في الغارديان تحقيق مصور عن مشروع "تجميل" جدران الكونكريت الامريكية التي قتلت المدينة العراقية .. نستطيع ان نقول : "ومن اللون ما قتل" !! من شدة القبح طبعا .. الانحدار اللوني في عصر العمامة مخيف .. ارسم لي، اقل لك من انت !! قبح اللون هنا هو من قبح الكونكريت .. قبح الألوان الممولة من قبل المحتل هو من قبح الاحتلال .. إحدى الأبواق الإعلامية الممولة من قبل رأس المال القريب جدا من المخابرات الأمريكية تصف في عددها الاخير تلك الجدران بـ "الأصفاد الملونة" .. قبح اللون يزداد مع قبح تلك الكلمات .
في كتابه "أساطير" يقول رولان بارث عن اللغة الإيديولوجية بأنها لغة "لا تلغي الأشياء، لا بل على العكس فوظيفتها هي التطرق لتلك الأشياء ولكن على طريقتها .. من خلال تشذيب هذه الأشياء .. تبرئتها" .. بمعنى وضعها في إطار لغوي أخر من اجل إعطاءها معنى أخر يحجب معناها الأصلي .. ولغة الصحافة المرتزقة كما الألوان المرتزقة تفعل نفس الشيء هنا .. لأنها "لغة" ايديولوجية .
فكما ان الاحتلال ضمن هذة "اللغة" يصبح "تحرير" .. فان جدران الفصل الطائفي الكونكريتية تسمى "اصفاد ملونة" .. صفة "الملونة" تقوم هنا بتشذيب المعنى الاصلي القبيح لكونكريت المحتل .. انها محاولة تبرئة لجريمة الجدار بحق المدينة والمجتمع .. والألوان المغطية لقبح الكونكريت تقوم بنفس الوظيفة .. اللون يحاول طمس حقيقة الجدار .. اخفاء غايته العملية في ترسانة المحتل .. فالجدار العازل سلاح في ترسانة المحتل .. من هنا فان اللون "الملطوش" على الكونكريت المحتل للمدينة يقوم بالتعتيم على البعد "السياسي" في كونكريت المحتل .. فمن خصائص اللغة الايديولوجية هو ازالتها للبعد السياسي للاشياء .. ليس غريبا اذا ان تقرأ ان من ضمن الشروط التي وضعها الأمريكي "للملوّنين المرتزقة" هو عدم التطرق لمواضيع سياسية في رسومهم كما تقول الغارديان .
عندما تحاول الألوان اخفاء قبح الكونكريت القاتل للمدينة .. فهي تساهم بقتل المدينة من جديد ومن حيث تعتقد انها تجملها .. لان مشروع تلوين كونكريت الاحتلال هو مساهمة في تكريس جدران الاحتلال .. وبالنهاية هي تكريس للاحتلال من خلال تجميل وسائل احتلاله .. أي جعلها مقبولة في عيون الناس .. والامريكي عندما يقوم بتمويل "مشروع الوهم اللوني" فهو يعرف ماذا يفعل .. للفرشاة والبندقية فوهة واحدة !! فوهة امريكية طبعا !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق