في كتابه "تاريخ العراق السياسي الحديث" يستخدم المؤرخ عبد الرزاق الحسني مفردة "الشيعيون" .. ولكنه يطلقها على جميع الشيعة.. اي ان الحسني يستخدم مفردة "الشيعيون" كمرادف لمفردة الشيعة ومعناها العام السائد .. انا ساستعير من الحسني مفردة "الشيعيون" ولكني سامنحها معنى اخر.
مفردة "الشيعيون" عندي تنحصر بصنف محدد من الشيعة .. فليس كل من ولد لعائلة شيعية هو "شيعوي" .. ما يميز الشيعيون عن غيرهم من الشيعة هو انهم يهدفون الى جعل الطائفة البنية الاساسية للتنظيم السياسي في العراق .. الشيعيون يرفضون النظر للفعل السياسي خارج حدود الطائفة .. واكثر ما يخشاه الشيعيون هو ان يخرج الفعل السياسي من اطار الطائفة.
من هنا فالخوف الذي اعترى الشيعيون مظاهرات الاسبوع الماضي هو ليس من البعثيين او من القاعدة او الجهات المشبوهة .. لا .. ما ارعبهم هو احتمال خروج عدد كبير من الشيعة من "سياج" الطائفة .. ما اخافهم هو خروج الفعل السياسي في العراق من سجن المطالب الطائفية .. ما اخافهم هو ان يعمل السنة والشيعة في اطار سياسي عابر للطوائف .. اخافهم ان يتجمع الناس سياسيا من اجل مطالب اجتماعية عامة وليست طائفية .. من هنا مسارعة الشيعيون لطرح الامر طائفيا عبر مفردات "الجهات المشبوهة" والبعثيين والوهابيين .. لا بل ان بعضهم قالها بوضوح حين رفع فزاعة "احفاد بني امية"!!
يستطيع الشيعيون استغفال وتخويف بعض الشيعة كل الوقت ولكنهم لن يكونوا قادرين على استغفال كل الشيعة كل الوقت .. وكلام ليث منتصر يؤكد ذلك .. ليث هو شاب فقير من انصار الصدر .. ليث قال قبل المظاهرة الاخيرة إنه «على رغم تراجع الهيئة السياسية للتيار الصدري عن دعوتها إلى التظاهر لكني سأخرج للمطالبة بحقوقي وحقوق هذا الشعب التي نهبت» وأضاف: «أنا شاب تجاوزت الخامسة والعشرين وعاطل من العمل وليس لدي مسكن أنا وعائلتي. كان أملنا في قادة التيار الصدري بإنصاف المظلومين في البلاد لكنهم ما أن تذوقوا حلاوة السلطة وانغمسوا بنعمتها حتى نسوا من أوصلهم الى هذه المراكز» .. انتهى.
في السابق كان الشيعيون يقولون لامثال ليث "انتم فقراء لان الحاكم سني" .. في السابق كانوا يقولون للفقير الشيعي انت فقير لانك شيعي في دولة يحكمها السنة ..اليوم وبعد ثماني سنوات فساد من حكم "الشيعيون" ما عاد الفقير الشيعي يصدق تلك الحجة .. ليث لم يعد يصدقهم .. السلطة تعري اكاذيب الشيعيين.
لك ان تجند كل الائمة والقديسين .. لك ان تجتر ليل نهار خطب وخطابات نهج البلاغة.. لك ان تدعي انك من "فروخ النبي" .. ولك ايضا ان تدعي انك تملك وكالة مفاتيح الجنة ودكاكين صكوك الغفران .. ولك بعد هذا وذاك ان تستخدم الفزاعة البعثية لكي يرتجف الاتباع .. لك كل هذا .. ولكن بما انك فاسد .. بما انك في الواقع حرامي .. فان الناس لن تصدقك .. طالما انك حرامي وفاسد ومن العيار الثقيل .. فان خطابك مصاب بمرض فقدان القدرة على الاقناع.