2010/04/13

الووو موسكو هنا بغداد .. نهاية حزب


الحزب الشيوعي العراقي لم يحصل على اي مقعد في الانتخابات الاخيرة!! هزيمة قاسية لحزب اعتاد ادعاء دور تاريخي اكبر من حجمه.. مقالات شيوعية كثيرة خرجت علينا مؤخرا تبرر هذه النهاية المذلة للحزب الشيوعي.. ومع ذلك لا جديد تحت "السماء الحمراء" .. فكلمات الاقلام الشيوعية تكاد تتشابه: القيادات، القيادات ثم القيادات هي السبب عن هذه النهاية!! 
سهيل سامي نادر مثلا يقول ان "القيادة الشيوعية غامرت بسمعة الحزب واليسار في اشتراكها بلعبة خاسرة" وهي "العملية السياسية التي ادارها بريمر".. من هنا السقوط المذل.. وسلام عبود في مقال "موت الماركسية المبتذلة" لايخرج عن هذا الاطار عندما يقول" لقد أنتجت التجربة الشيوعيّة العراقيّة جيلاً من القادة على درجةٍ عاليةٍ من فقدان السويّة السياسيّة" وهم "شيوعيو العراق ـ جناح بريمر" كما يسميهم .. ويضيف عبود: "لقد ازدادت صورةُ القائد الشيوعيّ تلوّثًا حين وَجدت القواعدُ الحزبيّةُ أمينَ عامٍّ سابقًا كـ [...]، قاد الحزبَ عقودًا، يقدّم أوراقَ اعتماده إلى حاكمٍ محتلّ".

سلام عبود يميز هنا بين القيادات الشيوعية وبين ما يسميه بـ"القواعد الحزبية".. بمعنى ان القواعد الحزبية لم تكن مع الاحتلال.. وهذا كلام غير دقيق.. نعم هناك شيوعيون كافراد رفضوا الاحتلال الامريكي من منطلق وطني.. اما القول بان "القواعد الحزبية" لم تكن مع الاحتلال فهو كلام انشائي.. عبود يتكلم عن "قواعد حزبية" شيوعية ولكنه لايقول لنا اين هي تلك القواعد الحزبية.. لانه لم يفهم بعد ان جزءا كبيرا من تلك "القواعد الحزبية" اصبح اليوم يُنظّم مواكب اللطم ويردد شعارات المظلومية!! من "يا ياعمال العالم اتحدوا" الى "يا شيعة العراق اتحدوا".. الغوغائية واحدة.. ومع ذلك ليس هنا المهم.

القول بان الحزب الشيوعي العراقي سقط لانه تعاون مع الاحتلال الامريكي هو كلام مصاب بقصر نظر تاريخي.. ربما شَكّل تعاون الحزب الشيوعي مع المحتل الامريكي رصاصة الرحمة للحزب.. بعد موته السريري الذي تبع اصطفاف الشيوعيين الى جانب ايران في حربها ضد العراق.. ولكن مسار السقوط ابعد زمنيا.. فالحزب الشيوعي العراقي سقط مبدئيا في بداية العهد الجمهوري عندما كان اول حزب نصب حبال المشانق في مظاهرات الشوارع.. آنذاك كان غوغاء الحزب الشيوعي يرددون "ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة".. ووحشية مذبحة كركوك التي ارتكبها الشيوعيون "لم يفعلها لا هولاكو ولا الصهاينة" بتعبير حليفهم عبد الكريم قاسم الذي يسجله حنا بطاطو.

وهذه الحقيقة التاريخية لا يستوعبها الشيوعيون حتى اليوم.. هم ما زالوا مسترخين في محكيتهم عن العنف البعثي في انقلاب 1963 وعن الدكتاتورية البعثية.. متناسين انهم كانوا اسبق في مضمار العنف.. ومتناسين ايضا ان اول شعار دكتاتوري في تاريخ العراق الحديث هو شعار "ماكو زعيم الا كريم".. وهو شعارهم.. ناهيك عن ان كل الاحزاب الشيوعية التي استلمت سلطة في دول اخرى شيدت انظمة دكتاتورية.. شيدت"جمهوريات اسلاك شائكة" بتعبير البير كامو البارع.

من هنا فليس صحيحا ما يقوله سهيل سامي نادر في مقاله من ان " تراث الشيوعيين العراقيين النظري يوازي صفرا".. وهي جملة تعني ضمنيا ان تراثهم العملي باهر.. فعمليا ايضا وفي كل لحظات العراق المصيرية.. من مذابحهم التي حددت عنف العهد الجمهوري.. مرورا باصطفافهم الى جانب ايران في حرب الثمانينات.. وانتهاءا بالتعاون مع الاحتلال الامريكي.. في كل تلك "الامتحانات" الصعبة والمصيرية للعراق حصل الحزب الشيوعي عمليا على صفر.. "سقط" في امتحانات العراق.. اذا نظريا وعمليا كان "تراث" الحزب الشيوعي العراقي صفرا.. رغم ان كلمة "تراث" التي يستخدمها نادر هنا لا معنى لها منطقيا.

هناك جملة للمفكر اليساري
كاستورياديس قالها وصفا لما ألت إليه امور الشيوعيين.. استحضرها لانها جملة تصف ايضا نهاية الحزب الشيوعي "العراقي".. كاستورياديس يقول ان: "الامبراطورية الرومانية في سقوطها تركت خلفها اثار عظيمة.. اما الحركة الشيوعية في سقوطها فقد خلفت نفايات".

هناك تعليق واحد:

  1. مقالة ممتازة لكنها لم تشر مذابح الموصل وتشر إلى حلقة أخرى من الابتعاد عن الشعب حينما دخلت الجبهة مع البعث والكردستاني أيضا
    تحياتي
    محمود

    ردحذف