Truth cease to have the effect of truth by being exaggerated into falsehood. J.S. Mill
باسمة الحيدري هي امرأة شيعية عينها مكتب المالكي لتدير لجنة مراقبة تقرر من يحق له الالتحاق بالاجهزة الامنية.. ويبدو ان حماسة باسمة الحيدري في "الفرز" الطائفي قد ازعجت الجنرال ديفيد فيليبس المسؤول الأميركي عن الشرطة العراقية.. فهو يروي للصحيفة الامريكية بأن ضابط شيعي كبير في الجيش العراقي هو (عدنان ثابت) كان قد أرسل قائمة بمجندين للجيش كان 45 بالمئة منهن سنة.. وما أنْ وصلت القائمة الى باسمة الحيدري حتى اسقطت منها كل الأسماء السنية.. لا بل انها ازاحت الضابط الشيعي عدنان ثابت عن منصبه لنفس السبب.. والجنرال فيليبس يعتقد ان امثال الحيدري يقفون عائق امام المصالحة.. و"المصالحة" ضرورة مرحلية للادارة الامريكية قبل الانتخابات المقبلة.. ليس غريبا فكل مراحل العملية السياسية الميتة سريريا كانت رهينة للاجندة السياسية الداخلية الامريكية.
مسار باسمة الحيدري مهم.. ليس لانها امرأة تتولى مركز حساس كما يحاول ان يقول الصحفي الامريكي.. فهذا الصحفي لا يعرف ان تاريخ اول وزيرة في العراق يعود الى نهاية الخمسينات في القرن الماضي.. وكونها متخصصة بالصواريخ ليس جديد ايضا.. الكفاءات النسائية في العراق كثيرة ومشهود لها.. اهمية حكاية سيدة الصورايخ تكمن في ماضيها الوظيفي والسياسي.. وهي تعطينا فكرة عن هذا النوع من البشر الذين يمتلكون قابلية تغير جلدتهم بين ليلة وضحاها عندما تهب رياح التغير.. فِهم المفاصل مهم لفهم كيف تعمل العجلة التي تدوس العراق اليوم.
فالانسة باسمة الحيدري كانت مسؤولة رفيعة في جهاز التصنيع العسكري وعضوة في حزب البعث.. واندماجها في عجلة الدوس الجديدة وبهذا الموقع المفصلي يدل على ان البعثي مغضوب عليه ليس لانه بعثي.. ولكن لانه سني.. كان البعث يقول العراقي بعثي وان لم ينتمي.. نستطيع ان نقول من مثال الحيدري ان الشيعي شيعي وان لم ينتمي.. يقال ايضا ان اسم الأنسة السابق هو باسمة الساعدي كما يروي العارفون بالمستور السابق.. ولا يحتاج المرء لفطنة كبيرة ليرى الانتهازية في استخدام الانسة لِلقبها الطائفي اليوم بعد ان استخدمت اللقب العشائري سابقا.. المتحول الى "دين" جديد يبدي في العادة حماسة اكبر في معتقداته الجديدة من السابقيين له في الاعتقاد.. لكي يؤمن اندماجة داخل المجموعة الجديدة.. وهذه البعثية السابقة تظهر اليوم ساديتها في الفرز الطائفي لكي يرضى عنها سادتها الجدد ولا يشككوا في ولائها..لا جديد.. هي حتما قد "كسرت" الكثير من رقاب الابرياء ايام "النضال السلبي".. وهي اليوم لا تفعل الا ما كانت تجيده سابقا تحت شعارات مختلفة.. وافترض لو ان الحزب الشيوعي جاء للحكم بعد غد سنراها تهتف بحياة ماركس و تردد "فلتسقط العمامة والرجعية".
ولكن الاهم في حكاية سيدة الصواريخ في نظري يكمن في نقطة اخرى.. فهي ورغم انها كانت من محتلي المناصب الرفيعة في النظام السابق نراها تجتهد في بناء تاريخ معاناة.. في تشييد مظلومية شخصية لكي تتماشى مع السائد الكليشاتي اليوم: انت شيعي اذا انت مظلوم.. وخصوصا وانت امام صحفي امريكي جاءت جيوشه لتحرير المظلومين.. وحتما هي تمتلك من الخبرة "الحركية" ما يكفي لتعرف ان سادتها في المكتب المالكي سينزعجون اذا هي لم تضع "بهارات وفلفل اسود" على مسار حياتها المثير للشبهات.. وهنا تبدأ حكاية سيدة الصواريخ.. ومعها تسافر "الحقيقة" الى حدود الابتذال.
الحقيقة تكف عن اداء فعاليتها كحقيقة عندما تبتذلها المبالغات.. جملة ستيوارت ميل رائعة.. نستطيع ان نقول ايضا ان المبالغات قد تجر الحقيقة الى حدود الكذب.. واقصر الطرق الى ابتذال الحقائق هو الاستخدام السياسي لها.. والاستخدام السياسي للماضي العراقي اليوم يدخل في هذا الاطار.. فـ"المظلومية" كوسيلة لاستخدام الماضي من اجل استغلال الحاضر قد تحولت الى "جاموسة مقدسة" تدر منافع سياسية واقتصادية.. والمجال مفتوح لمن تأخروا على مواكب اللطم السياسي.. و"مكابدات" الانسة باسمة الحيدري التي كتبت عنها صحيفة الـ "يو اس اي تودي" مثال صارخ للاستخدام النفعي للمظلومية.
باسمة الحيدري هي امرأة شيعية عينها مكتب المالكي لتدير لجنة مراقبة تقرر من يحق له الالتحاق بالاجهزة الامنية.. ويبدو ان حماسة باسمة الحيدري في "الفرز" الطائفي قد ازعجت الجنرال ديفيد فيليبس المسؤول الأميركي عن الشرطة العراقية.. فهو يروي للصحيفة الامريكية بأن ضابط شيعي كبير في الجيش العراقي هو (عدنان ثابت) كان قد أرسل قائمة بمجندين للجيش كان 45 بالمئة منهن سنة.. وما أنْ وصلت القائمة الى باسمة الحيدري حتى اسقطت منها كل الأسماء السنية.. لا بل انها ازاحت الضابط الشيعي عدنان ثابت عن منصبه لنفس السبب.. والجنرال فيليبس يعتقد ان امثال الحيدري يقفون عائق امام المصالحة.. و"المصالحة" ضرورة مرحلية للادارة الامريكية قبل الانتخابات المقبلة.. ليس غريبا فكل مراحل العملية السياسية الميتة سريريا كانت رهينة للاجندة السياسية الداخلية الامريكية.
مسار باسمة الحيدري مهم.. ليس لانها امرأة تتولى مركز حساس كما يحاول ان يقول الصحفي الامريكي.. فهذا الصحفي لا يعرف ان تاريخ اول وزيرة في العراق يعود الى نهاية الخمسينات في القرن الماضي.. وكونها متخصصة بالصواريخ ليس جديد ايضا.. الكفاءات النسائية في العراق كثيرة ومشهود لها.. اهمية حكاية سيدة الصورايخ تكمن في ماضيها الوظيفي والسياسي.. وهي تعطينا فكرة عن هذا النوع من البشر الذين يمتلكون قابلية تغير جلدتهم بين ليلة وضحاها عندما تهب رياح التغير.. فِهم المفاصل مهم لفهم كيف تعمل العجلة التي تدوس العراق اليوم.
فالانسة باسمة الحيدري كانت مسؤولة رفيعة في جهاز التصنيع العسكري وعضوة في حزب البعث.. واندماجها في عجلة الدوس الجديدة وبهذا الموقع المفصلي يدل على ان البعثي مغضوب عليه ليس لانه بعثي.. ولكن لانه سني.. كان البعث يقول العراقي بعثي وان لم ينتمي.. نستطيع ان نقول من مثال الحيدري ان الشيعي شيعي وان لم ينتمي.. يقال ايضا ان اسم الأنسة السابق هو باسمة الساعدي كما يروي العارفون بالمستور السابق.. ولا يحتاج المرء لفطنة كبيرة ليرى الانتهازية في استخدام الانسة لِلقبها الطائفي اليوم بعد ان استخدمت اللقب العشائري سابقا.. المتحول الى "دين" جديد يبدي في العادة حماسة اكبر في معتقداته الجديدة من السابقيين له في الاعتقاد.. لكي يؤمن اندماجة داخل المجموعة الجديدة.. وهذه البعثية السابقة تظهر اليوم ساديتها في الفرز الطائفي لكي يرضى عنها سادتها الجدد ولا يشككوا في ولائها..لا جديد.. هي حتما قد "كسرت" الكثير من رقاب الابرياء ايام "النضال السلبي".. وهي اليوم لا تفعل الا ما كانت تجيده سابقا تحت شعارات مختلفة.. وافترض لو ان الحزب الشيوعي جاء للحكم بعد غد سنراها تهتف بحياة ماركس و تردد "فلتسقط العمامة والرجعية".
ولكن الاهم في حكاية سيدة الصواريخ في نظري يكمن في نقطة اخرى.. فهي ورغم انها كانت من محتلي المناصب الرفيعة في النظام السابق نراها تجتهد في بناء تاريخ معاناة.. في تشييد مظلومية شخصية لكي تتماشى مع السائد الكليشاتي اليوم: انت شيعي اذا انت مظلوم.. وخصوصا وانت امام صحفي امريكي جاءت جيوشه لتحرير المظلومين.. وحتما هي تمتلك من الخبرة "الحركية" ما يكفي لتعرف ان سادتها في المكتب المالكي سينزعجون اذا هي لم تضع "بهارات وفلفل اسود" على مسار حياتها المثير للشبهات.. وهنا تبدأ حكاية سيدة الصواريخ.. ومعها تسافر "الحقيقة" الى حدود الابتذال.
سيدة الصواريخ تحكي اولا عن معاناتها في مجتمع ذكوري.. يصفق الصحفي الامريكي.. هذة ثيمة تعجب القارىء الغربي.. ولكن هذا وان بدأ واقعيا في مجتمعنا الذكوري من الناحية الاجتماعية فهو غير كافي لتشييد مظلومية مهنية نظرا لان ذلك لم يمنعها من الحصول على مناصب رفيعة اداريا وفي العهدين.. وهنا تتفتق عقلية الانسة عن مظلومية طائفية.. فيصفق الصحفي الامريكي من جديد.. الصحفي الامريكي بحاجة ماسة الى صدام سفاح طائفي في مقاله.. ولكن سرعان ما يخيب ظنه حين يعرف ان صدام لم يقتل عائلة هذه المظلومة: عم وعمة الانسة قتلا دهسا في حادثة جسر الائمة.. ولكن مخيلة سيدة الصواريخ غنية فتقوم بتحميل الارهاب مسؤولية الحادثة الذي راح ضحيته الف "مظلوم" شيعي !! الصحفي يعرف ان سبب الحادثة هو سبب تنظيمي مضاف اليه اشاعة اطلقها شيعي من داخل موكب العزاء.. ولكن الصحفي لا يملك خيار اخر.. بما ان ظلم صدام غير موجود هنا فلابد من ارهاب القاعدة.. القارىء الامريكي سيقوم بافلوفيا بالربط الوهمي بين صدام والقاعدة.
وتستمر الحكاية.. سيدة الصواريخ لم يكن عندها حتى كرسي في مكتبها ايام عملها في النظام السابق.. تصورا هي المسؤولة الرفيعة في التصنيع العسكري!! في العامية العراقية هناك تعبير رائع يطلق على من يذهب في مبالغاته الى حدود اللامعقول فتقول عنه انه "يطيّر فيالة".. أي انه يجعل الفيلة تحلق.. وحكاية الكرسي هي "فيل" خرافي يصعد للسماء تطلقه سيدة الصواريخ.. لا بأس الصحفي بحاجة الى دراما.. و تستمر العذابات ونكتشف في نهاية درب الآلام ان مظلومية سيدة الصواريخ تكمن في كونها لم تعمل في مجال اختصاصها انذاك لانها شيعية في دولة سنية.. ولكنها حتى هنا غير واضحة.. هل كان ذلك بسبب كونها امراة كما قال لها الذكور من حولها.. ام لانها عالمة شيعية اقصتها عدم الثقة السنية.. الاجابة غير قاطعة وهي تقبل الاحتمالين ..الوضوح غير ضروري عندما يتعلق الامر بالنظام السابق.. كل حكاية "ملفلفة" تقبل التصديق.. اطار الكليشات السائد اليوم كفيل بمنحها معنى.
ترى الم يكن بإمكان الحكومة "السنية" الظالمة "اجتثاث" امرأة شيعية بدل من وضعها في منصب اداري رفيع في التصنيع العسكري خصوصا اذا علمنا ان كل زاوية ومفصل في التصنيع العسكري له حساسية امنية وخصوصا المواقع الادارية.. الصحفي يعرف ان علماء شيعة عملوا في المشروع النووي العراقي وهو اكثر حساسية.. ولكن الصحفي يغض النظر عن "فيلة" سيدة الصواريخ.. القارئ الامريكي يحتاج الى قصص معذبين ومظلومين ليستمر افتراضيا في لعب دور المحرر والمنقذ.. واسئلة ساذجة من نوع : ترى كم امراة سنية لم تعمل في مجال اختصاصها انذاك.. وكم امراة سنية عانت من ذكورية مجتمعنا العشائري.. ليست مهمة في مهنة "عدم" البحث عن المتاعب.
كنت اتمنى ان املك سلطة لكي اُمكن سيدة الصواريخ من العمل في مجال اختصاصها.. تصورا تلك القابلية على اطلاق الفيلة للفضاء والتي عُطلت طائفيا.. اي خسارة وهدر للطاقات.. تصورا تلك "السيدة " تمارس مجال اختصاصها وتحرر طاقاتها الابداعية.. يا الهي.. اتصور سماء بغداد.. صواريخ.. وفيلة.. وحمير ملونة!! يا خسارات العراق ..امام هكذا نماذج لانملك الا ان نعترف بأن الدولة "السنية" كانت مذنبة.. مذنبة اولا عندما أصرت على فتح مدارس للبنات رغم معارضة رجال الدين الشيعة.. ومذنبة ثانيا لانها لم تستمع لتظلمات وظلمات رجال الدين الشيعة الذين نظموا المظاهرات والاحتجاجات وعطلوا الاسواق والحوانيت ضد محاولة الحكومة "السنية" فتح اول مدرسة للبنات في النجف عام 1928 كما يروي عبد الرزاق الهلالي (تاريخ التعليم في العراق. ص. 120 ).. ومذنبة اخيرا لان عالمة الصواريخ التي ربّت وعلّمت ودرّبت ليست امينة لعذابات "حبوباتها" واجدادها في العمارة حين كانت سياط الاقطاع المتحالف مع جهل العمامة تلسع ظهورهم و"تخمس" من نزر ارزاقهم.
رائع ومتميز وواقعي انت كالعاده ياسيدي
ردحذفبوركت وعسى ان يجيي ندائك ميتا في العراق ولكن لاحياة لمن تنادي
بغدادي في عمان