شاهدت مؤخرا فيديو لِجنازة شاب قتلته المِليشيات الشيعية في جنوب العراق.. والد هذا الشاب المقتول القى خطبة امام المشاركين في هذه الجنازة وفيها وردت عبارة : « لا ابكي على ابني ولكن ابكي على هذا الوطن الذي راح .. جاؤونا بعباءة علي ابن ابي طالب وحكمونا حكم معاوية ».
سبعة عشر عاما من الاقتتال الطائفي تكفي حتى الحمار لِيفهم ان "الوطن الذي راح" راح بسبب متلازمة علي ومعاوية الشقاقية واسقاطاتها القرووسطوية !! سبعة عشر عاما من القتل والتهجير الطائفي تكفي حتى الحمار ليفهم ان متلازمة علي ومعاوية هي في صميم المنظومة "الفكرية" الضغائنية التي قتلت العراق.. سبعة عشر عاما من الفساد تكفي حتى الحمار ليفهم ان "الوطن الذي راح" راح بسبب ذيول "حسين هذا الزمان" وحرامية "مختار العصر".. راح بسبب هكذا خطابات مجترة لضغائن واحقاد القرون الوسطى.. ورغم كل ذلك تجد هذا الاب يدور في نفس "الابستيمة" الشيعية المغلقة.. في نفس المنظومة الفكرية الضغائنية التي قتلت وشردت الملايين.
نحن هنا في صميم "السوفت وير" الشيعي.. "سوفت وير" تمت برمجته قبل الف وثلاثمائة عام ولم يتم تحديثه منذ ذلك الوقت.. يفشل علي في اختبار السلطة قبل "الف واربعمئة عام".. معاوية هو السبب.. يفشل "خريجي" عباءة علي في اختبار السلطة في القرن الواحد والعشرين.. معاوية هو السبب.. معاوية في لغة "السوفت وير" الشيعي هو شماعة لـِ عباءة علي.. كيف حصل ان عباءة علي لا يخرج منها سوى سراق المال العام والسرسرية..كيف حصل ان "خريجي" عباءة علي انتجوا واحداً من افسد الانظمة السياسية على كوكب الارض..كيف حصل ان حفظة نهج البلاغة يزوجون متعة فتيات قاصرات بخمسمائة دولار امريكي في الشوارع الخلفية لضريح "الامام" في النجف..كيف حصل ان حفظة نهج البلاغة على هذا المستوى من الفساد الاخلاقي والسياسي؟؟؟ لسؤ حظ "الوطن الذي راح".. "السوفت وير" الشيعي لا يستطيع "معالجة" مثل هكذا اسئلة.. "السوفت وير" الشيعي يعمل بتطبيق واحد عتيق.. وهو "تطبيق" علي ومعاوية.. لا غرابة بعد ذلك ان كل ما في جعبة هذا الاب امام فساد الحاكم الجعفري هي لغة ومفردات أكل الدهر عليها وشرب.. لغة محملة بغبار واتربة معارك الجمل: "جاؤونا بعباءة علي ابن ابي طالب وحكمونا حكم معاوية".
جملة "جاؤونا بعباءة علي وحكمونا حكم معاوية » .. تحتاج الى اطروحة دكتوراه لاستنباط كل ما تتضمنه من بؤس اخلاقي وسياسي.. يكفيك هنا ان تتأمل الضمير المتصل "نا" في "جاؤونا" و"حكمونا".. ويكفيك بعد ذلك ان تستحضر ذهنيا الملايين من الاصابع البنفسجية التي كانت تمشي في الشوارع وتردد باستعراضية شقاوات شعار "منصورة يا شيعة حيدر"..عندها ستفهم مفارقة اختفاء هذه الملايين اليوم في حرفين فقط.. ملايين تختل بوجل في ضمير "نا" المتصل في "جاؤونا" و "حكمونا".. ملايين في "محل نصب" .."منصوب عليها".. "جاؤونا" و "حكمونا" و"قتلونا".. "واحنا ما ندري".. ملايين في موقع "المفعول به".. صيغة "المفعول به" هنا تحول الملايين الى كمية هلامية غير مسؤولة.. صيغة "المفعول به" هدفها تبرئة الملايين من الاصابع البنفسجية التي شاركت في جريمة انتخاب الحرامية الذين نهبوا ودمروا العراق .. وهذا الاب حتما كان من ضمن هذه الملايين.. وبدل ان يقر بمسؤوليته في جريمة السكر والعربدة الطائفية تحت تأثير "مخدرات" القرون الوسطى.. تراه يلجأ الى نفس "الكبسلة" القرووسطوية للتملص من المسؤولية: "جاؤونا بعباءة علي ابن ابي طالب وحكمونا حكم معاوية ».. بضعة فذلكات خطابية وعاشوا عيشة سعيدة.. شماعة معاوية ورمزيتها في السوفت وير الشيعي كفيلة بتحويل الملايين الى ضحايا.. تحويلهم الى زعاطيط ابرياء خدعتهم "سعلوة اموية".
من يقول لهذا الاب اللامسؤول بأن زمن البراءات الكاذبة هذا قد ولى.. من يقول له بأن عبارات "جاؤونا" و"حكمونا" و "سممونا" كانت مقبولة في الماضي حين كان الزعاطيط يجلسون على هامش التاريخ ويستمتعون بقصص "السعلوة الاموية" و"الامير العلوي" البريء.. من يقول له بأن عبارات "جاؤونا" و"حكمونا" و"قتلونا" كانت مقبولة حين كان الشيعي يستلقي في مرجوحة المعارضة ويجتر مقولات "عفطة العنز" و"المستضعفون في الارض" "والحاكم السني الجائر".. من يقول له بأن زمن الكسل الاخلاقي والسياسي هذا انتهى اليوم.. ومن يوقظه من سباته "رحمة لوالديكم" ويقول له بأن "علي" هو من "فاز" هذه المرة في انتخابات "صِفين".. وان "قوائم الامم المتحدة" تؤكد بما لا يقبل الشك بأن معاوية ابن ابي سفيان ابن حرب ابن امية لم يشارك في معركة "ذات الاصابع البنفسجية".. وبالتالي فهو غير مسؤول هذه المرة عن فشل وفساد الحاكم الجعفري خلال السبعة عشر عاما الماضية !!
آن الاوان لزعاطيط نهج البلاغة ان يكبروا قليلا ويفهموا ان السياسة ليست حفلة تنكرية يرتدون فيها عباءة علي في الانتخابات ويرمونها عند الفشل على شماعة معاوية.. آن الاوان للزعاطيط ليفهموا ان السياسة ليست لعبة "ختيلة".. سبعة عشر عاما من الفساد تكفي حتى الحمار ليفهم ان"عباءة علي" ليست برنامجاً سياسياً لبناء وطن ومستشفيات وشوارع خالية من "القاذورات" والسرسرية.. سبعة عشر عاما من الفساد تكفي حتى الحمار ليفهم بأن "نهج البلاغة" هو مجرد "كلام معسول لا يطهو الجزر الابيض" كما يقول المثل الانكليزي.. سبعة عشر عاما من العهر الطائفي تكفي حتى الحمار لِيفهم ان "الوطن الذي راح" راح بسبب "متلازمة" علي ومعاوية الباثولوجية.. و"الوطن الذي راح" لن يعود ما لم تغادروا قوافل القرون الوسطى و تتركوا "الكلاب النائمة" ترقد بسلام.