2020/06/24

في البدء كانت "الطماطة"


 اذا ما قال حصانك " انا جميل" .. فهذا شيء يمكن قبوله .. اما انت، عندما تتفاخر قائلا " انا املك حصان جميل".. فأنك تتفاخر بشيء يخص حصانك 

 هذه المقولة تنسب للفيلسوف الرواقي ابكتيتوس .. وهي مقولة تسخر مِن كل مَن يتفاخر بشيء ليس له .. مقولة تنتقد كل متبجح بأشياء ليست من صنعه .. هي دبوس لكل ذات منتفخة بالفراغ .. استحضرها وانا اسمع واقرأ التبجح المبالغ به لبعض العراقيين بحضارات ما بين النهرين القديمة .. عبارات و جمل من مثل "نحن بلد الحضارةو "مهد الحضارة" تصيبني بالغثيان وانا اسمعها في بلد لا يصنع حتى معجون طماطة.

العراق الذي يقطعه طوليا نهران انتجا المدن الاولى والحضارات الاولى و نُظُمْ الري الاولى .. العراق الذي كانت تسمى ارضه يوما ما بـِ أرض السواد لكثرة خضرتها (كما يقول ابن منظور في لسان العرب)..  هذا العراق يدفع اليوم مئات الملايين من الدولارات من ميزانيته لاستيراد الطماطة من ايران.

شعب يمتلك ارض خصبة ونهرين .. شعب فيه ملايين العاطلين عن العمل.. ويستورد الطماطة .. ماذا اقول .. مثل هكذا شعب ليس جديرا بالحضارات القديمة التي نظمت ماء النهرين .. وطوعت طينهما .. وعمرت الارض بسنابل القمح.. فالحضارة قبل ان تكون زقورات وقصور ومسلات.. هي قمح وتمور و"طماطة".. في البدء كانت الزراعة. 

نعم .. الحضارات السومرية والبابلية والاشورية هي "خيول" جميلة ركضت على نفس الارض .. ولكنها ليست لنا.. وانت ايها التنبل الذي لا ينتج حتى الطماطة .. عندما تتبجح بهذه الخيول الجميلة .. فانت مثل القَرْعاء التي تتباها بِشَعْرِ جَدتها السابعة عشر .

قل لي ماذا فعلت انت .. ماذا شيدت .. ماذا صنعت بواحد من اغنى بلدان العالم من حيث الموارد الطبيعية.. انظر من حولك .. لا شيء .. خراب في خراب في خراب .. عندما تقوم بانجاز شيء يستحق الاشادة به .. عندها فقط يحق لك الافتخار .. بانتظار ذلك .. عليك ان تصمت.. بلد يتحكم به جهلة من مثل مقتدى القذر.. مثل هكذا بلد لا يحق له ان يتفوه بكلمة حضارة .

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف27 يونيو, 2020

    اعتقد السبب الرئيسي هو ان الصعاليك لم يجدو لهم انجازاً يواكب التقدم ليفتخرو به ولم يتركو اثراً جميلاً للبلد الذي يعيشون به وبحثو ملياً عن شيئاً يملئ عقدهم النفسية فلم يجدو الا حضارات العراق يتاجرون بها لأنها الشيء الوحيد الذي لايزال العالم يذكره ، فالصعاليك تعلقو بهذه الشماعة لينسبو لأنفسهم ماليس لهم مثل علاوي ابو العمبة وحمودي ابو الفلافل الذين لايعرفون يقرأون ولايكتبون ولكنهم علمو الناس القرائة والكتابة ، فهذا هو المنطق السائد اليوم في بلد الحضارات ، فأنا لا الومك عندما تصاب بالغثيان يا استاذنا الفاضل فأنا ايضاً اصاب بالغثيان وبمرارة المعدة بسبب هؤلاء الصعاليك

    ردحذف