نصرالدين شاه هو احد ملوك ايران الصفوية.. في احدى زياراته لفرنسا بلغت ديونه في المواخير الباريسية حدا دفعه للتنازل لفرنسا عن حقوق التنقيب والاحتفاض بالقطع الاثرية التي يتم العثورعليها في جميع المواقع الاثرية الايرانية.. لكي يسدد ديونه ويعود لايران!! تاريخ ايران مليء بمثل هذا النمط من الملوك الذين كانوا من حين لاخر يفيقون من بين افخاذ الجواري ومؤخرات الغلمان طالبين زيارة العتبات "المقدسة" الشيعية والتقرب الى الائمة من خلال الاموال والهدايا التي كانت تُخْمَط من الفقراء.
في القرن التاسع عشر كانت هناك امارة شيعية قائمة في شمال الهند.. وكانت تحكمها سلالة مغولية مدعومة من قبل البريطانيين ..اغلبية سكان هذه الامارة كانوا من السنة ولكن السلالة المغولية التي كانت تحكمهم كانت شيعية.. امراء هذه الامارة كانوا يسحقون الفلاحين بضرائب مجحفة.. ويقرضون البريطانيين الملايين لمساعدتها في حربها الاستعمارية في جنوب شرق اسيا.. ويستلمون من ذلك فوائد مصرفية هائلة رغم انها تعتبر ربا ومحرمة اسلاميا.. ولكن رجال الدين الشيعة في العراق منحوهم فتاوي تحلل استثماراتهم المصرفية.. وهولاء الامراء الهنود كانوا ايضا يرسلون الاموال والهدايا لرجال الدين في النجف وكربلاء.
مقال الباحث خوان كول "المال الهندي والعتبات الشيعية في العراق" والمنشور في الـ" ميدل ايست جورنال" عام ١٩٨٦ يخبرنا عن تاريخ هذه الاموال الهندية.. والاهم هو انه يُبيّن لنا سلوكيات الفساد المالي التي كانت سائدة بين رجال الدين الشيعة.. وبالتحديد في النجف المرجع محمد حسن النجفي صاحب "جواهر الكلام" جد الشاعر الجواهري.. وفي كربلاء المرجع ابراهيم القزويني .
لقد ارسل الامراء الهنود وعبر وكلاء بريطانيين الملايين من الروبيات.. جزء منها لشق قناة الهندية (سُميت هندية لان المال هندي).. وجزء لتوزيعها على الفقراء وطلاب الحوزة ولترميم الاضرحة.. ولكن الامراء الهنود يكتشفون بعد سنين طويلة وعبر وكلاهم البريطانيين ان رجال الدين لايقدمون وصولات بما كانوا يستلمونه من لاموال الطائلة.. وان جزء يسير جدا منها يذهب للفقراء.. وان قناة الهندية اخذت من الاموال ما يكفي لشق عدة قنوات.. ودائما بلا ادنى وصولات او حتى اي تقرير مالي وهو ما كان يلح بطلبه النواب الهنود.. الادهى ان من بين الاتفاقات ان يتم ايواء الزوار الهنود في اماكن كان يجب بناءها لهم من هذه الاموال ولكن الامر لم يتم.
عندما نقرأ مقال خوان كول نجدنا مضطرين للقول ما اشبه اليوم بالبارحة.. ولكن ما هو اهم في مقال كول هو انه يمكننا من فهم الظروف التاريخية التي مهدت الى تحرر الكثير من الشيعة من سلطة رجال الدين.. كثيرون من شيوعيوا الجنوب كانوا من عوائل دينية شيعية.. شاهدوا رجال الدين عن قرب وعرفوا فسادهم.. فهجروهم الى "دين" اخر فاشل.. قصيدة الجواهري "الرجعيون" التي تصور فساد السراديب لم تأت من فراغ .. الجواهري ينتمي الى عائلة دينية لها تاريخ حافل بخمط اموال الفقراء.
قبل فترة قرأت تقريرا يقول ان ارتداء الناس لزي رجال الدين قد قَلَ كثيرا في النجف بعد ان شهد اقبالا واسعا في سنوات الاحتلال الاولى.. والسبب هو السمعة السيئة التي تشوب رجال الدين مع قدوم مليارات "الروبيات" الخضراء الامريكية.. غزارة الروبيات الامريكية جعل تصفية الحسابات بين ابناء البيوتات الشيعية على المكشوف مما افقدهم احترام الكثير من الشيعة.. سياسة الارض المحروقة البعثية جعلت من رجال الدين ملجأ للنفوس الهشة في عقود الفقر الاخيرة.. الروبيات والسلطة ستجعل منهم عاجلا ام اجلا مصدر للنفور.. فمجدا للروبيات الفاضحة لجشع قوادي الدين.