الانتخابات على الأبواب.. وكعادة "الأحزاب" الشيعية التي لا تملك أفكار سياسية.. ولا برامج اقتصادية.. ولا شخصيات كاريزمية لجذب الناخبين!! تلجأ هذه "الأحزاب" الى الشيء الوحيد الذي في جعبتها: اللغة الطائفية.. جلال الدين الصغير.. إمام جامع براثا الذي كان ذات يوم ساحة اعدام لكل من يحمل اسم عمر وعثمان.. قال مؤخرا مهددا "الرعية" الشيعية التي تريد مقاطعة الانتخابات: "هل تريدون ان يعود عبد الزهرة الى خدمة عمر".. اما عمار الحكيم فقد قال اثناء "مهرجانه" الانتخابي بان "هناك من يروج بأن أتباع أهل البيت ليسوا أهلا للحكم والإدارة".. ولهذا السبب اختار "الحكيم" عبارة "لا تضيعوها" شعارا لحملته الانتخابية.. أي انه يحذر الشيعة بأنهم سيضيّعون السلطة إذا ما قاطعوا الانتخابات.
نحن هنا امام نفس حكاية "السعلوة" السنية التي يستخدمها رجال الدين الشيعة في كل مرة يحاول فيها "زعطوط" شيعي الخروج من عتبة "البيت الشيعي"!! نحن هنا امام اجراس الضغينة التي يدقها "رعاة القطيع" في كل مرة يحاول فيها "خروف" شيعي عبور سياج الطائفة وهجرة القطيع.. نحن هنا امام صفارة الإنذار الطائفي التي يطلقها "حرس حدود" الطائفة في كل مرة يحاول فيها شيعي عبور حدود الطائفة للسفر خارج "القبيلة" الشيعية.. باختصار نحن هنا امام سؤال الحدود الطائفية.. التي يسهر على ادامتها رجال الدين الشيعة.. فبلا حدود طائفية ليس هناك طائفة.
السؤال الذي تطرحه فرضية المقاطعة الشيعية للانتخابات من منظور العلوم السياسية هو: لماذا ينوي الكثير من الشيعة مقاطعة الانتخابات.. فالمقاطعة الانتخابية هو موضوع اشبعته العلوم السياسية بحثا ودراسة وتحليلا.. لانه اشكالية تواجه الكثير من الديمقراطيات حول العالم.. ولكن حرامية "اهل البيت" بدل ان يحاولوا طرح هذا السؤال بجدية.. من خلال مناقشته بطريقة عقلانية معاصرة.. ومحاولة إيجاد حلول له من خلال تقنيات الهندسة السياسية التي توفرها العلوم السياسية.. يصرون على "حل" هذا السؤال من خلال "درنفيسات" سقيفة بني ساعدة: إذا لم تنتخب يا شيعي فأن "السعلوة السنية" سوف تأتي للسلطة وستخطف "فريخاتك".. وسترسلهم خدما في بيوت عمر ومعاوية !!! فلا تضيعوها !!
رجال الدين الشيعة يتطرقون لموضوع مقاطعة الانتخابات من خلال هذا "الديالكتيك" الطائفي.. لأن غرضهم هو "تضييع السالفة".. الغرض هو ازاحة سؤال الازمة السياسية التي تضرب الشارع الشيعي.. فخلف المقاطعة تقف ازمة النخب الشيعية مع "رعيتها" الشيعية.. من هنا فان السؤال هو ليس هل يخدم عبد الزهرة عمر.. ام يبقى عبدا لفاطمة الزهراء !! لا، لا.. السؤال الجوهري الذي تحاول "جقلمبات" جلال الدين الصغير اخفائه تحت سجادة الجمناستك الطائفي الممل هو : لماذا يعيش "عبد الزهرة" عاطلا عن العمل بعد اكثر من عقدين من حكم اتباع اهل البيت ؟؟؟ هذا هو السؤال الذي دفع ويدفع اليوم الكثير من "الأصابع البنفسجية" لمقاطعة انتخابات حرامية اهل البيت.. وعمر ومعاوية ليس لهما "لا ناقة ولا بعير" في معمعة "ذات الدولارات" الحالية !!!
كيف حصل ان العراق الذي يملك من الموارد ما يؤهله لكي يكون بمصاف سنغافورة خدميا.. يموت فيه والد "عبد الزهرة" في مستشفيات استعمرتها الجرذان ؟؟؟ كيف حصل ان العراق الذي باع من النفط في العشرين سنة الأخيرة ما يعادل عشرات الترليونات من الدولارات.. كانت كفيلة ببناء دولتين بحجم العراق "من جدة وجديد".. كيف حصل ان هذا العراق ما يزال بلا كهرباء وبلا ماء صالح للشرب؟؟؟؟ كيف حصل ان العراق الذي يقطعه طوليا نهران منحا العالم نظم الري الأولى والحضارات الأولى .. كيف حصل ان هذا العراق يستورد الطماطة من ايران .. بينما عبد الزهرة (كما الملايين) يجلس عاطلا عن العمل؟؟؟؟ هذه هي الأسئلة المدمرة نفسيا التي طرحها ويطرحها الشيعي منذ سنوات.. والاجابة الوحيدة التي توصل اليها هذا الشيعي هي ان نخب الشيعة "ليسوا أهلا للحكم والإدارة".. من هنا دعوات مقاطعة انتخاباتهم المحسومة سلفا لنفس الحرامية ممن يمتلكون المال المسروق والسلاح.
قالوا لهم في السابق أنتم فقراء لأنكم شيعة في دولة يحكمها السنة!! جندوهم بشعار "ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري".. وخاضوا بهم معارك وانتفاضات طائفية.. قالوا لعبد الزهرة بان السماء ستمطر فقهاء ومصلحين.. ولكن السماء امطرت حرامية.. خيبة امل "الرعية" الشيعية بالحاكم الجعفري كبيرة.. من هنا الاهزوجة التي خرجت من الناصرية ابان انتفاضة تشرين: ما نريد حاكم جعفري، تاليها يطلع سرسري"!!
واحد من تلاميذ الحكيم الصيني "كونفوشيوس" سأله ذات يوم: ما هي الاشياء التي يجب ان تتوفر للحكومة لكي تقوم بواجبها.. كونفوشيوس رد قائلا: الغذاء (لكي تطعم الشعب)، والسلاح (لكي توفر الأمن)، وثقة الشعب". وهنا سأله تلميذه: وإذا ما طُلب منك ان تستغني عن واحدة من بين هذه الأشياء الثلاثة.. فأجابه كونفوشيوس: " السلاح". عندها سأله تلميذه الذي كان يريد الوصول الى جوهر الاشياء: وإذا ما طُلب منك ان تستغني عن واحدة مما تبقى.. فأجابه كونفوشيوس: الغذاء. فبلا ثقة بين الحاكم والمحكوم سينهار كل شيء.
و"عبد الزهرة" سيقاطع الانتخابات لأنه فقد الثقة بالحرامية الذين نهبوا "البيت واهل البيت".. ففي السياسة كما في التجارة والعلاقات الاجتماعية.. عندما تفقد مصداقيتك.. تفقد كل شيء.. واظن ولست متأكدا ان كثيرين من الشيعة الذين استمعوا لخطبة عمار الحكيم التي طالبهم فيها بان "لا يضيعوها".. اظن ولست متأكدا.. ان كثيرين من هؤلاء سيقولون في ذواتهم ما يشبه المعنى الذي نجده في مقولة نيتشه البارعة: "ما يزعجني هو ليس إنك كذبت عليّ، ولكن هو انني لن اصُدقك بعد اليوم"!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق