2009/02/28

كل شيء هادئ على الجبهة الشعرية


مقالة الواشنطن بوست التي نشرت قبل يومين والتي تتطرق لما يجري في حي الطوبجي ببغداد تستحق القراءة .. هي وصف لخراب النفوس الذي خلفه شعار "المظلومية الشيعية" .. وهي بعد ذلك وهنا الاهم تشير الى سذاجة وتسطيحية شعار "اخوان سنة وشيعة" المغيب لأسئلة الازمة .. ليس بالشعارات وحدها تعيش وتبنى الاوطان .

عنوان المقال هو " هدوء يملئه / يشوبه الحذر" .. وكان الاحرى ان يُعنون "هدوء يملئه الحقد" .. لانه بذلك سيصف ما يعتمل بنفوس الـ "اخوان سنة وشيعة" بصورة ادق .. لنستمع الى حكايات سكنة حي الطوبجي .. لنستمع لبعض حكايات الزمن القبيح :

على بشير سني يضع صورة الحسين في بيته لكي يحضى برضى وبالتالي حماية جيرانه الشيعة .. حيدر المنشداوي وهو شيخ عشيرة شيعي يقول "هُم من جديد يعيشون سوية ولكن العلاقة لم تعد كما كانت" .. خالد جمال حسين وهو صيدلي سني يقول " القتل توقف في الطوبجي ولكن الناس ما زالوا يريدون الأخذ بثاراتهم" .. ابو سجاد هو سرسري من سرسرية "جيش مهدي" يقول ان "ثلاثين بالمئة من جيش المهدي "شعبة الطوبجي" ما زالوا فيها بانتظار الوقت المناسب للخروج" .. وهو يضيف بفخر العبيد " مقتدى الصدر امرنا بالقاء سلاحنا ولكننا سنحمله من جديد حين يعطينا الاوامر" .. اشششش .. اصمت يا هذا .. فالقوم نيام .. والدريلات ايضا !!

نعم هناك هدوء كما يقول المقال .. ولكنه يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة .. وهناك صمت .. وهو صمت مثير للقرف .. انه صمت القطعان .. فالقطعان لاتطرح اسئلة لاتستطيع الاجابة عليها .. من هنا الاستسلام الى المثل الخانع " اكعد بالشمس علما يجيك الفيء" .. ومن هنا كليشات السُذّج عن الديمقراطية والوطنية والعلمانية .. ومن هنا صياح "صكاكة الثقافة" الذين يطرحون اسئلة الازمة ارضا لكي يغيبونها قتلا .

وهناك بعد هذا وذاك "صمت" ثقافة الغثيان .. وما ادراك ما ثقافة الغثيان؟ ثقافة الغثيان هو ان تُختَتم فعاليات مهرجان شعري في عراق اليوم بزيارة جماعية للمشاركين فيه لمرقد الحسين !! وهي انك ما زلت تسمع "حكواتية" الثقافة العراقية يقصون على من قُتِلوا بالدريل رحلة كلكامش بحثا عن الخلود !! وهي اخيرا ان تسمع "ثقافة الشعراء البزاخة" تقص على "التصحر" العراقي المخيف حكاية الجنائن المعلقة !!

آه كم اتمنى رؤية اليوم الذي ستتحرر فيه الثقافة العراقية من فاشية الطرح الشعري للتاريخ .. آه كم اتمنى رؤية اليوم الذي سنتخلى فيه عن اسطورة "السبعة الاف سنة حضارة" !! متى سنفهم ان شعب ينتج "قادة" كمقتدى الصدر لا تربطه بالحضارة أية رابطة .. متى نفهم ان شعب يقتل بالدريل ويحرق البشر باسم ثارات القرون الوسطى بعيد كل البعد عن الحضارة .. آه كم اتمنى رؤية اليوم الذي سنقبل فيه حقيقة ان حاضرنا فقط هو دليل ومعيار تحضرنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق