يبدو ان الشتاء قارص جدا في عراق الاحتلال .. من هنا شعار "خذ بطانية وامنحني صوتك" .. ويبدو ان مبدأ الديمقراطية الاهم : " وان فويس، وان فوت" قد تم تحويره الى : "صوت واحد .. بطانية واحدة" .. فالاخبار القادمة من ديمقراطية البطانيات تحكي قصص مضحكة مبكية .. ومن بين قصص البطانيات الكثيرة تستوقفني حكاية "البطانية والملا" : يقال ان احدى القوائم في الناصرية قدمت بطانيات لعائلة فقيرة مقابل منح اصواتها ولكن العائلة "استفسرت عن جواز ذلك من احد رجال الدين الذي اجابهم : طالما انكم عائلة فقيرة فبامكانكم قبول هذه الهدايا لكن ليس على حساب اصواتكم التي يفترض ان تمنحوها وفق قناعتكم" .
لنلاحظ اولا كيف تحولت البطانيات التي تعتبر رشوة في العرف القانوني الى "هدايا" في لغة رجل الدين الشيعي .. ثانيا، الفقر لا يشكل عذرا لكي تقبل باسمه رشوة .. فقبول الفقير برشوة هولاء اللصوص هو مساهمة غير مباشرة في ادامة فقر الفقراء .. فمليارات الدولارات التي كانت كفيلة بإزالة فقر الفقراء نهبها امثال هولاء الساسة المرتشين والراشين .. وقبول "هداياهم" هو مساهمة غير مباشرة في استمرار سلوكيات نهبهم للمال العام .. وهنا اكثر من أي مكان اخر تصح مقولة "الضحية يتحمل جزء من المسؤولية في وضعه كضحية" .. بتعبير اخر، عندما يقبل الفقير "هدايا" اللصوص فهو يساهم في ادامة وضعه كفقير.. انه منطق المسؤولية .. وبلا حس مسؤولية ومواطن مسؤول لن يكون هناك عدالة تنصف الفقراء ولا وطن يحميهم .
على النقيض من منطق المسؤولية هذا الذي هو عماد الحداثة السياسية، يقف "منطق" رجل الدين الفهلوي : لكم ان تأخذوا بطانيات القائمة ولكن لا تصوتوا لهم !! بمعنى اخر : لكم ان تأخذوا الرشوة ولكن لا تصوتوا للراشي .. وعاشوا عيشة سعيدة !! لا يحتاج المرء الى معرفة كبيرة لكي يفهم ان منطق رجل الدين الشيعي هنا قائم على مفهوم "خمطي" يتناقض تماما مع الصالح العام .. وهو نفس المفهوم الذي تم بموجبة "حسم" ونهب مؤسسات العراق ايام الفرهود التاريخي .. فقط عندما نفهم هذا المنطق الخمطي المهادن لسلوكية الرشاوى نفهم عندها اين ذهبت المليارات المسروقة .. فبمثل هذه "الاخلاقيات" الخمطية ارادوا حكم العراق .. هل نستغرب بعد ذلك ان يتصدر عراق "عمامة بلا حدود" قائمة البلدان الاكثر فسادا في العالم !!
وكما ان حكاية "البطانية والملا" تطرح اسئلة عن قيمة " دين" يحث المواطن على قبول رشوة .. فانها تطرح اسئلة اخرى عن استحقاقات وشروط الديمقراطية .. فما قيمة الديمقراطية كممارسة حين يغش المرشح ؟ وحين يقبل "المواطن" بالبطانيات الرشوة ؟ وحين يحلل "قواد الدين" الرشوة ؟ والسؤال الاهم الذي ينخر رأسي هو : ماذا تعني ديمقراطية يذهب فيها "مواطن" الى رجل دين لكي يعرف ما اذا كان سلوك مرشح فاسد حرام ام حلال؟؟ معقول !! معقول ان الجهل قد وصل الى هذا الحد !!
الناس في الديمقراطيات ينتخبون اشخاص يعتقدون انهم قادرين على تحسين حياتهم وضمان مستقبل اطفالهم .. ينتخبون اشخاص يعتقدون انهم قادرين على بناء مدارس ومستشفيات وطرق الخ .. اما في الديمقراطيات المحمولة جوا فان "عبيد السادة" تكفيهم بطانية و"تشغلهم" عن المصلحة العامة بطانية .. لذلك تراهم ينتهزون مناسبة الانتخاب لكي يطرحوا سؤالهم الوجودي الاوحد : هل البطانية الرشوة حلال ام حرام !!
وكما ان حكاية "البطانية والملا" تطرح اسئلة عن قيمة " دين" يحث المواطن على قبول رشوة .. فانها تطرح اسئلة اخرى عن استحقاقات وشروط الديمقراطية .. فما قيمة الديمقراطية كممارسة حين يغش المرشح ؟ وحين يقبل "المواطن" بالبطانيات الرشوة ؟ وحين يحلل "قواد الدين" الرشوة ؟ والسؤال الاهم الذي ينخر رأسي هو : ماذا تعني ديمقراطية يذهب فيها "مواطن" الى رجل دين لكي يعرف ما اذا كان سلوك مرشح فاسد حرام ام حلال؟؟ معقول !! معقول ان الجهل قد وصل الى هذا الحد !!
الناس في الديمقراطيات ينتخبون اشخاص يعتقدون انهم قادرين على تحسين حياتهم وضمان مستقبل اطفالهم .. ينتخبون اشخاص يعتقدون انهم قادرين على بناء مدارس ومستشفيات وطرق الخ .. اما في الديمقراطيات المحمولة جوا فان "عبيد السادة" تكفيهم بطانية و"تشغلهم" عن المصلحة العامة بطانية .. لذلك تراهم ينتهزون مناسبة الانتخاب لكي يطرحوا سؤالهم الوجودي الاوحد : هل البطانية الرشوة حلال ام حرام !!
يبدو ان ارسطو على حق : "بعض الناس ولدوا لكي يعيشوا عبيد" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق