أوليفر أوغست في تقرير عن العراق نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية قبل ايام يقول "إن الخطر الأكبر من خطر القاعدة ، هو الخوف السائد داخل النظام السياسي العراقي الحالي: خوف الزعماء من فقدان مزايا المنصب، ومن خذلان الحلفاء لهم، ومن أن يقتلوا بمجرد خروجهم من الحكومة، وهذا الخوف يجعلهم يتمسكون بكراسيهم”.
حتى غير المتخصص في السياسة عندما ينظر لمهزلة الديمقراطية التي يقدمها لنا الساسة الحاليون .. سيقول لك ان ما يجري هو صراع على السلطة .. صراع على السلطة ليس فقط بين “المكونات” كما تسميها لغة ما بعد الدبابة ابرامز .. ولكنه صراع داخل “المكونات” وخصوصا بين الاسلامجية الشيعة.. ماذا نستنتج من هذا الصراع على السلطة وهذا التشبث بالكراسي وهذا الشك والخوف السائد حتى بين ابناء الطائفة الواحدة ؟ اعنى ماذا نستطيع ان نقول اذا ما وضعنا جانبا تحليلات الصحافة الاجنبية التي فهمت متأخرة جدا ان الديمقراطية المحمولة جوا لا تعمل .. ما هو الدرس الذي نستخلصه من هذا الصراع على السلطة ؟
أحد مستشاري نوري المالكي يقول لـ التايمز مبررا هذا الصراع على السلطة المنتج للعطل الديمقراطي : "نحن أبناء صدام (وهو من) شكّل أسلوب تفكيرنا في السياسة".. الصحف الغربية تلتذ بمثل هكذا تفسيرات لان ذلك يعفيها من طرح مسؤوليات بلدانها في الخراب الحالي.. وهي ايضا تفسيرات مريحة للرعاع في جمهورية اللطم الفكري .. مستشار المملوك لم يفهم بعد ان زمن تحميل الماضي اسباب خراب الحاضر قد ولى منذ سنوات .. وخصوصا بعد ان بز الحاضر كل ما سبقة في مضمار الفساد .. وقد بينت سابقا وبالتفاصيل ان الخوف والشك المتبادل السائد بين من يتصدون للعمل السياسي في العراق لم يكن منتج نظام صدام لان جذوره اقدم من ذلك.
ويبقى السؤال ..الا يوجد معنى اعمق لظاهرة الصراع الحالي على السلطة ؟ وبالتحديد ماذا يقول لنا الصراع الحالي بين الاسلامجية الشيعة؟ الم يقولوا لنا في السابق بانهم اقصوا من السلطة لاسباب مذهبية .. الا نجد في الصراع بين ابناء “المكون” الشيعي اليوم ما يكذب تلك المحكية ؟ الا يوجد في هذا الصراع على السلطة بين الشيعة ما يكذب كل محكية المظلومية التاريخية التي تعتقد ان معارك الجمل كانت صراعا بين الخير والشر وليس صراعا على السلطة؟ باختصار الا يوجد لهذا الصراع على السلطة معنى سوسيولوجي تاريخي يخلصنا من سجن النظرة الطائفية التي قتلت العراق؟
تاريخنا القديم مليء بحوادث صراع دموي على السلطة .. وكثيرا ما يتم الاستشهاد بحقيقة ان ثلاثة من الخلفاء الاربعة ماتوا قتلا .. وهو ما دفع بعض المستشرقين الى كليشة عنف الثقافة العربية بسبب طبعها البدوي .. وعلي الوردي هو حامل لواء تلك السخافة الفكرية عندنا .. ولكن الصراع الدموي على السلطة هو شيء عرفته كل الثقافات .. المؤرخ الفرنسي الرصين بول فين يقول مثلا في كتابه “الامبراطورية الرومانية” : “خلال اربعة قرون، ثلثي قياصرة روما ماتوا موتا عنيفا” .. نتيجة للصراع على السلطة .. وهو رقم مذهل.
اذا الصراع على السلطة هو ثابت انثروبولوجي/ انساني عابر للثقافات .. وهو ما يؤكده ماكيافلي .. الذي يقول لنا ما معناه : اذا استندنا الى التجربة والوقائع كمصادر لمعرفتنا .. واذا كانت الافعال وليس المحكيات هي معيارنا في الحكم على الاشياء .. فعلينا ان نستنتج ان الصراع بين البشر من اجل المنافع والسلطة هو ثابت تاريخي .. وماكيافلي يعتبر رائد الفكر السياسي الحديث لانه علّم اوربا هذا الدرس الثمين: لفهم السياسة يجب الانطلاق من الواقع والوقائع التي امام اعيننا لانها اصدق الف مرة من كل المحكيات التاريخية.. وماكيافلي مكروه من قبل اصحاب الخطابات الاخلاقية لانه بالتحديد يعري واقع السلطة .. فهو قد رسم الطبيعة البشرية كما راها وليس كما تقدمها المحكيات التي تتصارع دمويا على السلطة وتخفي صراعها خلف خطابات اخلاقية.. من هنا رده الشهير على من اتهموه بـ سؤ اراءه حيث يقول : ارائي ستكون سيئة لو كان البشر طيبون .. ولكن البشر ليسوا كذلك”.
« Mes avis seraient mauvais si les hommes étaient bons - mais les hommes ne sont pas bons»
وكيل السيستاتي يمارس الجنس مع “زينبيات” الحوزة ويصور “فتوحاته” الجنسية بالموبايل .. وقلت حتى قبل هذه الفضيحة ان ما خفي اعظم .. مليارات الدولارات تختفي في جيوب اسلامجية صدعوا رؤوسنا بخطابات عن القيم المحلية والاخلاق الاسلامية وهي خطب استهوت حتى علمانيو “النص ردن” من صنف ماركس ابو دشداشة .. مخصصات برلماني اسلامجي تصل شهريا الى سبعين الف دولار في بلد يعيش فيه عشرات الالوف على نفايات المزابل .. وكل هذا غير كافٍ لكي تفتح مجتمعات الفضيلة الزائفة عيونها على الواقع كما هو لا كما تقدمه المحكيات الاخلاقية .. فمجتمعات الفضيلة الزائفة يفزعها النظر الى الواقع كما هو.. وهي ان فعلت فهي لاتستنتج الدروس والعبر من ذلك.
باختصار ..عندما ننظر للواقع اليوم كما هو امام اعيننا .. فاننا نرى الاسلامجية الشيعة يتقاتلون في ما بينهم من اجل السلطة .. هم الذين فسروا الصراع على السلطة في العراق على اساس مذهبي فقط .. مقتدى الصدر قتل عبد المجيد الخوئي شر قتلة .. المالكي انقلب على رفيق حزبه الجعفري بسبب عدم رغبة هذا الاخير بترك الكرسي .. الجعفري وعبد المهدي والصدر يقفون اليوم ضد المالكي .. ولو امتلك المالكي امكانيات السلطة لصفاهم دمويا .. ولكنه مجرد “مملوك” محمي من قبل الدبابة ابرامز .
كل هذا يقول لنا شيء في غاية الاهمية خصوصا في مجتمع ما زال ينام في خنادق مذهبية .. وهو ان دافع السلطة اقوى من دافع المذهب .. وفهم ذلك سوسيولوجيا يفند محكية المظلومية التاريخية التي فسرت ثابت الصراع الاسلامي على السلطة كصراع افكار ومبادئ : فتجاذبات صريفة بني ساعدة كانت صراعا على السلطة .. وصراع بني امية وبني هاشم، والذي ما زال يمعن في قتلنا، كان صراعا بين ابناء بيوتات على السلطة .. ومعارك الجمل كانت معارك من اجل السلطة .. مقتدى الصدر قتل عبد المجيد الخوئي من اجل السلطة كما قتل يزيد الحسين من اجل السلطة .. وكل المحكيات التاريخية التي تخندقت ضديا لتفسر معارك الجمل من منظور اخلاقوي (صراع بين الخير والشر) ما هي الا “قصص اطفال” بتعبير فويرباخ..هكذا تكلمت السوسيولوجيا التاريخية.
كل هذا يقول لنا شيء في غاية الاهمية خصوصا في مجتمع ما زال ينام في خنادق مذهبية .. وهو ان دافع السلطة اقوى من دافع المذهب .. وفهم ذلك سوسيولوجيا يفند محكية المظلومية التاريخية التي فسرت ثابت الصراع الاسلامي على السلطة كصراع افكار ومبادئ : فتجاذبات صريفة بني ساعدة كانت صراعا على السلطة .. وصراع بني امية وبني هاشم، والذي ما زال يمعن في قتلنا، كان صراعا بين ابناء بيوتات على السلطة .. ومعارك الجمل كانت معارك من اجل السلطة .. مقتدى الصدر قتل عبد المجيد الخوئي من اجل السلطة كما قتل يزيد الحسين من اجل السلطة .. وكل المحكيات التاريخية التي تخندقت ضديا لتفسر معارك الجمل من منظور اخلاقوي (صراع بين الخير والشر) ما هي الا “قصص اطفال” بتعبير فويرباخ..هكذا تكلمت السوسيولوجيا التاريخية.
لنا ان نستمر في الفهم السحري للتاريخ .. ولنا ان نستمر في الاحتماء بالسايكولوحية البدائية الضدية .. ولنا ان نستمر في الاستمتاع بـ “قصص الاطفال” التاريخية .. ولكن عندها علينا ان نكف عن نقد السلطة والمتصارعين عليها .. لاننا مثلهم مجرمون .. فالاستمرار في الاستماع الى“قصص الاطفال” التاريخية في زمن يُقتل الناس في “تنور الزهراء” هو جريمة .. جريمة لن تنتهي الا عندما يتم ادخال ماكيافلي ومنهجية ماكيافلي في صريفة بني ساعدة .
يا اخي كلامك صحيح ولكن اغلب الشيعة اليوم يكرهون الحكومة الحالية وان هذه الحكومة ليست شيعية بقدر ما هي عميلة لدول الجوار وانت تعرف ذلك جيداً فلماذا تخلط الاوراق ثم انك تكلمت بكل صراحة ومنطقية فلماذا لم تذكر حكومة صدام (السنية) رغم اني لست بمؤيدي الطائفية وكيف دمرت حكومة صدام العراق وارجعته الى العصر الحجري, نرحب دائماً بالطرح الموضوعي والمتجرد
ردحذفوشكراً
تم نشره على
ردحذفhttp://www.aklamkom.com/vb/showthread.php?t=30060