مناسبة مرور عشر سنوات على الغزو الامريكي للعراق حملت لنا هذا العام الكثير من المقالات.. يستوقفني مقال باتريك كوكبورن في صحيفة الاندبندنت وعنوانه " كيف تحولت بغداد الى مدينة للفساد".. كوكبورن زار العراق مؤخرا وهو يقول ان في بغداد اليوم حكومة "كليبتوقراطية".. لم افهم مفردة كليبتوقراطية.. بحثت عنها في القاموس الانكليزي ووجدت ما يلي :"الحكومة التي تستخدم السلطة من اجل سرقة موارد البلد".. "كليبتوقراطية" في اللغة اليونانية تعني حكم الحرامية.. حكومة الحرامية!! والصورة هنا نشرتها الاندبندنت مع مقال كوكبورن لاعطاء فكرة عن عراق حكومة الحرامية.
في الاسبوع الماضي شاهدت تقريرا عن العراق بثته احدى المحطات الفرنسية.. هذا التقرير ترك حيزا كبيرا للكاميرا لكي تصور شوارع بغداد.. شوارع بغداد بدون تعليق.. صور معممين بلحاهم القبيحة.. ماركات تجارية في قمة الابتذال.. جدران الفصل الطائفي.. بغداد مدينة للكونكريت.. عشر سنوات وليس هناك مَعْلم واحد جديد غير الكونكريت.. الكاميرا تستمر بالتصوير.. الكاميرا تقترب من ساحة الفردوس.. وهنا تظهر لافتة سوداء وعليها عبارة مكتوبة باللون الاصفر: "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن" !!
شعرت بسعادة وانا ارى هذا الشعار.. سعادة من يرى الواقع يعري الاسطورة.. عشر سنوات منهج حسيني والنتيجة هي حكومة حرامية..عشر سنوات ومنهج الحسين في الحكم وبميزانية تقارب ترليون دولار..اي ما يقارب حاصل جمع ميزانيات العراق خلال ثمانين عاما.. والنتيجة ان زخة مطر تُغرق "عاصمة الثقافة العربية"!! عشر سنوات من الفساد المالي والسياسي الذي يضع البلد اليوم على حافة الانهيار.. وكل ما تملكه حكومة الحرامية هو شعار "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن" !!
"الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن" ..مفارقة مضحكة مبكية.. ففي العراق اليوم ليس هناك مواطن وبالتالي ليس هناك وطن.. الاصل التاريخي لمصطلح المواطن مصدره القانون الروماني وهو يعني "الرجل الحر".. اما "الفرد" الذي بناه "منهجهم" خلال عشر سنوات والذي نراه اليوم امامنا فهو فرد يتحرك بفتوى.. ينكح بفتوى.. يتظاهر بفتوى.. ينتخب بفتوى.. لانهم علموه ان "المواطنة" هي طاعة السيد.. وطاعة السيد تعفيه من كل مسؤولية.. وهذه الفكرة الاتكالية في المذهب الشيعي هي من مخلفات فرقة الكيسانية التي تعتبر الدين مجرد طاعة الامام وان طاعة الناس للامام تُبطل التمسك بقواعد الاسلام كالصلاة والصوم الخ.. وهذا الاعتقاد الاتكالي ينتج "ايمان" شكلي لايكترث بجوهر المعتقد.. لا غرابة ان ترى اليوم "عبد السادة" يسرق ويذهب بعد ذلك للبكاء امام شباك الحسين نافحا السيد خُمس ما سرق ويخرج ضاحكا مرتاح الضمير.. كطفل نزل توا من ارجوحة.. انها ثقافة مفاتيح الجنة.. بالاحرى مراجيح الجنة.. حيث "المواطن" هو زعطوط ابدي.
ماكيافلي هو رائد الفكر السياسي الحديث لانه علّم اوربا درس الواقعية السياسية.. وفحواه انك اذا اردت ان تحكم على شخص حاملا شعار فلا تعر اهمية للشعار.. انظر الى رافع هذا الشعار.. شاهد كيف يتصرف في حياته اليومية.. انظر الى انجازاته ودعك من كل خطاباته الاخلاقوية الكاذبة.. من هنا فان "منهج الحسين" هو ليس مقولات مفبركة تتحدث عن الصدق والشجاعة و"هيهات منا الذلة" الى اخره من الاسطوانة الشيعية المشروخة.. الفكرة الكاذبة تقتل كما يقول البير كامو.. تريد ان تعرف ما هو منهج الحسين.. انظر لمن يدعي تطبيقه.. تريد ان تعرف نوعية المواطن الذي بناه "منهج الحسين".. شاهد كيف يتصرف "عبد الحسين" في حياته اليومية.. في معاملاته مع الناس.
قبل اربعة اشهر تقريبا وبالتحديد في نهاية شهر تشرين الثاني من عام ٢٠١٢.. قام مئات الشيعة باقتحام شركة بتروناس الماليزية النفطية العاملة في الناصرية وتخريبها.. هل تعرفون لماذا.. لان عمال مطعم الشركة علقوا بضعة بالونات في سقف قاعة المطعم خلال وجبة عشاء ذلك اليوم الذي صادف في عاشورا.. الشيعة الذين يعملون في الشركة نقلوا خبر البالونات الى سكان المنطقة المحيطة بالشركة وقالوا لهم ان الماليزيين يحتفلون بذكرى انتصار يزيد بن معاوية على الحسين في كربلاء!! تصورا .
هذا هو "المواطن" الذي بناه منهج الحسين.. بضعة نفاخات عُلقت سهوا في ذكرى وفاة "الامام" تجعله يقتحم شركة ويخربها ويهدد حياة العاملين فيها.. اما مليارات الدولارات التي تسرقها حكومة الحرامية فلا تحرك فيه شعره.. "المواطن" عبد الحسين يقطع مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام لزيارة قبر الحسين.. ولكنه لا يحرك ساكنا لرفع الازبال المتراكمة على مسافة بضعة امتار من بيته.. هذا هو الواقع.. ليس بالشعارات وحدها تُبنى الاوطان.. حقائق ماكيافلي تنتصر على خطابات نهج البلاغة الطوباوية.. "نفاخات" يزيد بن معاوية تنفجر بوجه الحرامية.. الحسين يُقتل من جديد!! ودائما بسبب زعاطيط السياسة!
هذا هو "المواطن" الذي بناه منهج الحسين.. بضعة نفاخات عُلقت سهوا في ذكرى وفاة "الامام" تجعله يقتحم شركة ويخربها ويهدد حياة العاملين فيها.. اما مليارات الدولارات التي تسرقها حكومة الحرامية فلا تحرك فيه شعره.. "المواطن" عبد الحسين يقطع مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام لزيارة قبر الحسين.. ولكنه لا يحرك ساكنا لرفع الازبال المتراكمة على مسافة بضعة امتار من بيته.. هذا هو الواقع.. ليس بالشعارات وحدها تُبنى الاوطان.. حقائق ماكيافلي تنتصر على خطابات نهج البلاغة الطوباوية.. "نفاخات" يزيد بن معاوية تنفجر بوجه الحرامية.. الحسين يُقتل من جديد!! ودائما بسبب زعاطيط السياسة!