قبل سنتين تقريبا طلبت مني مجلة فصلية سويسرية توزع على نطاق محدود ان اكتب مقالة عن العراق بمناسبة مرور سنتين على الاحتلال .. استعيد اليوم ما كتبته فيها انذاك وتستوقفني جملة .. هي لعراقي من سكان بغداد قالها لصحفي امريكي امام مشاهد النهب والسلب والتدمير لبغداد.. هي عندي من افضل ما قيل في الاسابيع الاولى من الاحتلال.
لقد ارتكب صدام جرائم كثيرة ولكن جريمته الكبرى تكمن في سماحه للامريكيين بدخول بغداد.
بعد اربع سنوات احتلال نستطيع اشتقاق جمل اخرى لاتقل صدقا ومرارة عن هذة الجملة .. نستطيع ان نقول ان امريكا قد ارتكبت جرائم كثيرة في العراق .. ولكن جريمتها الكبرى تكمن في تمكينها لحثالات ولحرامية من تجار السياسة من قرصنة وظيفة الكلام باسم العراقيين وبالتالي "الحكم" باسمهم .. ونستطيع ان نقول ايضا ان هولاء الحثالات والحرامية قد ارتكبوا جرائم كثيرة بحق العراق .. ولكن جريمتهم الكبرى تكمن في التأسيس الشمولي للطائفية السياسية.
اربع سنوات قدمت فيها الديمقراطية الامريكية المستوردة خيارات كثيرة للعراقيين .. لك يا عراقي ان تختار بين عمامة سوداء او عمامة بيضاء .. ولك ان تختار بين ان تقتل او تُقتل .. لك ايضا ان تختار في زمن الحرية الامريكية ما بين التصويت بالبندقية او" التصويت برجليك" / الهروب من العراق .. لا صوت لمن لا يقتل .. اقتل تحصل على حقك بالكلام .. شكّل ميليشيا من الحرامية والقتلة وجهزهم بالسلاح تحصل على ربع مقاعد البرلمان .. هكذا تم تأسيس عراق القتلقراطية.
اربع سنوات تم خلالها قتل نصف مليون عراقي على الاقل .. وتم تهجير ما يقارب اربعة ملايين عراقي من منازلهم ، مليونان من هولاء قد تركوا العراق .. احد الصحفيين الفرنسين يحاول مذهولا تقريب تلك الارقام المجردة بعراقيتها البعيدة فيقول للجمهور الفرنسي "تصورا ان خمسة عشر مليون فرنسي يُهجرون من منازلهم وسبعة ملايين ونصف يهربون من فرنسا خلال اربع سنوات" .. اترك لكم ان تقدروا النسبة امريكيا.
اربع سنوات ومن تسببوا في هذة الجريمة لا زالوا يتلذذون بساديتهم الطائفية وبدماء العراق .. اربع سنوات ولا زالت العمامات تثمل بحقائقها الشيطانية .. اربع سنوات والجلبي، الذي استعاد مطحنة ابيه بعد تدمير الدولة العراقية، ما زال متشبثا بمساعدة الفتاوى السيستانية بقوانين الاجتثاث التي دمرت العراق (دول اوربا الشرقية وبعد سقوط انظمتها الشيوعية تجنبت مثل تلك القوانين لكي تحافظ على سلمها الداخلي) .. اربع سنوات ومن نصبوا انفسهم خبراء للشأن العراقي لازالوا متقوقعين في تحليلاتهم التي دمرت العراق .. اربع سنوات وكنعان مكية يصر، خلال لقاء اجرته معه النيويورك تايمز قبل اسبوعين، على عبقريته التحليلة للماضي العراقي.
كنعان مكية الذي عمل مستشارا لمخطط تدمير العراق وجد اخيرا وبعد خراب البصرة اسباب الفشل الامريكي في العراق .. انها حالة المجتمع العراقي المزرية بعد خمس وثلاثين سنة من حكم البعث .. وهو بذلك يريد ان يقول ضمنيا أن الفشل الامريكي سببته تركة صدام .. فترة حكم صدام هي موضوع مكية المفضّل وعنها وضع كتابه "جمهورية الخوف" .. لم يعي مكية بعد ان "جمهورية خوفه"، ومن خلال تركيزها المرضّي على الجانب المحلي للشأن العراقي (البعث وصدام) واهمالها للبعد الاقليمي والدولي لمشاكل العراق والمنطقة ، قد عملت على تبسيط وتسطيح مشاكل العراق المعقدة وبالتالي ساهمت في تشييد "جمهورية القتل" الحالية .. هو اليوم يعترف بأخطاء كثيرة ولكن ليس بخطأ تحليلاته التي ساهمت بقتل العراق.. وهو، في لحظة الهام غير مسبوقة، ينتقد صديقه في النضال احمد الجلبي من دون ان يسميه ويحمله مع غيره من تجار السياسة مسؤولية الطاعون الطائفي الذي يفتك بالعراق اليوم.. وهو بعد ذلك يعترف انه اساء تقدير درجة التدمير التي اصابت المجتمع العراقي قبل الاحتلال.. وهو لذلك يحضر لكتاب اخر ليفهم ماذا فعلت 30 سنة دكتاتورية لذلك المجتمع الذي افشل المشروع الامريكي العبقري.
كيف حصل ان مكية خبير الشأن العراقي لم يستطع استيعاب ما كان يعرفه كل عراقي بسيط انذاك وهو ان المجتمع العراقي كان مثخنا بالجراح ومنهكا قبل الاحتلال .. ليس بسبب حروب صدام فقط ..وانما بسبب جريمة الحصار الامريكي ايضا .. هنا تكمن مسؤولية مكية ورفاقه في "النضال" .. هم ارادوا تغيير العراق من دون فهم واقع العراق .. ارادوا علاج جرح عميق من دون تحليل دقيق .. تصدوا لمهمة العلاج من دون تهيئة شروط نجاح العلاج .. واول تلك الشروط هو ان لايكون الطبيب دجالا .. كان على خبير الشأن العراقي ان يعلم ان اخر ما كان يحتاجة العراق هو خطاب ايديولوجي اخر.. هو الذي حمّل ايديولوجية البعث مسؤولية مشاكل العراق .. كان على من يتصدى لعلاج هذا المجتمع ان يكون مسلحا بمعرفة حقيقية وليس فقط بايديولوجيا محمية بدبابات جبانة.
كلمة اخيرة بخصوص مكية .. اياكم ان تطلبوا منه اعتذارا.. فهو وتعليقا على خبر اعتذار هيلاري كلنتون (لاسباب انتخابية بالطبع ) عن تصويتها الى جانب قرار شن الحرب على العراق .. يقول
“That’s so Maoist, People shouldn’t feel the need to apologize. What is there to apologize for ”
لماذا الاعتذار !! صحيح الاعتذار عن ماذا ؟ هل يستحق تدمير العراق .. تفخيخ مجتمعه طائفيا ..وقتل نصف مليون عراقي .. وتهجير اكثر من مليونين من سكانه خلال اربع سنوات الى اعتذار .. كلا .. هذه اخلاقيات ماوية .. اريد فقط ان اذكر ان من يقول هذا الكلام هو شخص اخذ على عاتقه مشروع الذاكرة العراقية الذي يريد تسجيل جرائم النظام السابق.
نعم ان المجتمع العراقي كان مثخنا بالجراح ومنهكا.. ونعم ان صدام يتحمل مسؤولية كبيرة في تلك التركة .. ولكن السياسات التي طبقت خلال السنوات الأربع الأخيرة ومخلفاتها التي دمرت العراق تتحملها امريكا "والأربعين" حرامي من أصحاب مكية في "النضال الطائفي .. عندما يتجاهل من يتصدى للتغير الشروط المُمكنة للتغير فهذا يعنى انه مسؤول عن فشل التغير.. وهو حتما مسؤول عن التدمير.
في الثاني من الشهر الماضي نشرت الغارديان مقال تحليلي لـ جوناثان ستيل يعالج فيه احداث حرق نصب حلبجة التذكاري على يد سكان حلبجة انفسهم في العام الماضي، احتجاجا على القيادات الكردية الحالية التي توظف جروح الماضي من اجل كسب الدولارات في حين ان سكان حلبجة يعانون الأمرين .. مقالة ستيل تنتهي بهذه الكلمات :
The time for dumping every complaint on the old regime is over
نعم .. زمن التعكز على الماضي من اجل تبرير سياسات وجرائم الحاضر قد ولى.
لقد ارتكب صدام جرائم كثيرة ولكن جريمته الكبرى تكمن في سماحه للامريكيين بدخول بغداد.
بعد اربع سنوات احتلال نستطيع اشتقاق جمل اخرى لاتقل صدقا ومرارة عن هذة الجملة .. نستطيع ان نقول ان امريكا قد ارتكبت جرائم كثيرة في العراق .. ولكن جريمتها الكبرى تكمن في تمكينها لحثالات ولحرامية من تجار السياسة من قرصنة وظيفة الكلام باسم العراقيين وبالتالي "الحكم" باسمهم .. ونستطيع ان نقول ايضا ان هولاء الحثالات والحرامية قد ارتكبوا جرائم كثيرة بحق العراق .. ولكن جريمتهم الكبرى تكمن في التأسيس الشمولي للطائفية السياسية.
اربع سنوات قدمت فيها الديمقراطية الامريكية المستوردة خيارات كثيرة للعراقيين .. لك يا عراقي ان تختار بين عمامة سوداء او عمامة بيضاء .. ولك ان تختار بين ان تقتل او تُقتل .. لك ايضا ان تختار في زمن الحرية الامريكية ما بين التصويت بالبندقية او" التصويت برجليك" / الهروب من العراق .. لا صوت لمن لا يقتل .. اقتل تحصل على حقك بالكلام .. شكّل ميليشيا من الحرامية والقتلة وجهزهم بالسلاح تحصل على ربع مقاعد البرلمان .. هكذا تم تأسيس عراق القتلقراطية.
اربع سنوات تم خلالها قتل نصف مليون عراقي على الاقل .. وتم تهجير ما يقارب اربعة ملايين عراقي من منازلهم ، مليونان من هولاء قد تركوا العراق .. احد الصحفيين الفرنسين يحاول مذهولا تقريب تلك الارقام المجردة بعراقيتها البعيدة فيقول للجمهور الفرنسي "تصورا ان خمسة عشر مليون فرنسي يُهجرون من منازلهم وسبعة ملايين ونصف يهربون من فرنسا خلال اربع سنوات" .. اترك لكم ان تقدروا النسبة امريكيا.
اربع سنوات ومن تسببوا في هذة الجريمة لا زالوا يتلذذون بساديتهم الطائفية وبدماء العراق .. اربع سنوات ولا زالت العمامات تثمل بحقائقها الشيطانية .. اربع سنوات والجلبي، الذي استعاد مطحنة ابيه بعد تدمير الدولة العراقية، ما زال متشبثا بمساعدة الفتاوى السيستانية بقوانين الاجتثاث التي دمرت العراق (دول اوربا الشرقية وبعد سقوط انظمتها الشيوعية تجنبت مثل تلك القوانين لكي تحافظ على سلمها الداخلي) .. اربع سنوات ومن نصبوا انفسهم خبراء للشأن العراقي لازالوا متقوقعين في تحليلاتهم التي دمرت العراق .. اربع سنوات وكنعان مكية يصر، خلال لقاء اجرته معه النيويورك تايمز قبل اسبوعين، على عبقريته التحليلة للماضي العراقي.
كنعان مكية الذي عمل مستشارا لمخطط تدمير العراق وجد اخيرا وبعد خراب البصرة اسباب الفشل الامريكي في العراق .. انها حالة المجتمع العراقي المزرية بعد خمس وثلاثين سنة من حكم البعث .. وهو بذلك يريد ان يقول ضمنيا أن الفشل الامريكي سببته تركة صدام .. فترة حكم صدام هي موضوع مكية المفضّل وعنها وضع كتابه "جمهورية الخوف" .. لم يعي مكية بعد ان "جمهورية خوفه"، ومن خلال تركيزها المرضّي على الجانب المحلي للشأن العراقي (البعث وصدام) واهمالها للبعد الاقليمي والدولي لمشاكل العراق والمنطقة ، قد عملت على تبسيط وتسطيح مشاكل العراق المعقدة وبالتالي ساهمت في تشييد "جمهورية القتل" الحالية .. هو اليوم يعترف بأخطاء كثيرة ولكن ليس بخطأ تحليلاته التي ساهمت بقتل العراق.. وهو، في لحظة الهام غير مسبوقة، ينتقد صديقه في النضال احمد الجلبي من دون ان يسميه ويحمله مع غيره من تجار السياسة مسؤولية الطاعون الطائفي الذي يفتك بالعراق اليوم.. وهو بعد ذلك يعترف انه اساء تقدير درجة التدمير التي اصابت المجتمع العراقي قبل الاحتلال.. وهو لذلك يحضر لكتاب اخر ليفهم ماذا فعلت 30 سنة دكتاتورية لذلك المجتمع الذي افشل المشروع الامريكي العبقري.
كيف حصل ان مكية خبير الشأن العراقي لم يستطع استيعاب ما كان يعرفه كل عراقي بسيط انذاك وهو ان المجتمع العراقي كان مثخنا بالجراح ومنهكا قبل الاحتلال .. ليس بسبب حروب صدام فقط ..وانما بسبب جريمة الحصار الامريكي ايضا .. هنا تكمن مسؤولية مكية ورفاقه في "النضال" .. هم ارادوا تغيير العراق من دون فهم واقع العراق .. ارادوا علاج جرح عميق من دون تحليل دقيق .. تصدوا لمهمة العلاج من دون تهيئة شروط نجاح العلاج .. واول تلك الشروط هو ان لايكون الطبيب دجالا .. كان على خبير الشأن العراقي ان يعلم ان اخر ما كان يحتاجة العراق هو خطاب ايديولوجي اخر.. هو الذي حمّل ايديولوجية البعث مسؤولية مشاكل العراق .. كان على من يتصدى لعلاج هذا المجتمع ان يكون مسلحا بمعرفة حقيقية وليس فقط بايديولوجيا محمية بدبابات جبانة.
كلمة اخيرة بخصوص مكية .. اياكم ان تطلبوا منه اعتذارا.. فهو وتعليقا على خبر اعتذار هيلاري كلنتون (لاسباب انتخابية بالطبع ) عن تصويتها الى جانب قرار شن الحرب على العراق .. يقول
“That’s so Maoist, People shouldn’t feel the need to apologize. What is there to apologize for ”
لماذا الاعتذار !! صحيح الاعتذار عن ماذا ؟ هل يستحق تدمير العراق .. تفخيخ مجتمعه طائفيا ..وقتل نصف مليون عراقي .. وتهجير اكثر من مليونين من سكانه خلال اربع سنوات الى اعتذار .. كلا .. هذه اخلاقيات ماوية .. اريد فقط ان اذكر ان من يقول هذا الكلام هو شخص اخذ على عاتقه مشروع الذاكرة العراقية الذي يريد تسجيل جرائم النظام السابق.
نعم ان المجتمع العراقي كان مثخنا بالجراح ومنهكا.. ونعم ان صدام يتحمل مسؤولية كبيرة في تلك التركة .. ولكن السياسات التي طبقت خلال السنوات الأربع الأخيرة ومخلفاتها التي دمرت العراق تتحملها امريكا "والأربعين" حرامي من أصحاب مكية في "النضال الطائفي .. عندما يتجاهل من يتصدى للتغير الشروط المُمكنة للتغير فهذا يعنى انه مسؤول عن فشل التغير.. وهو حتما مسؤول عن التدمير.
في الثاني من الشهر الماضي نشرت الغارديان مقال تحليلي لـ جوناثان ستيل يعالج فيه احداث حرق نصب حلبجة التذكاري على يد سكان حلبجة انفسهم في العام الماضي، احتجاجا على القيادات الكردية الحالية التي توظف جروح الماضي من اجل كسب الدولارات في حين ان سكان حلبجة يعانون الأمرين .. مقالة ستيل تنتهي بهذه الكلمات :
The time for dumping every complaint on the old regime is over
نعم .. زمن التعكز على الماضي من اجل تبرير سياسات وجرائم الحاضر قد ولى.
Marhaba Kareem,
ردحذفwelcome back..
a very good articel..and an extremely sad one.. u always write (ala jorh el ghalob)..
sitiing w the weather so cloudy and gloomy, yr post made feel even deeper how great is the loss.. how hard is the hope.. to hope that one day iraqna yejae.. will it ever ??..
ashat eedak..
Hello Kareem,
ردحذفits taking you a long time buying Klecha.. where r u ?
i just heard ab Jisr el Sarrafeye.. i feel like crying..
Sabah el Kher Kareem,
ردحذفi was hoping to find a new post of yrs, it always gives me a kind of assurance (yemken ma tsaddegh) .. but maybe sadness engulfes ev thing.. i feel the same too but forced myself to write today..
i dont want to blv yr words ab the coming catastrophic age.. i want to keep one glimpse of light in front of me, otherwise i cant go on.. i told u b4, trouble is i always look back ..
Thank u for visiting Set Methal w me.. thank u for yr kind words..Daeman tkhajjelnee..
Bas Afya Kareem dont b long and write to us soon, Wallahe u dont know maybe how much yr Darbouna means to us , filled with warmth..i said that b4..
its ok to go buy klecha, but never forget that there s Khottar waiting in yr darbouna..
take care..
this is an excellent blog! good job!
ردحذف