مقال الـ "نيويورك تايمز" عن العراق لهذا اليوم يتطرق لتشرذم عصابات جيش المهدي .. هناك في المقال وصف مفصل لسرقات وجرائم سرسرية جيش المهدي في مدينة الثورة والشعلة والطوبجي .. وهو يعطي لمحات من "جمهورية الطالبان الشيعية" بقيادة "ملا تكتيك" .. بالمناسبة مقال النيويورك تايمز لايتطرق لـ "ملا تكتيك" ودوره في التهدئة مع "الشيطان الاكبر" بناء على اوامر "السرداب الاعلى" .. يقال انه عاكف على دراسة "فقه النكاح" .. لا حدود لنفاق العمامة .
كاتبة مقال النيويورك تايمز، وبسذاجة "صحافة الفنادق" المعهودة ، تُهيكل المقال لكي تقود القارئ الى استنتاج جاهز مسبقا .. استنتاج يردد اليوم على شكل كليشة ينبح بها الاعلام المرتبط بالاحتلال وفحواها تحسن الاداء الحكومي وبالتالي الوضع الامني في العراق .. المقال يقول لنا ان جيش المهدي قد اصبح ضعيفا ..وان احدى علامات هذا الضعف هو ان العشائر الشيعية بدأت تلاحق افراد جيش المهدي ممن قتلوا احد أبناءها لكي تفرض عليهم التعويض العشائري .. ويأتي الاستنتاج النهائي ليربط سببيا بين قوة الحكومة وضعف جيش المهدي .
ولكن الدليل الذي يقدمة المقال على ضعف جيش المهدي (وهو صعود نفوذ العشائر الى الحد الذي يجعلها تلاحق عصابات جيش المهدي وتفرض عليها دفع التعويضات ) هو بحد ذاته دليلا ايضا على ضعف الحكومة .. ان يلجأ الناس الى العشائر من اجل محاسبة القتلة والمجرمين هو أفضل دليل على الضعف الاداري للحكومة .. فجوهر الحكومة هو سيطرتها على وسائل العنف التي تمكنها من فرض القانون .. وعندما تقوم العشيرة بفرض القانون فهي تفضح هشاشة الحكومة .
حنا بطاطو عندما يتطرق للولاءات المتعددة للمجتمع العراقي قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة يورد ما يقوله احد النواب العراقيين في البرلمان العثماني في عام 1910 : " ان تحتمي بعشيرة هو آمن الف مرة من الاعتماد على الحكومة ، وذلك لان الحكومة (العثمانية) لاتقوم باداء واجبها في الردع، بينما العشيرة ، ومهما كان ضعفها، تهب للدفاع عن احد اعضاءها حالما تسمع بظلم وقع عليه " .. وهنا نص بطاطو :
“To depend on the tribe” wrote in 1910 one of Baghdad’s deputies to the Ottoman parliament. “is a thousand times safer than depending on the government, for whereas the latter defers or neglects repression, the tribe, no matter how feeble it may be, as soon as it learns that an injustice has been committed against one of its members readies itself to exact vengeance on his behalf”. BATATU,The Old Social Classes… p.21
النائب العراقي يصف هنا وعلى طريقته جدلية الدولة والعشيرة .. عندما تضعف الدولة تقوى العشيرة وعندما تقوى الدولة تضعف العشيرة .. وهو يقول لنا ان الناس كانوا يلجئون لعشائرهم من اجل ان تحميهم او تطالب لهم بحقوقهم لأنهم كانوا يعتبرون الحكومة ضعيفة وتعجز عن حمايتهم .. وعندما يلجأ الناس اليوم الى عشائرهم فلأنهم يعتقدون ان الحكومة غير قادرة على حماية نفسها .. فمن اين لها القدرة على حمايتهم.
العراقي اليوم مثلا لايذهب الى مراكز الشرطة لانه يعرف انها اوكار للمجرمين والحرامية ..ولانه يعرف ان كثير من جرائم الخطف من اجل المال تمت بمساعدة الشرطة.. وهذا ايضا ما يدفع الناس لِلجوء الى عشائرهم .. وعندما تقوم العشائر اليوم بملاحقة عصابات جيش المهدي فهي تفضح هذا الضعف الاداري لحكومة المنطقة الخضراء .. ليس هناك من دليل اقوى على ضعف حكومة ما من عدم قدرتها على فرض القانون .. وصحافة الفنادق تقول لنا ان الحكومة قوية .
صحافة الفنادق تخون هنا من جديد قرِاءها في الكوكب الامريكي حيث تستهلك الجرائد بالكيفية التي تستهلك بها الكوكاكولا .. هي قد باعتهم ذات يوم حرب سهلة ..هي اليوم تبيعهم انتصار اسهل .. صحافة الفنادق تريد ان تخفي حقيقة واضحة كالشمس في المقبرة الجماعية التي "يحرسها" اليانكي : العراق الامريكي هو فشل سياسي قبل ان يكون امني .. وحكومة المنطقة الخضراء لن تصمد اسبوع واحد بدون المئة والستين الف "بسطال" امريكي وعشرات الالاف من"القنادر" المرتزقة.
تدري عجبتني الأسماء و المصطلحات المستعارة، ده افكر آني هم استخدمها خخخ
ردحذفيا خيي ما ادري شآخرة هالمعمعة، أشو كل واحد يكتل بينا من صفحة..و حاميها حراميها..
تقبل تحياتي و عاش قلمك