2012/05/31

الذاكرة الشيعية والتاريخ العراقي


 في العقود الاخيرة تفككت دول كثيرة بعد حروب اهلية مدمرة.. وهذه الظاهرة قد انتجت محكيات مختلفة ومتناقضة  فبركتها المجموعات المتصارعة .. لهذا السبب اصبح علماء التاريخ يميزون بين الذاكرة كمروية انتقائية لمجموعة ما.. وبين التاريخ كحاصل جمع للمرويات المتصارعة.. الذاكرة في هذا الاطار هي محكية انتقائية اما التاريخ فشامل.. الذاكرة تركز على جانب معين من حدث ما.. اما التاريخ فيتناوله من جميع الجوانب. 

ما يعاب على ذاكرة المجموعات هي انها ذاكرة انتقائية تركز فقط على ما حصل لها على يد خصومها.. اما ما ارتكبته هي او دورها قبل ان يحصل لها ما حصل فهي تتجاهله .. كما لو انها لم تكن فاعلا في ما جرى..  والدراسات التي تناولت الحرب الاهلية في يوغسلافيا السابقة قد بينت ان كثير من المجموعات التي قدمت نفسها عبر وسائل الاعلام كضحايا هم في الحقيقة لايقلون اجراما عن "جلاديهم".. باختصار خطر هذا النوع من الذاكرة الانتقائية هو انه ينتج افراد يعتقدون انهم ضحايا.. افراد يتجاهلون انهم قد ساهموا من خلال افعالهم في صناعة الحدث وبالنتائج التي افرزها.. بمعنى انهم يتجاهلون مسؤوليتهم في انتاج ما حصل لهم. 

المحكية الشيعية في العراق تنتمي الى هذا النوع من الذاكرة.. فهي ذاكرة غارقة في الانتقائية ومحكيتها هي خلطة لمبالغات وانصاف حقائق واكاذيب.. وهذه الطبيعة الانتقائية للذاكرة الشيعية يمكن اظهارها من خلال هذا المثال.. ففي عامي 1974 و1977 استخدم رجال الدين الشيعة مناسبة عاشوراء لاغراض سياسية حيث رفعوا شعارات معادية للسلطة.. ونتيجة لذلك قامت السلطة البعثية انذاك باستخدام القوة ضدهم. 

تعالوا الان لننتقل الى زمن اخر ودولة اخرى .. ولن نذهب بعيدا .. فايران الشيعية هي المكان .. والحدث لا يختلف في جوهره عن الحدث العراقي الذي جرى في السبعينات.. ففي مناسبة عاشورا التي جرت في عام ٢٠١٠ استخدمت المعارضة الايرانية الممثلة بـ كروبي وحسين موسوي مناسبة عاشوراء لاغراض سياسية ورفعوا شعارات معادية للسلطة الايرانية.. ونتيجة لذلك قامت السلطات الايرانية باستخدام القوة ضدهم. 

كما ترون فان رد فعل السلطة في الحالتين هو واحد.. السلطة الايرانية في ٢٠١٠ كما السلطة العراقية في السبعينات تحركتا امام خطر يهددهما .. ولا علاقة للمذهب او الطائفة في ذلك.. بمعنى ان منطق السلطة لا يفرق مذهبيا بين من يهدده.. ولكن الذاكرة الشيعية وبانتقائيتها المعهودة تقول لنا ان السلطة البعثية استخدمت القوة في السبعينات بدافع طائفي !! وهذه الانتقائية الشيعية نجدها في احداث كثيرة جرت في التاريخ العراقي المعاصر.. وخصوصا فيما يسمى بـ"الانتفاضة الشعبانية" .. حيث تم رفع شعار"ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري".. وهذا حتى قبل ان ترد السلطة عليهم .. ولكنهم في محكيتهم لما حدث يركزون فقط على طائفية السلطة.. كما لو ان رفع شعار"ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري" هو سلوك وطني !! 

 باختصار .. الذاكرة المأزومة شيء والتاريخ شيء اخر.. وبالتالي فأن الذاكرة الشيعية شيء والتاريخ العراقي المعاصر شيء مختلف تماما.

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف15 يونيو, 2012

    HREF="http://www.watan.com/news/politics/2012-06-12/10586">>
    المرجع الأعلى للطابور الخامس سرطان في جسد العراق
    </A
    http://www.watan.com/news/politics/2012-06-12/10586

    ردحذف
  2. غير معرف17 يونيو, 2012

    شكرًا للمعلق على هذا الرابط .
    ماذا يتوقع من هولاء الدجالين الايرانين غير العمالة و التامر ؟
    لقد عاثوا بالعراق اجراماً و فساداً و هو الان ملوث و لكن المشكة الصعبة ما هو الحل ؟
    من الواضح ان التركيبة السكانية للعراق الان معقدة جداً و غير متجانسة ثقافياً و اجتماعياً و فكرياً و دينياً مهما قشمرنا انفسنا و ما يفرقها اكثر عشرات المرات مما يجمعها .
    ايران تخطط منذ سنين طويلة لدين جديد و نجحت بأرينة لبنان من خلال الهجرة السرية و الدينية (يمكنك ملاحظة ذلك من الوجوه الخنزيرية من اشكال حسن نصر الله وووو غيرهم) .
    و كذلك في سوريا تم تجنيس الكثيريين منهمة.
    اما العراق فحدث و لا حرج و دخلوا في وفترات الحدود المفتوحة و عندما كان العراق بستان خير و رفاهية ، غيروا اسمائهم و ألقابهم و اصبحوا عشائر وووو الخ
    انظر للذين يحكمون حالياً !!!!
    الموضوع معقد جداً و هناك من يستفيد من هذا الوضع لمصلحته و خصوصاً القوى الكبرى .
    كيف يمكنك التعايش مع من يساق كالإبل فكرياً و عقائدياً حتى لو كان يحمل الدكتوراه من أرقى الجامعات او ملحدا فتفاجأ به يلطم مثله مثل اي أمي .
    الموضوع معقد جداً !!!!
    ما الحل إذن ؟
    الله اعلم و لكن التقسيم هو الحل الذي لا مفر منه .

    ردحذف