
لم لا.. انا ايضا انادي بمعاملة الشيعة كمواطنين.. فقط كمواطنين.. ووفقا لمعيار المواطنة.. ولكن على الشيعة وخصوصا الكتاب الشيعة ان يفهموا ماذا يعني ذلك.. ويكفوا عن سلوكيات التطبيرالفكري.. فالمواطنة هي ان تكون عضوا داخل دولة تتبنى مشروعا قائما على مشتركات وطنية جامعة.. وليس على الروابط الاولية اثنية كانت ام مذهبية .. والمواطنة تتضمن حقوق وواجبات: منها مدنية (الحريات العامة) وسياسية (المشاركة في النشاط السياسي) واجتماعية اقتصادية (العمل والصحة والتقاعد الخ).. والكل متساويين بهذه الحقوق والواجبات امام قانون ومؤسسات تلك الدولة.. هذا باختصار شديد مفهوم المواطنة.
وعندما نلقي نظرة سريعة على اغلب الدول العربية.. سنجد ان مفهوم المواطنة هذا غائب تماما عن انظمتها السياسية.. والناس فيها لايحظون بحقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية.. وهناك في بعض هذه الدول من الفقر والفساد ما يجعل شيعة الخليج محظوظين نسبيا.. واغلب الناس في هذه الدول العربية هم من المذهب السني.. وكون الحاكم من نفس مذهبهم لم يجعلهم لا مواطنين درجة اولى ولا حتى مواطنين درجة عاشرة!! هل يجوز ان نتكلم عن مظلومية وحقوق سنية ؟؟ المصري او التونسي عندما نزلا للشوارع رفعا شعارات تنتمي لفضاء الفعل السياسي الحديث.. نادا بمطالب سياسية يتضمنها مفهوم المواطنة من حريات مدنية، وحريات سياسية و حقوق اجتماعية اقتصادية.. وداخل اطار دولتيهما.
السؤال الان هو: لماذا الشيعي البحريني عندما يتظاهر يعصب رأسه بشعار "يامهدي" ؟؟ ما علاقة المهدي بمشتركات المواطنة!! ولماذا الشيعي البحريني عندما يتظاهر يرفع صور ايات الله الايرانية.. فاطار المواطنة هي الارض والدولة التي يعيش فيهما.. ثم تعال ارجوك وقل لي: لماذا عندما تقمع الحكومة المصرية متظاهريها وتقتل المئات.. فهي حكومة سلطوية ؟؟ وحين تقمع الحكومة البحرينية متظاهريها وتقتل عشرة متظاهرين فقط فهي طائفية!! لماذا تثور ثائرة حسن نصرالله في الحالة البحرينية.. ويلوذ بالصمت في الحالة السورية.. رغم ان من سقطوا برصاص الحكومة السورية هم اكثر بكثير ممن سقطوا في برصاص الحكومة البحرينية ؟؟
بمعنى اخر.. اذا كان الشيعة يريدون ان تتم معاملتهم كمواطنين.. لماذا يحصرون الفعل السياسي داخل الاطار المذهبي وداخل التصورات المذهبية.. لماذا يطالبون بحقوق حصرية للشيعة.. ولماذا يقدمون مظالمهم وكأن اسبابها مذهبية.. فكل هذا هو خارج مفهوم المواطنة.. والشيعة اذ يقومون بذلك فهم من يرفض مبدأ المواطنة.. طرح الفعل السياسي داخل التصورات المذهبية هو قتل للمواطنة وللوطن.. وبهذا المعنى فان الطائفية هي اشكالية شيعية.
الاصرار على طرح المشكل السياسي من خلال الموشور المذهبي عبر مقولة المظلومية الشيعية الحصرية.. هو اصرار على عدم طرح الامور من خلال وسائل الفعل السياسي الحديث التي يتضمنها مفهوم المواطنة.. والشابندر لايفهم ذلك لانه لايفهم ماذا تعني المواطنة وما هي استحقاقتها.. وهذا الصنف من الكتاب الحكواتية ليس ظاهرة جديدة..ففي العقود الاخيرة شَغّل حكواتية من امثال الشابندر اسطوانة الحقوق الشيعية والمظلومية الشيعية في العراق.. كل ذلك على حساب المواطنة والوطن.. ونعرف اليوم الى اين قادتنا شخابيط هولاء الحكواتية.. واحد من هولاء هو حسن العلوي الذي اخذ يدعو مؤخرا الى الوطنية بعد ان شاهد مخلفات المظلومية التي دمرت العراق.. حسن العلوي بعثيا ثم شيعويا كان دائما في صفوف من دمروا العراق.. والعلوي اليوم يتكلم عن الوطنية والمواطنة.. ساقولها بلا مواربة.. اذا كان حسن العلوي يمثل الوطنية.. فـ تففففففففف على هكذا وطن وعلى هكذا وطنية.
باختصار.. الشابندر اليوم يستخدم نفس طرح العلوي سابقا ليحث الحكومات الخليجية على حل جذري لمشاكل الشيعة.. في حين ان هذا الطرح الطائفي هو المسؤول عن دمار العراق.. لذلك وبدل ان يعطي الشابندر نصائحه لحكومات الخليج عليه ان يوجه نظره صوب العراق..عله يفهم انه كـ طبيب يداوي الناس وهو عليل.. علّه يفهم ولو متأخرا انه من صنف "رجل الاطفاء المشعل للحرائق".