الناس البسطاء في العراق من البصرة مرورا بالفلوجة وحتى حلبجة لايفكرون ايديولوجيا.. وهم في البصرة كما في الفلوجة لو استطاعوا لخرجوا في مظاهرات كما فعل اهالي حلبجة في وجه الاستخدام السياسي للجرح : اعطني ماء لاصنع عجينة خبزي ، اعطني حزمة ضوء فابنتي تخاف الظلمه وشارعا خال من المليشيات.. اكتب هذا وانا افكر في قصة اتفاق بين عراقي شيعي تم تهديده في الكرمه ( قرب الفلوجة) وعراقي سني تم تهديده في منطقة الشعلة/بغداد لتبادل بيتيهما موقتا .. وهي قصة رواها لي ابن عم احدهما.
نحن هنا امام "استراتيجية" حياة بسيطة وفعالة عمليا ودليل مرونة العراقي الذي نحب .. اعترف انها لاتؤثر في الواقع كما تؤثر فيه المفخخات وفرق الموت .. ليس لانها قصة ضعيفة رمزيا .. ولكن لانها غير مسموعة مقارنة بافعال وبتصريحات المأزومين.. وهي تُرينا حقل الممكن في عراق الاصطفافات.. نعم هناك حاليا اصطفاف طائفي اكبر مما كان عليه قبل ثلاثة سنوات .. لماذا ؟ لان الاصوات المأزومة الصارخة بالقتل والانفجارات تصرخ بأسم الاغلبية المسالمة.
قد لانستطيع فعل الكثير في ظل الظروف السائدة التي لاتترك لنا الكثير.. ولكن ما تتركه لنا ليس بقليل: عدم التخندق.. قصة هذين الشخصين هي معركة الحياة ضد الخندق.. اذا كان ولابد من الانحياز او الاصطفاف فانا افضل ان انحاز للحياة لا للخندق .. خصوصا اذا عرفت بأن الخنادق مفخخة .. ان عدم الاصطفاف طائفيا هو انحياز للعراق.
اعرف ان هناك الان في ديمقراطية الموت ،وفي اللحظة التي اكتب فيها، "دريلات"جبانة تدنس الرؤوس.. ولكن في اللحظة التي نترك فيها لقصص الخوف ان تفبرك تصورات الناس فاننا نسهل اكثر عملية استيلاءهم على العراق والعراقيين.. ان الاصطفافات الطائفية هي خوف قبل كل شيء.
أن القتلة هم ذوات ضعيفة وخائفة.. ان الضعيف يقتل لكي يقنع نفسه بقوته .. والخائف يقتل لكي يطمئن.. من هنا فأن فضح القاتل هو جزء من عملية تحييده اجتماعيا .. على الاقل امام من يظنوه مدافعا عنهم، وهذا ليس بالشيء القليل..ان خمسة اشخاص يمكنهم تدمير عمل وارادة خمسين الف شخص .. ليس لانهم يلجئون الى اساليب عنيفة .. ولكن لان الخمسة يصرخون بكرههم بينما الاغلبية صامته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق